خمسة دروس أساسية في الدفاع عن الإيمان
كتابكم محرَّفسؤال يطرحه الأصدقاء، في صدق أو في شك ، يهاجم دون دليل، أو يسأل لأنه يفتقر إلى البرهان، حائر بين الشك و اليقين بين التصديق وعدمه، يحاول أن يُعمِل العقل فلا يجد برهاناً يشفي الغليل. يحاول أن يسأل أهل الذكر فيجد الغالبية تخاف أو تجهل البرهان أو لا تستطيع أن تعبر عن إيمانها بما يزيح الشك وينير الطريق. حتى هو نفسه أخافوه وأرعبوه من الاقتراب إلى الكتاب، ويقولون له: يكفي ما عندك. لستَ بحاجة إلى غير ما تملك. والغريب إذا حاول الاقتراب من عنده يجد الآيات البينات التي تقول إن الكتاب هُدى ونور، وإنه تنزيل العلي، الواجب الرجوع إلى أهله إذا شك في كلمات ربه (يونس 10: 94) وتذكير أهله بالحكم بما فيه وليس بإلغائه والحكم بحسب ما جاء بعده من رسالة وكتاب (مائدة 5: 47). إن دعوة التحريف تُظهر على السطح أسئلة كثيرة، بل كل علامات الاستفهام التي نعرفها في لغتنا الجميلة: أين، كيف، من، لماذا، متى؟ دعونا نطرح هذه الأسئلة ونجاوب عليها تباعاً: أين؟تقول إن كتابنا مُحرَّف، فأين الكتاب الصحيح الذي من خلاله استطعت أن تُجزم أنه ليس الصحيح؟· جاوبني أولُهم قائلاً: إن النبي عيسى عليه السلام، ولأنه يعرف الغيب، عرف أنكم أناس لا تستحقون نعمة وجود الكتاب المقدس الصحيح بين أيديكم لأنكم ستغيِّرون ما به من أحكام وأقوال، فأخذه معه حينما رفعه الله إليه، وأعاده إلى مكانه الطبيعي في السماء العليا عند العرش. · ثم قال لي ثانيهم : في العصور الوسطى، عصور الظلام الفكري وسيادة الكنيسة وتسلطها منعت الشعب من الإطلاع على الكتاب المقدس، وقصرت معرفته على الآباء الكهنة فقط لدرجة أنهم جاءوا بالنسخة الأصلية بعد ربطها بسلاسل من حديد وطرحوها في أعماق المحيط حتى لا تكون في متناول أحد. وبذلك اختفت وضاعت. وما بين أيديكم اليوم هو تأليف وتزوير ومحض افتراء. · قال ثالثهم : قالوا لنا إن النسخة الأصلية موجودة فقط مع رؤساء الطوائف الثلاث الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية، أما عامة الشعب فليس لديها إلا المُحرف. ثم تابعت سؤالي: هل قرأت الكتاب بنفسك حتى تكتشف زيفه وتحريفه ؟ وكان الرد من الجميع بالنفي . إذاً أين التحريف؟ هل حُرِّف الكتاب كلُّه وكُتب آخر جديد؟ أم هل تحرف جزء منه؟ أم هل تحرفت عدة آيات؟ إذاً أين هي؟ هل يمكنك أن تشير إليها حتى يمكننا البحث وإجلاء الحقيقية؟ والرد: لا نعرف. وهنا تأتي المشكلة الكبرى: أنت تؤمن أن التوراة والإنجيل تنزيل العلي حسب كتابك الكريم، فالله سبحانه هو مصدره، مؤلفه ومرسله. فأين كان سبحانه حينما تم التحريف؟ هل يمكن أن تتجرأ وتقول إنه لم يعرف بالتحريف؟ سبحانه علام الغيوب الذي هو على كل شيء قدير. أم أنه لم يبالِ به، وبعد أن نزَّله لم يعُد يعنيه منه شيء، وليكن ما يكون!!! إن دعوى التحريف تنسب لله تعالى صفات غير صفاته: - تنسب إليه عدم الحب: فالرسالة التي أرسلها لنا ليعلن فيها من هو وما يطلبه منا، ترسم لنا الطريق للعودة إلى الفردوس المفقود بخطأ أبوينا آدم وحواء، ما هو هدف حياتنا، أين سنكون في آخرتنا، إنها إعلان حب من إله محب يهتم بخليقته التي أوجدها، كما يهتم الآب بأولاده والراعي برعيته!! فبعد كل هذا يترك رسالته لتتغير وتتبدل، وتكون النتيجة هلاك خليقته وتركهم للمخادعين دون من يحمي أو يعتني؟! إننا بذلك ننسب لله أنه إله غير محب، لا يهتم ولا يعتني ولا يبالي. سبحانه عز وجل لأنه علا عن ذلك علواً كبيراً. - إنه إله غير قادر: أن يحفظ رسالته وكلمته من التغيير والتبديل والتحريف. إن الحكومة التي تصدر قانوناً، تصدره بدافع الاهتمام بالرعية فالقانون لصالحها، وتقوم بتنفيذه لتعلن هيبتها وقدرتها، والحكومة التي لا تهتم بتنفيذ القانون هي حكومة ضعيفة لا تهتم برعيتها، والرعية لا تهابها ولا تقدِّرها، فتعم الفوضى ويسود قانون الغابة في أراضيها. فالذي يقول إن الله عز وجل لم يحفظ رسالته وقانونه الأدبي والأخلاقي، وترك الناس يغيرون ويبدلون فيما أعلنه، ينسب له عدم القدرة على حفظ قانونه. وحاشا لله أن يكون كذلك، فهو كلي القدرة، القوي الذي يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر الذي بيده أمرنا وهو على كل شيء قدير. إنه إله غير قدوس : إن دعوى التحريف تنسب لله عدم القداسة، فكيف لنا نحن الخطائين الذين ارتكبنا كل إثم وفجور، كيف ندخل إلى قدس أقداس العلي، في كتابه العزيز المقدس، ونغير ونُحرف؟!! هل يمكن أن تهزم الظلمة والنجاسة النور والقداسة، أو تختلط بهم؟ .. حاشا لله. كيف؟ كيف يتم التحريف في كتاب بلغت آحاده المسكونة كلها وانتشر في ربوعها بسرعة شديدة. فكيف يمكن جمع كل النسخ وحرقها وتدوين جديد محرف في عالم لم يعرف الطباعة بعد، فالكتابة يدوية مرهقة، والكتاب كبير يأخذ من الوقت والجهد والأموال ما لا طاقة لأحد بهم؟ وهل اتحد كل المسيحيين على التحريف ولم يكن بينهم معارض لهذه الفكرة ، أو مؤمن متمسك بكتابه فيحفظه لنا ويقاوم المبدعين المحرفين ، فتنتشر هذه الأفكار وتَعلمُ بها المسكونة كلها ويُعرف الغث من السمين؟ كيف تم التحريف ونحن لم نسمع عن ذلك خلال سبعة قرون لم يظهر لنا فيها معترض أو كتاب مخالف أو بدعٍ تتبنى هذه الفكرة؟ كيف يُحرف هذا الكتاب الفريد إذا قورن بكتب كثيرة؟ سأل عالم وهو في مكتبه ابنه أن يعطيه الكتاب، فقال الابن مندهشاً: أي كتاب تريد يا والدي؟ أجابه الوالد: حينما أقول الكتاب بادئاً بألف لام التعريف فإني أقصد الكتاب المقدس، لأنه فريد. إذا وضعت كل الكتب التي أمامك في المكتبة في كفة ميزان والكتاب المقدس في الكفة الأخرى لرجحت كفة الكتاب المقدس، فهو الكتاب الفريد. 