القسم الثاني
الأقباط في الانتخابات
تقرير المركز لمتابعة الانتخابات البرلمانية المصرية لمجلس
الشعب
14/10 - 7/12/1995
مدخل
شارك مركز حقوق الإنسان المصري لتدعيم الوحدة الوطنية في أعمال اللجنة
المصرية لمتابعة الانتخابات البرلمانية المصرية وكان عضوا في الأمانة العامة
ممثلا في رئيسه الأستاذ/ موريس صادق المحامي مع باقي رؤساء منظمات حقوق
الإنسان في مصر - وقد كلفت اللجنة المذكورة المركز بالمتابعة والرصد في
الدوائر الانتخابية الآتية وخاصة الدوائر المرشح بها أقباط وهي :
محافظة القاهرة : الشرابية والزاوية الحمراء - شبرا ومهمشة - مصر القديمة
والزهراء ودار السلام - الظاهر والأزبكية - المعهد الفني - الوايلي
محافظة الإسكندرية : اللبان والعطارين - محرم بك
محافظة المنيا : قسم شرطة بندر المنيا
محافظة سوهاج : دائرة المراغة
واستطاع المركز أن يوظف أكثر من 50 مندوب من العناصر النشيطة في مجالات العمل
الاجتماعي والتطوعي لحركة حقوق الإنسان وقام المركز بتدريبهم على عمليات
الرصد والمتابعة والتوثيق وذلك من خلال محاضرات خاصة
كما وردت للمركز شكاوى من بعض المرشحين أغلبها من التيار الإسلامي قام المركز
بتوثيقها في هذا التقرير وفوجئ المركز بعدم قيام لجنة متابعة الانتخابات
بتوثيق الانتهاكات والتوصيات التي اقترحها المركز وهو يأسف لذلك أن يصدر هذا
التصرف المظلم ضد الأقباط من بعض المستنيرين أمثال الدكتور سعيد النجار رئيس
اللجنة الذي قرر أن انتهاكات الأقباط لا يمكن رصدها في تقرير اللجنة ومن
الممكن معالجتها عن طريق ندوة يقوم بها أحد المراكز الإسلامية وفاته ونحن على
أبواب القرن الواحد والعشرين وفي ظل حركة حقوق الإنسان أن نعلن أنه انتهت
وصاية الإسلاميين على الأقباط ونص الدستور على المساواة الكاملة بينهما
والغريب أن اللجنة غطت في تقريرها انتهاكات لصالح الإسلاميين ورفضت إثبات
انتهاكات لصالح الأقباط .
الخليقة التاريخية
عرفت مصر الحياة البرلمانية بداءة من عصر محمد على الذي كان أول حاكم مسلم
اتبع سياسة تسامح حقه وقضى على التفرقة بين القبطي والمسلم واتجهت سياسته إلى
مساواة غير المسلمين بالمسلمين في الحقوق والواجبات وشكل مجلس شورى لمساعدته
مكون من 17 عضوا مهم خمسة من الأقباط ، وعين العديد من الحكام الأقباط
للمراكز والمحافظات ، كما سمح من بعده سعيد باشا للجنود المصريين ممارسة
ديانتهم المسيحية علانية - وفي عهد الخديوي اسماعيل رشح الخديوي اسماعيل عديد
من الأقباط لانتخابات أعضاء مجلس الشورى وقام بتعيين قضاة من الأقباط في
المحاكم ، كما عين نوبار باشا القبطي رئيسا للحكومة وواصف باشا كبيرا
للتشريفات .
وعبر سعد زغلول عن الأوضاع الجديدة للعلاقة بين المسلمين والأقباط بموجب
الدستور 1923 قائلا أن الجميع يتمتع بحقوق واحدة وعليهم واجبات واحدة وأن
جميع المصريين في نظر القانون سواء وأن التقدم والترقي لا يناله إلا أحق
الرجال الذين يستحقونه عن جداره واستحقاق دون التميز بين أحد وآخر - وجرت
الإنتخابات بعد وفاة سعد زغلول في ظل وزارة عدلي للإشراف على الانتخابات في
21/10/1929 ولما بدأت المعركة الانتخابية أعلن حزب الوفد عن مرشحيه ونجح فيها
عدد كبير من الأقباط الذين رشحهم الوفد كسبا ساحقا وكانت هذه المعركة
الانتخابية من أهم ما أثير فيه مسألة التفرقة والإثارة الطائفية وتذكية روح
التعصب -- وواجه الوفد ذلك بشجاعة واعتبر أن ذلك الموقف ضد حزب الوفد لا موقف
ضد الأقباط وكلما كان نجم حزب الوفد يسطع كلما زاد نصيب الأقباط في الوظائف
الحكومية والمزايا التي تشعرهم بأنهم جزء من الكيان القومي للمجتمع يشاركون
في أعبائه وآلامه وانتخب ايضا واصف باشا رئيسا لمجلس النواب في ظل حكومة
الوفد . ومع غياب الأحزاب السياسية من يناير سنة 1953 لم يعد من الممكن لأي
قبطي أن يرشح نفسه للانتخابات أن ينجح ما دامت لا توجد أحزاب يستند إليها
ولهذا قرر الرئيس جمال عبد الناصر إبتكار أسلوب جديد لم يمارس من قبل حتى
يضمن تواجد الأقباط في مجلسه النيابي فقرر إداريا قفل عشر دوائر اختيرت بدقة
حيث التواجد القبطي فيها محسوس وملحوظ وذلك بأن قصر الترشيح على الأقباط
وحدهم .
