بحث سابع تشريع يمتريه التبديل والمحو والإسقاط والنسخ إن التشريع المنزل الذي يصلح للتحدي هو التشريع المحكم الذي ينزل مبتدئا ، ولا يعتريه تبديل ولا محو ولا اسقاط ولا نسخ . 1 – والتشريع القرآني يعتوره التبديل ، بنص القرآن القاطع : "واذا بدَّلنا آية مكان آية – والله أعلم بما ينزّل – قالوا : إنما أنت مفترٍ ! (النحل 101) . هذه الظاهرة من مكة ، وقد دامت الى وقت التشريع بالمدينة ، كما يؤيدها مبدأ النسخ وواقعه (البقرة 106) ، والى العرضة الأخيرة . وتشريع يعتوره تبديل في مدى عشر سنوات لا يكون معجزا بذاته . 2 – والتشريع القرآني يلحقه المحو ، بنص القرآن القاطع : "لكل أجل كتاب : يمحو الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أمّ الكتاب" (الرعد 38 – 39) . وتنزيل بالتشريع ، مثبت في أم الكتاب ، أي أصله الذي لا يتغير منه شئ ، كيف يلحق به المحو مثبتا أو منزلا ؟ وتشريع يقتضي المحو بعد تنزيل ، في مدى عشر سنوات ، لا يكون معجزا بذاته . 3 – والتشريع القرآني آفته الاسقاط منه(1) ، بعد تنزيله . بحسب الحديث المتواتر كان يجري اسقاط من القرآن في عرضاته السنوية على جبريل ؛ وفي العرضة الأخيرة سقط منه منسوخ كثير رفعت تلاوته وأحكامه . وعند جمع القرآن "ذهب منه قرآن كثير" ؛ "قبل أن يغيّر عثمان المصاحف" ، على قول ابن عمر والسيدة عائشة(2) . وتشريع يقتضي الاسقاط منه لتقويمه ، في مدى عشر سنوات ، لا يكون معجزا بذاته . 4 – والتشريع القرآني يعتريه النسخ في أحكامه (البقرة 106) . وقد يقع النسخ فيه بين المدني والمكي ؛ وفي المدني بين السورة والسورة ، وفي السورة نفسها بين آية وآية ، ــــــــــــــــــــــــ (1) "قال : اسقطت فيما أُسقِط من القرآن" الاتقان 25:2(2) قابل دروزة : القرآن المجيد 58 ؛ قابل الاتقان 25:2 وأحيانا في الآية الواحدة . قال السيوطي (1) : " النسخ ممّا خصَّ الله به هذه الأمة " . وقد وقع النسخ أثناء التنزيل . وفي العرضة الأخيرة للقرآن رُفع من المنسوخ كثير . ومع ذلك فقد احتوى مصحف علي كثيرا من المنسوخ ، قضى عليه عثمان عند جمعه القرآن . وفي المصحف العثماني بقي ناسخ ومنسوخ تُؤلف فيه الكتب الى اليوم . وتشريع يعتريه النسخ في جميع أطواره لا يكون معجزا بذاته . وتشريع يتّصف بذاته بالتبديل والمحو والاسقاط والنسخ هل يكون من الإعجاز في التشريع ؟ |