1- فريد في ترابطه: على الرغم من أن عدد الكُتّاب الذين كتبوه أربعون كاتباً، في زمن يناهز 1600 عاماً "كتبه رجال الله القديسون مسوقين بالروح القدس" (1بطرس 2: 21). · كتبوه في أماكن مختلفة : فمنهم من كتب في السجن ( بولس )، ومنهم من كتب في القصر ( دانيال )، ومنهم من كتب في الصحراء ( موسى )، ومنهم من كتب في عيادته ( لوقا ). · كتبوه في حالات نفسية مختلفة : منهم من كتب في أيام الحرب فكانت كلماته كلها تصب جام الغضب على الأعداء والدعاء لله بأن يفنيهم ويكسرهم، مثل داود في مزاميره الشهيرة. · ومنهم من كتب في حالات السلم والرخاء فكانت كلماته رقيقة فيها حكمة وأمثال سليمان الحكيم. · كتب بلغات مختلفة : العبرانية والآرامية واليونانية. · كُتب في قارات مختلفة : أوربا وآسيا وأفريقيا. وعلى الرغم من ذلك نجده كتاباً مترابطاً من أول سفر فيه إلى آخره على الرغم من وجود مئات المواضيع الجدلية التي تحتمل الأخذ والعطاء. أسوق لك مثالاً ليقرب الفكرة: في ألعاب الأوليمبياد 1989 والتي اشترك فيها فريق مصر الأول بقيادة المدرب الجوهري، كان الحديث في الجرائد المصرية اليومية عن الفريق وإنجازاته موضوع جدلي واحد اختلف فيه النقاد في جريدة واحدة مثل الأهرام، فقال ناقد رياضي إن الجوهري أدخل الفريق إلى العالمية، وإن ما صنعه الفريق يُعد إعجازاً.. في ذات الوقت وفي ذات الصفحة من نفس الجريدة، كتب ناقد آخر يقول: ما هذا الذي فعله الجوهري؟ هل يمكن لفريق في كأس العالم أن يلعب بطريقة دفاع المنطقة كل الفريق في صندوق المرمى، بالطبع لن يدخل مرماه أي هدف. أن ما قدمه الفريق لا يُحسب له بل عليه. موضوع جدلي واحد في ذات العصر من كاتبين في جريدة واحدة، لهما نفس المستوى الثقافي، ولكنهما اختلفا في الحكم في موضوع جدلي واحد. الكتاب المقدس يحتوي على مواضيع جدلية كثيرة مثل موضوع الخلاص وطريقه. لم يكتب أحدهم أن الخلاص بسفك الدم بينما كتب آخر أننا في عصر الكمبيوتر نضغط على زر فنحصل على الخلاص. بل على العكس نجد أن هناك خطاً قرمزياً عبر الكتاب كله من أول سفر التكوين إلى آخر سفر الرؤيا يقول " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة " على الرغم من اختلاف الكُتاب، واختلاف زمن الكتابة، واختلاف اللغة والثقافة والمكان والحالة النفسية، وتباعد القارات عن بعضها وعدم اتصالهم بعضهم البعض. · فريد في توزيعه: أكثر كتب العالم توزيعاً بلا منافس، فقد احتاجت دار الكتاب المقدس منذ خمسين عاماً أن تطبع كل 3 ثوان كتاباً أي حوالي 28800 كتاب يومياً لتكفي الطلب وتسد الاحتياج. · فريد في بقائه : على الرغم من: (1) الزمن : لقد كُتب الكتاب على أوراق البردي، والحجارة، وجلود الحيوانات، وكلها مواد تبلى وتفنى. ومع ذلك فعندنا آلاف المخطوطات التي يرجع زمن كتابتها إلى 250 ق.م. (2) النقد : أول وأكثر كتاب يقابل بموجات نقد عاتية عبر كل العصور: * موجات نقد عالية higher criticism قادها علماء ألمان في القرن 19 وكان نقدهم مبنياً على أن ما بالكتاب يخالف ما هو موجود ومتعارف عليه في الحياة مثل: - ما جاء في سفر يشوع عن سقوط سور أريحا في مكانه، فهذا يخالف للعُرف والطبيعة، فالسور يسقط إما إلى الداخل أو إلى الخارج. - وصول إبراهيم أبو الأنبياء إلى مصر راكباً جملاً، فكيف حدث ذلك ولم تكن الجمال موجودة أثناء وجود إبراهيم في مصر؟ لا بد أن يكون هناك خطأ لأنه ينافي الواقع. - الكتابة لم تكن موجودة في عصر موسى، فكيف يقول الكتاب إن موسى هو كاتب التوراة؟ · موجات نقد واطي lower criticism وهو الذي يزعم بوجود اختلاف بين آيات الكتاب وبعضها في الأسفار المختلفة. (3) الاضطهاد : الكتاب الوحيد الذي قوبل بالاضطهاد منذ عهد الرومان البعيد حتى الشيوعية القريبة، هو الكتاب المقدس، فقد أحرقوه وأحرقوا أصحابه، ووضعوهم في الزيت المغلي وأحرقوا بيوتهم ودور عبادتهم وأماكن تجمعهم وطاردوهم في كل مكان. قال الملحد الفرنسي المعروف فولتير سنة 1778م إن المسيحية والكتاب المقدس لن يبقيا لأكثر من خمسين عاماً. ولكن بعد خمسين عاماً أصبح فولتير في ذمة الله، وأخذت دار الكتاب المقدس منزله ومطبعته لتستخدمهما في طبع الكتاب المقدس وتوزيعه. بقي الكتاب عبر السنين، ومضى فولتير إلى التراب الذي منه خُلق! (4) فريد في تعاليمه: تعاليم نبوية : الكتاب الوحيد المليء بالنبوات المستقبلية عن مدن وشعوب وأفراد هو الكتاب المقدس. وهناك فرق بين الأسطورة والنبوة، فالأسطورة كلمات جميلة تحكي عن رؤية مستقبلية لا يمكن أن تتحقق بكاملها. أما النبوة فهي رؤية مستقبلية تتحقق كلها وبكاملها. وفي الكتاب نبوات عن مدن تحققت كلها كما قيلت بطريقة مذهلة ومعجزية خارقة للعادة وفوق الطبيعة. كما أن هناك أكثر من 330 نبوة عن السيد المسيح ميلاده، حياته، تعاليمه، آخر أيامه على الأرض، صليبه وما تم فيه، قيامته وصعوده، كلها مكتوبة قبل مئات السنين وتحققت كلها في ملء الزمان. · تعاليم تاريخية: الكتاب الفريد الذي يحكي تاريخ شعب في حقبة تقدر بخمسمائة سنة هي تاريخ الشعب اليهودي من صموئيل إلى سفر الأخبار – يحكي بكل تدقيق أنسابهم ورحلاتهم وأحوالهم وما حدث لهم بتفصيل يفوق كل التاريخ حتى التاريخ الفرعوني. · تعاليم شخصية: أي مؤرخ يكتب تاريخ حياة شخص ما، يسجل دائماً الجوانب المضيئة من حياته ويبتعد قدر المستطاع أو يكاد لا يذكر أي جوانب سيئة منها.. إلا الكتاب المقدس حينما يذكر أشخاصه كتب عنهم كل شيء، حلوهم ومرَّهم، مناطق القوة والضعف فيهم، الجوانب المضيئة والسيئة. فمثلاً إبراهيم الرجل الذي أطاع الله حتى قدم ابنه ذبيحة ومحرقة طاعة لأمر الله وحتى لُقب بأب المؤمنين، يذكر عنه الكتاب أنه كذب وقال إن امرأته سارة هي أخته. داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، كاتب المزامير الرائعة التي فيها ينادي بحبه لله وغيرته على شعبه، يذكر الكتاب أنه زنى مع بثشبع امرأة أوريا الحثي، بل وقتله أيضاً. وهذا ليوضح لنا إن "الجميع زاغوا وفسدوا وليس من يعمل صلاحاً" الجميع غير معصومين من الخطية ولم يمشِ على أرضنا أحد بدون خطية إلا شخص واحد فريد هو الرب يسوع. (5) فريد في ترجمته: عادة يُترجم الكتاب من اللغة الأصلية إلى لغة شعب آخر إذا كان محتواه صالحاً ونافعاً للبيئة المترجم إليها. وكلما زادت ترجمات الكتاب دلَّ هذا على صلاحيته لكثير من الشعوب مثلما حدث مع كاتبنا العظيم الأستاذ نجيب محفوظ حيث نال جائزة نوبل لكثرة ترجمات كتبه (ثلاث لغات). الكتاب المقدس أول كتاب في التاريخ يترجم من لغته الأصلية (العبرانية) إلى اللغة اليونانية 250 ق.