وظل هذا المبدأ من سنة 1964 إلى 1979م حيث صدر مبدأ دستوري جديد وهو منح رئيس
الجمهورية سلطة تعيين عشرة أعضاء في المجلس النيابي وروعى فيما بعد أن يكون
المعينون أقباطا غالبيتهم أو كلهم وقد نتج عن نظام التعيين تولد شعور لدى
قطاعات من الأقباط بأنهم بالفعل أقلية عليهم إما أن يقبلوا أو يعاملوا بهذه
الصفة في مختلف المجالات وبعدها تم الاستبعاد التدريجي للأقباط من المناصب
الرئيسية في أجهزة الدولة . وعند إعداد مشروع الدستور الدائم سنة 1971 مثل
الكنيسة القبطية خمسة أساقفة وطلب الأنبا أغريغوريوس ألا ينص في الدستور على
دين بالذات كدين للدولة وذلك تأكيد لمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ومدخلا
للدولة العصرية التي لا يجب أن تجعل الدين أساسا للتفريق بين المواطنين - كما
اقترحت الكنيسة تخصيص مقاعد للأقباط غير المسلمين بنسبة لا تقل عن 15% في
المائة من مجموع أعضاء مجلس الشعب وقد رفض باقي أعضاء اللجنة من المسلمون هذه
الاقتراحات .
ودخلت مصر حرب أكتوبر سنة 1973 وكان الأقباط مع المسلمين يد واحدة وشارك
الجنود الأقباط في تحرير بلادهم وروت دماءهم الطاهرة أرض مصر وبعد نهاية
الحرب كوفئ الأقباط باستبعادهم تدريجيا من الحياة العامة .
المناخ السياسي العام الذي سبق الانتخابات
بدأت تيارات الانتخابات في بداية سنة 1995 ولعبت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
بقيادة أباها الروحي الأنبا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس دورا هاما
في دعوة الناخبين الأقباط للقيد جداول الانتخابات ، وشكلت لجان في كافة
الكنائس لمعاونة الناخبين على قيدهم بأقسام الشرطة وقامت الكنيسة بطباعة
استمارة القيد تسهيلا لذلك ، واجتمع قداسة البابا شنودة مع رؤساء الكنائس
وعددا من قيادات الفكر والمحامين ، وناشدهم المشاركة في العملية الانتخابية
ومعاونة الناخبين الأقباط ، كان نتيجة ذلك ، تدافع آلاف الأقباط في جداول
الانتخابات .
ولما كان الحزب الوطني الحاكم هو أقوى حزب قيادي في مصر ومؤثر في العملية
الانتخابية فقد فوجئ الجميع بعدم ترشيحه لأي قبطي في انتخابات مجلس الشورى -
ولما بدءوا اعتراضهم على ذلك بادر الرئيس حسني مبارك بتعيين عدد من الأقباط
في مجلس الشورى مما جعل الأقباط يشعرون بأنهم أقلية فعلا . وكتبت الأقلام
معبرة عن قلقها لذلك مؤملة في أن تكون انتخابات مجلس الشعب معبرة عن آمال
الأمة المصرية في ظل ديمقراطية الرئيس مبارك .
وقد كانت خيبة الأقباط كبيرة عندما فوجئوا بأن الحزب الوطني الديمقراطي لم
يرشح في قوائمه التي أعلنها للانتخابات لمجلس الشعب سنة 1995 أي أسماء قبطية
بالرغم من أنه يضم بين عناصره أقباطا أكفاء وشعبيين وبعضهم نجح في انتخابات
1990 مثل الدكتور جورج يوسف عبد الشهيد بالإسكندرية والسيد صبحي سليمان
ميخائيل بمركز شرطة المراغة بسوهاج .
الصفحة الرئيسية |
|
الصفحة الرئيسية |