م بما عرف بالترجمة السبعينية نسبة إلى 72 شيخ يهودي قاموا بترجمته في الإسكندرية بأمر من بطليموس حسب نصيحة مدير مكتبة الإسكندرية اليهودي الذي بشره بالخير العظيم الذي يحل على البلاد إذا تُرجم الكتاب (التوراة) إلى اللغة اليونانية. وبالفعل أحضر بطليموس 72 شيخاً من فلسطين، ووضع كل واحد منهم في حجرة منفصلة ليضمن سلامة الترجمة التي قارنها ببعضها في النهاية فكانت واحدة. واليوم زادت ترجمة الكتاب المقدس ألفي لغة ولهجة، وما زال الاحتياج موجوداً والترجمات مستمرة، فهو الكتاب الوحيد الذي تحتاجه كل الشعوب لأنه إعلان الله عن نفسه لبني البشر. (6) فريد في تأثيره: ما من شخص مُخْلص تصفَّح الكتاب بغرض البحث عن الله فيه، ومعرفة طريق العودة إلى الفردوس المفقود بالخلاص من الذنب، إلا ووجده ونال الخلاص، فالكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين. كلام الله ينير ويعقل الجُهال "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي". كان أحدهم أميراً لجماعة من جماعات التكفير والهجرة وكان المتعلم الوحيد في هذه المجموعة (ثانية هندسة)، طُلب منه البحث عن أخطاء الكتاب المقدس لمهاجمة أصحابه. وبعد رفض شديد لأنه وهو الأمير كيف يُمسك كتاباً محرفاً فينجس طهارته؟ قَبِلَ على مضض ونتيجة الإلحاح. وبمجرد أن بدأ في القراءة وجد نفسه لا يستطيع المقاومة أو ترك الكتاب، فاستمر أسبوعين لا يتحرك إلا لقضاء الحاجة فقط حتى قرأ التوراة كلها، واكتشف الإله الحقيقي والسلام الذي يفوق كل عقل وطريق الخلاص من الأوزار، فقرر أن يتبع صاحب هذا الكتاب الذي عزف على أوتار قلبه لحن الخلاص ورفع عن كاهله أثقال أعوام مضت فأصبح حراً من قيد فكري وجسدي منادياً باتِّباع هذا المخلص العظيم .. نعم إنه الكتاب الفريد … فهل قرأته؟ المخطوطات: كيف يتحرف كتابٌ عندنا كم هائل من مخطوطاته القديمة باللغة الأصلية يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 250 سنة؟!! وهي متاحة لأي شخص ليرجع إليها بعد تعلم لغتها ليجد أن ما بين أيدينا هو نفسه الموجود بالمخطوطات. وكلمة مخطوطة تعني " كل ما خُط باليد " ففي القديم لم تكن الطباعة معروفة وكل ما كان يُكتب كان يُكتب باليد على جلود الحيوانات أو ورق البردي أو الأحجار أو عظام كتف الحيوانات، وكلها مواد تفنى وتبلى. لذلك يلزم دائماً إعادة كتابة كل ما يقارب على الفناء منها بجديد يسمى "مخطوطة" تخضع لشروط واحتياطات ونظم صارمة في كتابتها حسب أوامر التلمود اليهودي مثل: 1- الدرج المستعمل للقراءة في المجمع يجب أن يكون مكتوباً على جلد حيوان طاهر. 2- يجب أن يُجهزه يهودي لاستعماله في المجمع. 3- تجمع الرقوق معاً بسيور مأخوذة من حيوان طاهر. 4- يجب أن يحتوي كل رق على عدد ثابت من الأعمدة في كل المخطوطة. 5- يجب أن يتراوح طول كل عمود ما بين 48-60 سطراً، وعرض العمود يحتوي على ثلاثين حرفاً. 6- يجب أن تكون الكتابة على السطر، ولو كُتبت ثلاث كلمات على غير السطر تُرفض المخطوطة كلها. 7- يجب أن يكون حبر الكتابة أسود، لا أحمر ولا أخضر ولا أي لون آخر، ويتم تجهيزه طبقاً لوصفة ثابتة. 8- يتم النقل بكل دقة من مخطوطة صحيحة تماماً. 9- لا يجب كتابة كلمة أو حرف أو نقطة من الذاكرة. يجب أن ينقل الكاتب كل شيء من المخطوطة النموذجية. 10- يجب ترك مسافة تسعة حروف بين كل فقرتين. 11- يجب ترك مسافة شعرة أو خيط بين كل حرفين. 12- يجب ترك ثلاثة سطور بين كل سفرين. 13- يجب إنهاء سفر موسى الخامس بانتهاء سطر. ولا داعي لمراعاة ذلك مع بقية الأسفار. 14- يجب أن يلبس الناسخ ملابس يهودية كاملة. 15- يجب أن يغسل جسده كله. 16- لا يبدأ كتابة اسم الجلالة بقلم مغموس في الحبر حديثاً. 17- لو أن ملكاً خاطب الكاتب وهو يكتب اسم الجلالة فلا يجب أن يعيره أي التفات. من هذه النسخ المخطوطة والتي يعود تاريخها إلى القرون الأولى الميلادية: 1- النسخة الإسكندرانية : نسبة إلى مدينة الإسكندرية التي خُطت فيها ويرجع تاريخ نسخها إلى سنة 325م وهي ما تزال محفوظة في المتحف البريطاني بلندن. 2- النسخة الفاتيكانية : نسبة إلى مكتبة الفاتيكان المحفوظة بها وتاريخ نسخها من 300 – 325م. 3- النسخ السينائية : نسبة إلى جبل سيناء حيث اكتُشفت في دير سانت كاترين عام 1844 ويرجح أنها كتبت عام 350 م. 4- النسخة الإفرائيمية : في دار الكتب الوطنية بباريس باللغة اليونانية يرجح أنها نُسخت عام 450 م. عندنا آلاف النسخ من هذه المخطوطات الأربع للكتاب المقدس كاملاً بالإضافة إلى كم هائل من القصاصات التي تحتوي على أجزاء من الكتاب المقدس مثل: 1- مخطوطات وادي قمران: التي اكتُشفت عام 1947 بالأردن وتحتوي على مخطوطة كاملة لسفر إشعياء باللغة العبرية يرجح أنها كتبت في القرن الثاني الميلادي. كذلك أسفار اللاويين وأيوب والمزامير وحبقوق وكلها مطابقة تماماً للنصوص الموجودة بين أيدينا اليوم. كيف يتحرف هذا الكتاب وكل مخطوطاته قد تعرضت للفحص الدقيق والبحث العلمي وهو ما يسمى بعلم الببلوغرافيا أو ثبت المراجع أو نقد النص، وهو علم معترف به في الجامعات، استُخدم لبحث كتابات الأقدمين، لأننا لا نملك الكتابات الأصلية. لكن كل ما نملكه هو مخطوطات لهؤلاء. وهذا العلم يبحث في صحة نسبة المكتوب إلى الكاتب فمثلاً كتابات العلماء المشهورين أمثال أفلاطون وأرسطو وهيرودوت نملك من المخطوطات المنسوبة إليهم العدد القليل فأرسطو له 7 وأفلاطون 8 وهيرودوت له 48. هذه المخطوطات يرجع تاريخ نسخها من زمن كتابتها 1200 و1300 و1400 سنة وهذا العلم يقول إنه كلما قرب زمن النسخ لزمن الكتابة كلما كانت المخطوطة صحيحة. ونحن نعتمد في جامعاتنا على هذه المخطوطات القليلة البعيدة عن زمن كاتبها ونقر ونعترف أنها أفلاطونيات أو كتابات أرسطو وهيرودوت وتُدرس في الجامعات ولا يعترينا أي شك أو شبه تحريف فيها. فإذا ما عرضنا الإنجيل لمثل هذا العلم وبحثنا في مخطوطاته لوجدنا الآتي: مخطوطة مثل جون ريلاند تحتوي على إنجيل يوحنا مكتوبة سنة 130م ونحن نعرف أن إنجيل يوحنا كتب ما بين 80-100م وهذا يعني أن المخطوطة يبعد زمنها عن كاتبها البشير يوحنا بين 30-50 سنة فقط . وقد نشرت جريدة الأهرام سنة 1991 أنه عثر على مخطوطة إنجيل متى في الأقصر يرجع تاريخ كتابتها إلى سنة 60 ميلادية والمعروف أن إنجيل متى كُتب سنة 45م وهذا يعني أنه خلال 15 سنة فقط وصلت نسخة من إنجيل متى من موطنها الأصلي في آسيا إلى الأقصر، وهو زمن قياسي، مما يدل على انتشار الإنجيل السريع والمذهل في أرجاء العالم المعروف في ذلك الوقت. من ؟!!! من يحرف الكتاب؟ اليهود أم المسيحيون أم هما معاً؟!!! ¨ إن قيل إن اليهود حرفوه، نقول: هذا من رابع المستحيلات لعدة أسباب منها: 1- اليهود يحبون كتابهم ويقدسونه، وقد رأينا طقوس كتابة المخطوطات ونسخها والشروط الصعبة الدقيقة في هذه العملية مع تخصيص فئة متخصصة في الكتابة (هم الكتبة) للقيام بعملية تجديد المخطوطات القديمة كلما استدعى الأمر ذلك. 2- وجود بعض الأخطاء الظاهرية في الأسفار حتى اليوم مثل: أ. 2 صم 10: 18 أن داود قتل من آرام 700 مركبة بينما يذكر في 1أخ 19: 18 أنه قتل 7000 مركبة ( قد يبدو للوهلة الأولى ان هناك تضارباً في الأقوال، لكن بالرجوع إلى ذلك العصر ندرك أن المركبة الحربية كانت تسع عشرة جنود، وهكذا يكون المقصود في الأولى عدد المركبات؛ أما في الثانية فهو عدد الراكبين. كما أن كلمة مركبة الواردة في 1أخ بمعنى راكب أو جندي للتفرقة بين المحاربين في مركبات والمحاربين الفرسان أو المشاة) ب. 1مل 7: 26 يقول إن الحوض يسع ألفي بث؛ بينما في 2أخ 4: 5 يقول إنه يأخذ ويسع 3000 بث ( الأولى تعبر عن الكمية وقت الاستعمال لترك مساحة للمياه المزاحة نتيجة حجم المستحم فيها حتى لا تفيض خارجه؛ أما الثانية فتعبر عن السعة الكاملة التي يمكن أن يأخذها الحوض في حالة ملئه إلى حافته). ج- 1مل 4: 26 يقول إنه كان لسليمان 40,000 مزود خيل؛ بينما يقول 2أخ 9: 25 إنه كان له 4000 مزود.. (المزود به عشرة عيون لعشرة خيول، فيكون المقصود في الأولي عدد الخيول وفي الثانية عدد البلوكات ذات المزاود العشرة). ولو كان عند اليهودي إمكانية التبديل والتعديل لأصلح هذه التي يُظن أنها أخطاء لكنها في الظاهر فقط. 3- ذكر خطايا للأنبياء في التوراة مثل كذب إبراهيم وقوله لامرأته: " قولي إنك أختي". وزنى داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، صاحب المملكة العظيمة الموعود لها بالاستمرار للأبد. فكان بالأولى أن يحذفوها ويغلقوا الباب الذي يأتي منه الريح حتى لا تشوب سيرة أنبيائهم أي شائبة. فوجودها حتى اليوم برهان قوي على عدم زيادتهم أو حذفهم من كتابهم. 4- اليهود والمسيحيون ليسوا على وفاق، ويختلفون في العقيدة والإيمان في عقائد أساسية حول شخصية السيد المسيح والصليب والخلاص. المسيحيون عندهم نفس توراة اليهود ويؤمنون بها ويعتبرونها مع الإنجيل "كتابهم المقدس" العهد القديم والعهد الجديد. فلو حاول اليهود تغيير أو تبديل أي آية أو كلمة أو حرف لسارع المسيحيون فوراً بالاعتراض وتقديم الدليل، فالكتاب الصحيح أيضاً معهم. فإن كانت عند اليهود إمكانية فِعل ذلك لعملوا ألف حساب قبل كل شئ للمسيحيين وللنسخة طبق الأصل لتوراتهم التي معهم. 5- هناك وصية في تثنية 4: 2 " لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم … " وبكل تأكيد كان بينهم من يحترم ويحفظ كتابه ويطيعه. ¨ إن قيل إن المسيحيين هم الذين قاموا بالتحريف، قلنا: 1. المسيحيون يحبون كتابهم أيضاً ويقدسونه ويملكون آلاف المخطوطات من قبل الميلاد بمئات السنين تطابق النسخ الموجودة والترجمات التي بين أيديهم تماماً. 2. توجد أخطاء ظاهرية في العهد الجديد. ولو كان عند المسيحيين احتمال التحريف لقاموا بتعديل هذه الأخطاء وسد الباب الذي يأتي منه الريح. 3. هناك ذكر لخطايا الرسل والمؤمنين والكنيسة (سفر أعمال الرسل 15: 39 و40 الرسالة إلى أهل كورنثوس 1كو 5: 1، سفر الرؤيا الأصحاحات الثلاثة الأولى) لو كان احتمال للتحريف لحذفوا فوراً هذه الخطايا. 4. يوجد تحذير شديد اللهجة في سفر الرؤيا الأصحاح 22: 18-19 "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب." 5. كلنا نعرف عنف الاضطهاد وقسوته الذي تعرض له المسيحيون عبر العصور المختلفة في القرون الأولى، وخاصة أيام دقلديانوس الذي أحرق المنازل وغلى الأجسام في الزيت. ومع ذلك كان المسيحيون يتمسكون بالكلمة ويبشرون بها بفرح حاسبين أنفسهم مستأهلين أن يُهانوا من أجل المسيح. فهل يمكن لأناس حرفوا كتابهم ويعرفون ذلك تماماً أن يُقدموا على الموت بفرح من أجل كذبة أو خدعة وكتاب حرفوه بأيديهم؟!! لماذا؟لماذا نحرف كتابنا؟!! واعترضوا قائلين نعم عندنا أسباب منها: 1. هناك آية في سورة الصف 61: 6 تقول: ان السيد المسيح "عيسى ابن مريم" قال: يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يديَّ من التوراة، ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.." فأين هذه الآية في الإنجيل اليوم؟ وفي سيرة السيد المسيح؟ أليس هذا دليلاً على تحريفكم بحذفها من الكتاب؟ نقول: أولاً : لو أن السيد المسيح ذكر هذا الاسم لقال "يهوذا" وليس "أحمد" لأنه كان يتحدث العبرانية، وأحمد بالعبرانية هو "يهوذا" حسب ما جاء في سفر التكوين 29: 35 على لسان ليئة امرأة يعقوب "وحبلت أيضاً وولدت ابناً وقالت: هذه المرة أحمد الرب. لذلك دعت اسمه يهوذا." وكل ما ذكره السيد المسيح عن هذا الاسم هو يهوذا الإسخريوطي مسلمه الذي أعلن للتلاميذ معرفته لكل خطته حتى من قبل تنفيذها، وحذَّره ليتوب ويرجع عن شر أعماله. لكنه رفض تبكيت الروح ونفَّذ ما اتفق عليه مع رؤساء اليهود وسلم يسوع بقبلة. ثانياً : لو افترضنا جدلاً أن السيد المسيح قالها، فالرسول اسمه محمد وليس أحمد!!! فيكون الرد: الاسمان من مصدر واحد، فأحمد ومحمد ومحمود ومصطفي وممدوح وطه كلها تدل على ذات الاسم الذي للرسول "صلعم" … ولو افترضنا جدلاً صحة هذا الكلام، فعندنا في بلادنا خمسون مليون مسلم على الأقل منهم 45 مليوناً أسماؤهم أحمد ومحمد ومصطفي وممدوح ومحمود وطه، فإلي أي منهم كان يشير السيد المسيح؟؟؟ لأنه لم يقل لنا في بشارته الاسم ثلاثياً حتى نتعرف عليه ويكون المقصود به شخصاً بعينه، فتكون الرسالة واضحة ليؤمن الجميع. لكن هذا ليس وارداً في سورة الصف 61: 6 لذلك لماذا نحذفه!! كان من الأسهل، لو أن افتراضنا مازال قائماً بالقول إن السيد المسيح بشر برسول اسمه أحمد، أن نقول كما قال اليهود للتلاميذ حينما أخبروهم أن توراتهم تبشر بالمسيا، وأنه هذا هو الذي "صلبتموه أنتم وقتلتموه" (ليس هذا بل نحن ننتظر المسيا) ومازالوا حتى الآن في انتظار من تنبأت عنه التوراة أنه يأتي، ولم يقوموا قط بحذف نبوات المسيا الموجودة في توراتهم مفسرين إياها بتفسيرات أخرى تواكب معتقداتهم. 2 - ذُكر النبي في إنجيل يوحنا 1 : 21 معرفاً ب ألف لام التعريف مما يقصد به نبينا وإلا ما الداعي لقول اليهود ليوحنا المعمدان "أنت المسيح، أنت إيليا، النبي أنت ؟!!" فإذا قلنا إن النبي هنا والذي سئل عنه اليهود تحقيقاً للنبوة التي جاءت في سفر التثنية 18: 15-18 بإرسال الله نبياً مثل موسى، قالوا: نعم هذا صحيح، والنبي هو رسولنا فهو مثل موسى في وجوه كثيرة، فكلاهما نشأ في بيوت أعدائهما، وكلاهما ظهرا بين عبدة الأصنام، وكلاهما رفضه قومه أولاً ثم عادوا فقبلوه، والاثنان هربا من وجه أعدائهما. موسى هرب إلى مديان ومحمد هاجر إلى المدينة، ونزل كلاهما إلى ساحة القتال وحارب الأعداء وعمل المعجزات وساعد أتباعه من بعد موته على امتلاك فلسطين. وبالعودة إلى نص تثنية 18 : 15-18 نجد أنه يقول لموسى أقيم لك نبي من إخوتك، فإذا صح بناءً على قرابة إسماعيل وإسحاق الأخوية اعتبار بني إسماعيل وبني إسرائيل إخوة، فكم بالأولى كثيراً يكون أسباط إسرائيل الاثني عشر إخوة بعضهم لبعض؟ والدليل أن المقصود بالقول "من إخوتك" أنه من الأسباط الاثني عشر الوصية التي أوصى بها الله بني إسرائيل بعدم أخذهم ملكاً من غير إخوتهم (تثنية 17: 15). فبنو إسرائيل من أول تاريخهم إلى نهايته لم يتوجوا ملكاً أجنبياً عليهم من خارج الأسباط. فإذا قيل لك إن أحد اخوتك سيتقلد منصباً عالياً، هل يُفهم من ذلك أنه يقصد جارك الذي يسكن معك في ذات المبنى، أم ساكن نفس الحيّ، أم المتكلم ذات اللغة؟!! ومع ذلك فهناك آية صريحة يحذر الله فيها بني إسرائيل أن لا يقبلوا أي نبي من ذرية إسماعيل لأن عهد الله كان مع اسحق (تك 17 : 18-21 و 21 : 10-12) أيضاً النبي الموعود به هنا في تثنية 18 :15-18 هو مرسل إلى بني إسرائيل، أما محمد فقد أعلن رسالته إلى العرب وبلغة عربية، وهو أيضاً ليس مثل موسى فموسى عبراني والرسول عربي.
وبغض النظر عن كل هذا فالآية العاشرة من تثنية 34 تحسم لنا وجه التشابه بين موسى وبين النبي الموعود به في هذا السفر وهي تقول "مثلك يكلم الله وجهاً لوجه". فلا يمكن أن يكون المقصود هو نبي الإسلام.. فيا ترى من هو هذا النبي؟ إنه السيد المسيح الذي تشابه مع موسى حيث كان مطلوباً قتله في طفولته، عبراني من الأسباط، وكان ينمو في الحكمة والقامة والنعمة، وقد صنع معجزات عديدة بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، ولم يكن يكلم الله فقط وجهاً لوجه فهو "الابن الوحيد الذي هو في حضن الأب هو خبرّ" (يو 1 : 18) بل هو كلمة الله أيضاً باعتراف الجميع (أع 3 : 22-26) 3- أن النبوة مذكورة في تثنية 33 : 2 "جاء الرب من سيناء واشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم". فقيل إن قوله "جاء الرب من سيناء" يشير إلى تنزيل الشريعة على موسى، وقوله "وأشرق لهم من سعير" يشير إلى تنزيل الإنجيل على المسيح. أما قوله "وتلألأ من جبل فاران" فيشير إلى تنزيل القرآن على محمد، لأن جبل فاران قريب من مكة؟!! أن كاتب سفر التثنية هو موسى ولا يدل كلامه هنا على الإشارة إلى الإنجيل أو القرآن بل أراد أن يذكّر بني إسرائيل كيف أضاء مجد الله إلى مسافات بعيدة عندما كانوا ضاربين خيامهم عند جبل سيناء. والذي يفتش عن خريطة سيناء الجغرافية يجد أن جبل سيناء وسعير وفاران ثلاثة جبال واقعة كلها في شبه جزيرة سيناء وعلى بعد مئات الأميال من مكة. (راجع تكوين 14: 6 وعدد 10: 12 و12: 16 و3: 13 وتثنية 1: 1. 4- ان كلمة الباراقليط المترجمة المعزي هي في الأصل وأصل ترجمتها "المحمود". وأنتم قمتم بتحريفها لتكون الروح المعزي بدلاً من اسم نبينا. وللرد على هذه المزاعم نقرأ كلمات المسيح في بشارة يوحنا أصحاحات 14-16 عن صفات الروح القدس، الروح المعزي. فإذا كانت تنطبق على البريقليط الذي هو الروح المحمود كان الادعاء صحيحاً، وإن لم يكن كذلك فالقول بالتحريف باطل. قال المسيح: 14: 16 يمكث معكم إلى الأبد 14: 17 لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه 14: 25 سيرسله الآب باسمي (إذاً هو رسول المسيح) 15: 25 يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم. 15: 26 فهو يشهد لي. 16: 8-11 يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي، وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً، وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين. فهل يمكن أن تنطبق كل هذه الصفات على الرسول؟!!! يمكث معنا إلى الأبد؟!!! لا يراه العالم ولا يعرفه؟ "رسول المسيح" فيكون المسيح هو الله (حسب قولهم إن محمداً رسول الله!). يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله السيد المسيح "أحبوا أعداءكم.. وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان.. أنا والأب واحد.. من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم.. من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني.. أنا هو الطريق والحق والحياة.. ليس بأحد غيره الخلاص (غير المسيح).. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد.. إلي أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.!!!! 5- وجود أربعة أناجيل وعدم وجود إنجيل المسيح هو أكبر دليل على تحريفكم الكتاب الواحد. وللرد نقول إن كلمة إنجيل في الأصل اليوناني معناها "خبر سار" أو "بشارة مفرحة". وهذا الخبر السار أو تلك البشارة المفرحة رواها أربعة أشخاص مسوقين بالروح القدس (1 بطرس 1: 21). كل واحد منهم كتب من زاوية حسب المكتوب إليهم ومفهومهم وخلفيتهم الدينية والاجتماعية. مثلما يُحكى لك عن حادث موت عشرة أشخاص صباح اليوم ويأتي آخر فيقول شاهدت سيارة ميكروباص تشتعل فيها النيران فتأتي عليها. ثم يحكي ثالث عن حادث مروع حدث بين سيارتين صباح اليوم، ويأتي رابع ويحكي عن رعونة سائق ميكروباص أدت إلى وفاة كثيرين. كل واحد يحكي قصة مختلفة، لكنها واحدة، فهناك سائق أرعن، يقود سيارة ميكروباص، نتج عن سوء سلوكه تصادم مع سيارة أخرى ملاكي، واشتعلت النار بهما، ومات عشرة أشخاص من الركاب. أما بخصوص إنجيل المسيح، فالمسيح لم يأت بكتاب منزل، بل جاءنا ببشارة مفرحة، والبشارة هنا هي شخص المسيح نفسه "المخلِّص" الذي جاء ليفدي البشر، كما قال عنه الملاك ليوسف في متى 1: 21 "ستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" وكما قال البشير يوحنا في بشارته 3: 16-18 "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يُدان والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد." * لقد تحرف كتابكم والدليل حذف أسفار بكاملها من كتابكم الأصلي، مثل: يشوع بن سيراخ، ويهوديت، وأستير، وطوبيا، ونشيد الفتيان الثلاثة، وسوسنة، وبال والتنين. وللرد نقول إن هناك خطأ في العنوان (حذف أسفار بكاملها) وهو ما يقوله العامة عن هذه الكتب (الكتب المحذوفة). إلا أنها ليست كذلك، بل هي كتب مضافة اكتشفها القديس جيروم في القرن الرابع الميلادي وسماها (الأبوكريفا) ومعناها الكتب المخبأة. وهي من أصل يهودي، واعتبروها كتب قراءة، ورفضوا نسبتها إلى الكتب المقدسة للأسباب الآتية: 1 - لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء إسرائيل لكنها مكتوبة باليونانية. 2 - لم تظهر إلا بعد انقطاع النبوة، وآخر الأنبياء ملاخي. 3 - ورد في كتاب الحكمة أنه من كتابة سليمان، ولكن الكاتب استشهد ببعض أقوال إشعياء وإرميا مع أنهما كانا بعد سليمان بمدة طويلة، وقال أيضاً إن اليهود كانوا أذلاء بينما كانوا في أيام سليمان في غاية العز والمجد. 4 - لم يذكر أي كتاب منها أنه وحي، ولا توجد فيها أية نبوة، بل اعتذر كاتب حكمة سيراخ عن السهو والخطأ، كما قال كاتب المكابيين الثاني (15: 36 - 40 ) "فإن كنت أحسنت التأليف أصبت الغرض، فذلك ما كنت أتمنى. وإن كان قد لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي. ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، إنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقبها لذة وطرباً، كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف." 5 - لم يعتبرها اليهود منزلة ولم يستشهد بها السيد المسيح أو تلاميذه ولا الآباء الأولين ولا المؤرخين أمثال فيلو ويوسيفوس . 6 - منافية لروح الوحي، فحكمة ابن سيراح يذكر تناسخ الأرواح، والتبرير بالأعمال، وجواز الانتحار وجواز الكذب (يهوديت 9: 10، 13). ونجد الصلاة من أجل الموتى في 2مكابيين 12: 45-46) وهذا يناقض لوقا 16: 25-26 وعب 9: 27). 7 - قال الأب متى المسكين في كتابه (الحكم الألفي طبعة 1997 ص 3): كتب الأبوكريفا العبرية المزيفة، التي جمعها وألفها أشخاص كانوا حقاً ضالعين في المعرفة ولكن لم يكونوا "مسوقين بالروح القدس" (2بطرس 1: 21 ) مثل كتب: رؤية عزرا الثاني، وأخنوخ، ورؤية باروخ وموسى وغيرها. ثم قال في هامش الصفحة نفسها (تسمى هذه الكتب بالأبوكريفا المزيفة، وهي من وضع القرن الثاني قبل الميلاد وفيها تعاليم صحيحة وتعاليم خاطئة وبعض الضلالات الخطيرة مختلطة بعضها ببعض. ولكنها ذات منفعة تاريخية كوثائق للدراسة). 8 - أسفار التوراة صارت قانونية أيام عزرا ونحميا سنة 435 ق م وهي ذات الأسفار الموجودة بين أيدينا اليوم (39 سفراً في العهد القديم). 9 - مجمع جامنيا سنة 90 ميلادية يقرر قانونية الأسفار من تكوين إلى ملاخي وهي مثل التي بين أيدينا اليوم. 10 -القديس جيروم (ق 4 م) فصل بين الأسفار القانونية وبين أسفار الأبوكريفا واحتسبها صالحة لتعليم الأخلاق، لكنها لا تصلح لتكوين عقيدة. قالوا بعد كل هذا الجدل إن إنجيلكم محرف والإنجيل الصحيح هو إنجيل برنابا !!!! فما هو إنجيل برنابا؟ نعم هناك إنجيل يدعى إنجيل برنابا منقول إلى العربية من النسخة الإنجليزية سنة 1907 بواسطة الدكتور خليل سعادة صاحب مكتبة المنار، وقبله بعض إخواننا المسلمين لسببين: 1 - إنه يقول إن المسيح ليس ابن الله بل إنسان عادي. 2 - إنه يقول إن المسيح لم يُصلب بل أُلقي شبهه على يهوذا الإسخريوطي أحد التلاميذ الاثني عشر. يجمع العلماء المدققين على أن هذا الكتاب مزور ولم يكن موجوداً قبل القرن الخامس عشر، أي بعد موت برنابا ب1500 سنة، كما أنه غير موجود في مخطوطات الكتاب المقدس. ويكتب الدكتور سال في ترجمته الإنجليزية للقران أنه وجد نسخة من هذا الكتاب باللغة الأسبانية كتبها رجل يدعى مصطفى العرندي الذي يدَّعي أنه ترجمها من النسخة الإيطالية، جاء في مقدمتها: 1 - راهب يدعى فرمارينو كان مقرباً للبابا إسكستوس الخامس دخل ذات مرة سنة 1585 ميلادية مكتبة البابا فعثر على رسالة للقديس إيريناوس يهجو فيها الرسول بولس مسنداً تنديده إلى إنجيل برنابا. فتحرَّق شوقاً لرؤية هذا الإنجيل. وحدث أن دخل يوماً إلى المكتبة البابوية مع البابا إسكستوس، وفيما هما يتحدثان استولت على البابا سِنة من النوم، فاقتنص الراهب الفرصة وبحث عن الكتاب فوجده وأخفاه في ثيابه ولبث جالساً إلى أن استفاق البابا من النوم، فاستأذنه بالانصراف حاملاً معه إنجيل برنابا0 هذه القصة لا نصيب لها من الصحة لعدة أسباب: 1 - من يراجع مؤلفات القديس إيريناوس لا يجد فيها إشارة إلى إنجيل برنابا ولا إلى نقد للرسول بولس. 2 - وقوع سبات على البابا بناء على صلاة الراهب وعثوره على الكتاب وسرقته دون أن يراه أحد، كلها تصرفات أقرب إلى الروايات المصطنعة، وليست تصرفات مؤمنين وأصدقاء. وهل يستجيب الله لصلاة غرضها السرقة؟ !!! 3 – مكتوب في سفر الأعمال أن برنابا نفسه كان رفيقاً لبولس في كرازته في أورشليم وأنطاكية وإيقونية، مما يدل على أنه كان مؤمناً بإنجيل المسيح الذي يتلخص في "المسيح مات كفارة لخطايانا وقام في اليوم الثالث". ويميل بعض العلماء المدققين إلى الاعتقاد بأن كاتب إنجيل برنابا هو الراهب فارمارينو نفسه بعد أن اعتنق الإسلام وتسمى باسم مصطفى العرندي. ويميل بعض آخر إلى الاعتقاد بأن النسخة الإيطالية ليست النسخة الأصلية بل منقولة عن أصل عربي، لأن مطالع الكتاب يرى أن للكاتب إلماماً واسعاً بالقرآن لدرجة أن نصوصه تكاد تكون ترجمة حرفية لآيات قرآنية. على أي حال فالثابت أن هذا الإنجيل يروي تاريخ المسيح بأسلوب يتفق مع نصوص القرآن، ويغاير محتويات الأناجيل الصحيحة، مما يحملنا على الاعتقاد بأن الكاتب نصراني اعتنق الإسلام للأسباب الآتية: 1 - تفضيله محمد على المسيح: فقد جاء في الفصل 44: 30، 31 أ المسيح قال "ولما رأيته امتلأت عزاء قائلا: يا محمد ليكن الله معك، وليجعلني آهلاً أن أحمل سير حذائك، لأني إن نلت هذا صرت نبياً عظيماً وقدوساً. وفي الفصل 97: 10 قال المسيح: "مع أني لست مستحقاً أن أحمل حذاءه فقد نلت نعمة ورحمة". 2 - فيه عبارات تتفق مع كتابات المسلمين القدماء: الفصل 98: 14-18 أجاب يسوع أن اسم مسيا عجيب، لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووصفها في بهاء سماوي قال: اصبر يا محمد لأني لأجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجمعاً غفيراً من الخلائق ، التي أهبها لك، حتى أن كل من يباركك يكون مباركاً، وكل من يلعنك يكون ملعوناً. ومتى أرسلناك إلى العالم أجعلك رسول للخلاص وتكون كلمتك صادقة، حتى أن السماء والأرض تهنان ولكن إيمانك لا يهن أبداً. إن اسمه المبارك محمد، حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين يا الله أرسل لنا رسولك، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم. على أن هناك أدلة تثبت أن كاتب إنجيل برنابا لا صلة له برسل المسيح ولا تلاميذه: 1 - جهله بجغرافية فلسطين والبلاد التي كانت مسرحاً للأحداث: · في الفصل 20: 1، 2 " وذهب يسوع إلى بحر الجليل ونزل في مركب مسافراً إلى الناصرة، مدينته، فحدث نوء عظيم في البحر (والمعروف أن الناصرة مدينة على جبل مرتفع في الجليل وليست مدينة بحرية). · الفصل 63: 4-7 "اذكروا أن الله عزم على إهلاك نينوى لأنه لم يجد أحداً يخاف الله في تلك المدينة، فحاول الهرب إلى طرسوس خوفاً من الشعب، فطرحه الله في البحر، فابتلعته سمكة وقذفته على مقربة من نينوى. ( المعروف أن مدينة نينوى كانت عاصمة للإمبراطورية الآشورية وقد شيدت على الضفاف الشرقية من نهر دجلة على فم رافد اسمه رافد الخسر، فهي إذاً لم تكن على البحر الأبيض المتوسط). 2 - كتابته لقصص لا أساس لها في الأديان السماوية (الفصل 35: 25-27) حينئذ قال الله لأتباع الشيطان: توبوا واعترفوا بأني أنا الله خالقكم، أجابوا: إننا نتوب عن سجودنا لك لأنك غير عادل.. ولكن الشيطان عادل.. وبريء.. وهو ربنا.. وبصق الشيطان حين انصرافه على كتلة التراب، فكان للإنسان بسبب ذلك سرة في بطنه. (والمعروف أن سرة الإنسان هي مكان اتصال الجنين بالآم وتقطع حينما يولد وهو ما يعرف باسم الحبل السري). الفصل 51: 4-20 أجاب يسوع الحق أقول لكم: إني عطفت على الشيطان لما علمت بسقوطه، وعطفت على الجنس البشري، الذي يفتنه ليخطئ، لذلك صليت وصمت لإلهنا الذي كلمني بواسطة ملاكه جبريل: ماذا تطلب يا يسوع وما هو سؤالك؟ أجبت: يا رب أنت تعلم أي شر كان الشيطان سببه، وأنه بواسطة فتنته يهلك كثيرون وهو خليقتك.. فارحمه يا رب. أجاب الله: يا يسوع انظر فإني أصفح عنه فاحمله على أن يقول فقط: أيها الرب إلهي لقد أخطأت فارحمني، فأصفح عنه وأعيده إلى حالته الأولى. قال يسوع : لما سمعت هذا سررت جداً موقناً أني قد فعلت هذا الصلح. لذلك دعوت الشيطان فأتى قائلاً: ماذا يجب عليَّ أن أفعل لك يا يسوع؟ أجبت: إنك تفعل لنفسك أيها الشيطان لأني لا أحب خدمتك، وإنما دعوتك لما فيه صلاحك. أجاب الشيطان: إذا كنت لا تود خدمتي فإني لا أود خدمتك لأني اشرف منك، فأنت لست أهلاً لكي تخدمني، أنت يا من هو من طين أما أنا فروح. 3 - جاء في الفصل 97 أن اليوبيل يقع كل مائة عام مع أنه كل خمسين عام حتى وجود المسيح على الأرض (لاويين 25: 11). أما كل مائة عام هذه فكان بأمر البابا بونيفاس الثامن سنة 1300 ميلادية. 4 - جاء في الفصل 320 أن نيقوديموس وضع 100 رطلاً من العطور على جثة يهوذا ظناً منه أنه المسيح. مع أن العثمانيين كانوا أول من استعمل الرطل في القرن 14 ثم نشروها في البلاد التي فتحوها مثل إيطاليا وأسبانيا. 5 - جاء في الفصل 161 أن السماء 9 طبقات عاشرها الفردوس. جاء في الفصل 93، 210 ان الجحيم مكون من سبع طبقات جاء في الفصل 270 أن خطايا البشر تعود في النهاية كنهر إلى إبليس لأنه مصدرها، مع أننا إذا رجعنا إلى الكتب الدينية والفلسفية لا نرى أحداً قال هذا سوى في الكوميديا الإلهية للشاعر الإيطالي دانتي نرى أن محتويات الكتاب تدل على أنه كتب بعد القرن 15 كما أن كاتبه لم يكن من أهل فلسطين، لكن من أهالي غرب أوروبا وبالتحديد من أهالي أسبانيا وذلك لسببين: 1 - جهله بالكثير من جغرافية فلسطين. في الفصل 19 ، 20 ، 157 ، 166 يقول إن الناصرة وأورشليم ميناءان على البحر، مع أن الناصرة مدينة في السهل وأورشليم مدينة على الجبل. 2 - في الفصل 261 أن الحقول والأودية في فلسطين تكون جميلة في الصيف مع أن فلسطين كانت قاحلة في الصيف حيث لا تسقط الأمطار، لكن في الشتاء فقط. أما هذه الحالة فهي في غرب أوروبا. 3 - في الفصل 116 أنه في فلسطين توجد مقاطع للأحجار والرخام، مع أنه لا توجد في فلسطين بل توجد بكثرة في إيطاليا وأسبانيا. 4 - في الفصل 167 اليهود يضعون الخمر في براميل ثم يدحرجونها، مع أنهم كانوا يضعونها في زقاق من الجلد (يشوع 9: 13) أما البلاد المشهورة بحفظ الخمر في براميل فهي غرب أوروبا وخاصة إيطاليا وفرنسا وأسبانيا. 5 - جاء في الفصل 153 أن العساكر كانوا يتدربون على الفنون الحربية في زمن السلم. مع أن هذا التدريب لم يكن مألوفاً في فلسطين أثناء حياة المسيح بل في بلاد غرب أوروبا. والخلاصة ان هذا الكتاب يحتوي على كثير من الخرافات و المتناقضات والمبالغات والتجاديف0 وأذكر لك شهادة بعض العلماء المعاصرين على أنه إنجيل مزيف: أولاً: كتب الأستاذ عباس العقاد في صحيفة الأخبار الصادرة في 26 أكتوبر 1959 موضوعاً عن هذا الإنجيل به أربع نقاط رئيسية: · لوحظ في كثير من عبارات الإنجيل المذكور أنها كتبت بصيغة لم تكن معروفة قبل شيوع اللغة العربية في الأندلس وما جاورها. · أن وصف الجحيم في الكتاب يستند إلى معلومات متأخرة لم تكن شائعة بين اليهود والمسيحيين في عصر الميلاد0 · أن بعض العبارات الواردة به تسربت إلى القارة الأوروبية نقلاً عن المصادر العربية، وليس من المألوف أن يكون السيد المسيح قد أعلن بشارته أمام الألوف باسم "محمد رسول الله" 4 - تتكرر في هذا الإنجيل بعض أخطاء لا يجهلها اليهودي المطلع على كتب قومه0 ولا يرددها المسيحي المؤمن بالأناجيل المعتمدة في الكنيسة الغربية، ولا يتورط فيها المسلم الذي يفهم ما في إنجيل برنابا من المناقضة بينه وبين نصوص القرآن. ثانيا : قال الدكتور محمد شفيق غربال في الموسوعة العربية الميسرة تحت كلمة "برنابا" ما يأتي: إنجيل مزيف وضعه أوروبي في القرن الخامس عشر. وفي وصفه للوسط السياسي والديني في القدس أيام المسيح أخطاء جسيمة، كما أنه يصرح على لسان عيسى أنه ليس المسيح، إنما جاء مبشراً بمحمد الذي سيكون المسيح. إزاء هذه الأقوال نقول إن برنابا الحقيقي: · لم يكن من تلاميذ المسيح إذ أنه آمن بعد صعود المسيح (أع 4: 36) · قانونية كاتب سيرة السيد المسيح تتطلب أن يكون شخصاً عاش مع المسيح وعرف بنفسه كل شئ عنه. · الأشخاص الذين استخدمهم الله لتدوين الكتاب كانوا يحاولون دائما إخفاء أنفسهم ولم يذكروا أسماءهم أو شيئاً من أعمالهم الهامة. وإن اقتضى الأمر ذكر الاسم يكون للضرورة لتسجيل حقيقة وليس للدعاية. · أما كاتب إنجيل برنابا فهو شخص لم يكن مسيحياً بل يهودياً عاش في القرن 15 في أسبانيا (الأندلس) وكانت له فرصة للاتصال بعلماء المسلمين حينما وقعت الأندلس تحت حكم العرب ( 711 - 1472 م ) فاعتنق الإسلام ودرس العربية والقرآن كما درس الأحاديث النبوية والعلوم الصوفية والفلسفة الإسلامية وعمل بنفسه إنجيلاً جديداً اختار له اسماً لتكون له أهمية خاصة، ولفق قصة الراهب فارمارينو. ويعتقد البعض أنه سمى نفسه ( مصطفى العرندي). متى ؟؟ متى تم هذا التحريف؟ الاحتمالات الموجودة أربعة لا خامس لهم. إما قبل السيد المسيح أو بعده أو قبل الإسلام أو بعده. · فإذا كان قبل المسيح قلنا: لا يمكن للأسباب الآتية: 1- اقتبس السيد المسيح منها حين جُرب في البرية وكانت إجاباته كلها من التوراة مبتدأً بالقول "مكتوب". فهل يمكن أن يقتبس من كتاب محرف؟! 2- قال السيد المسيح يو 5: 39 لليهود "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية هي التي تشهد لي"؟!! فكيف يحيل اليهود ليفتشوا في كتاب محرف. 3- قال لليهود (يو 5: 46) موسى كتب عني ذاكراً التوراة فهل يمكن أن يذكر كتاباً محرفاً؟ · وإذا كان التحريف بعد المسيح أي في عصر التلاميذ، قلنا أيضاً لا يمكن: لأن التلاميذ اقتبسوا من التوراة في سرد قصة حياة السيد المسيح مستشهدين بنبوات الكتاب "كما قيل بالنبي القائل، كما قال النبي.." فكيف يستشهدون بكتاب محرف؟!! · هل يمكن قبل الإسلام؟ نقول: لا يمكن، لأن القرآن ذكر التوراة والإنجيل بخير الكلام وأحلى الصفات مُذكراً أهل الإنجيل بإقامة أحكامه، واصفاً من لم يقم بها "بالفاسقين" (مائدة 5: 47) كما أنه ينصح المؤمنين به بسؤال أهل الكتاب في حالة الشك فيما أنزل إليه (يونس 10: 94) والمؤمنين بسؤال أهل الذكر، إذا كانوا لا يعلمون (النحل 16: 43). ولم يذكر لنا شيئاً عن الكتاب المحرف ولا وصية بالبُعد والحذر منه وتنبيه المؤمنين من أهله حتى لا يختلط الأمر عليهم. · إذاً هل يمكن أن يكون تم التحريف بعد الإسلام؟ وبتلك الدعوى يكون النبي والمسلمون قد أخفقوا في تنفيذ أمر الله لهم والذي جاء في س المائدة 5: 48 مطالباً إياهم أن يحفظوا الكتاب (التوراة والإنجيل) من الضياع والتحريف – فيُسألون عن ذلك. كما لم يعلن أحد من الأئمة والمفسرين الأولين عن هذا ويحذرون من المحرف ويروجون السليم، أو قل أضعف الإيمان يحتفظون بالسليم لأنه كلمة الله ليكون شاهداً على أهل البدع والتحريف معلنين آيات التحريف أو الأجزاء التي تم تحريفها بكل وضوح وجلاء حتى لا يلتبس الأمر على المسلم الأمين بل يكون على علم يقين. |