إختبار
مصطفى
أنا
شاب لى من العمر ست عشرة سنة ، أعيش بين
أسرة متوسطة تتكون من سبع أنفس . وكنت فى
دراسة مستمرة . عشت منذ طفولتى فى شبة تشرد
مرير . فكنت تجدنى فى مجالس العابثين
المستهزئين ، الذين قذفت بهم أمواج الحياة
على الشاطىء القذر ، أسير على غير هدى ،
ولا أسعى إلى الحياة الأبدية . فكم كنت
أستهزىء برجال الدين، حتى والدى لم أكن
أحترمهما أو أطيعهما .
وفى يوم أشتد حره ، كنت أفتش عن أصدقائى ،
لم أجدهم ، إلى أن أتى بى القدر الرحيم إلى
زميل ، كنت أحسبه شريرا مثلى . وبدأنا
نتحدث سوبا بلطف ورزانة ، بخصوص الكتب
التى تدلنا على عظمة مولانا المسيح ،
أعجبنى حديثه ، لانه كان جديدا على ولم أكن
قد سمعته بعد . فقلت له بلهفة شديدة : زدنى
منه . فجذبنى إليه واخذ يقرأ لى من الكتاب
المقدس ، فأصغيت إلى أول جملة تعبيرية ،
الله
يعلم :"كلنا خطاة وبالخطيئة الموت .
خطايانا صارت حاجز بيننا وبين الله ينبغى
أن نخلص من خطايانا ، لأن يوم الدينونة
قريب".
حديث عن الله والأنسان معا ، لم أسمعه قط
بل كان جديدا على ، ومع ذلك لم أعره أى
أهتمام ، ونسيته حالما أنتهى صديقى من
تبشيرى ، فدفعنى فضولى وسألته : ما هذا
الكلام الذى تقوله ؟ وما هذا المجتمع الذى
حولك ؟ فقال أننى أبشرك بالكتاب المقدس .
وأننى أدعوك لزيارتى كل سبت ، فهذه جمعية
نجتمع فيها لتأدية الصلاة
والتبشيربالكتاب المقدس فوافقت فى الحال .
وفى اليوم الثالى كنا نسمع حديثه مرة أخرى
، بعدما أدينا الصلاة والترانيم . ولكن كنت
بين الحين والحين ، أتفوه بعبارات الهزء
والسخرية . خصوصا حين قال :
أن الخطية دخلت إلى العالم برجل واحد وهو
أدم ، فأصبحنا كلنا خطاة بالطبيعة ، ولا
نتطهر من خطايانا الا بدم برىء يسفك من
أجلنا . ولا نخلص الا بملجأ أمين نلتجأ
إليه ، كنت بليدا أدفع التهمة على أخوانى ،
وأقول أنا برىء وليس لى علاقة بخطية آدم ما
دام يفصل بينى وبينه آلاف السنين . ان الله
لغفور رحيم ، لم يخلقنا لكى يميتنا
يخطايانا . نعم هذا أمر صحيح ، ولكن مع أنه
غفور رحيم الا انه عال وقدوس ، يكره الشر
والاثم ولا يقبل الخطية ، بل يعاقب عليها .
انه لغفور رحيم عندما نتقدم اليه بالوسيلة
التى دبرها هو لانقاذ الانسان .
كنت احس بهذه الكلمات تقرع فى اذنى ، كلما
خلوت بنفسى مفكرا ومتأملا بؤسى وحالى
الحاضر من التشرد والهموم والضياع . ولبثت
أسابيع عديدة بمفردى ، أدفع هذه الافكار
عنى ، محاولا التخلص مما يتفاعل فى أعماقى
ويؤنبنى بشدة ، ولكن دون جدوى .
وسرعان ما وجدتنى اتردد الى منزل صديقى
لاجلس معه ساعة من الزمن . نقرأ فصلا من
الكتاب المقدس ونتأمل فيه ، فأحس براحة
وطمأنينة وعزاء . وفى يوم ثقلت على وطأته ،
وأشتدت مقاومة الشيطان لعمل كلمة الله فى
قلبى، وانتابتنى ساعات عديدة من الاضطراب
والتردد . آويت الى فراشى وخلوت بنفسى ،
وهناك اتضح لى جليا مبلغ خطيتى ومدى ضعفى ،
وحاجتى لمن أعتمد عليه مخلصا ومعينا
ومانحا الحياة الابدية والسلام الروحى .
وفى صبيحة يوم السبت . انطلقت الى صديقى
العزيز ، وتقدمت اليه قائلا : لقد تأكدت
اننى خاطىء ، وان الله احبنا وارسل لنا من
يرفع عنا الخطية بموته الكفارى . اما الآن
فلا اخجل ، واقولها بملء فمى : نعم .... نعم
.... انا خاطىء فأرحمنى يارب ... ورأيت صديقى
يبتسم ويفتح الكتاب المقدس ويقرأ على
القول الكريم : "لانه هكذا أحب الله
العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل
من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية " .
ثم يقرأ : " تعالوا إلى يا جميع المتعبين
والثقيلى الاحمال وانا اريحكم " .
نفذت هذه الكلمات إلى صميم قلبى ، فاذابت
فيه كل جمود وعناد ..... " تعالوا الى يا
جميع المتعبين والثقيلى الاحمال وانا
أريحكم" . فى الحال خلعت عنى افكارى
القديمة عن هذا الموضوع ، وارتميت عند
قدمى يسوع وقلت عليك وحدك أعتمادى يا مخلص
. خلصنى من خطيتى بدمك الكريم. عندئذ خرجت
وقد وضعت عن كاهلى كل احمالى ، وبدلت قلبى
القديم بقلب متجدد مملوء بالسلام والمحبة
محبة الله ومحبة الانسان . وها انا اصلى كل
يوم من اجل أصدقائى القدامى ، ومن أجل
الكثيرين أمثالهم حتى يختبروا خلاص
المسيح .
فأعنى يارب لتكون حياتى شهادة صادقة بعمل
المسيح فى قلبى من أجل تمجيده . وقد وافقت
بأن طريقا واحدا يؤدى إلى الجنة ، وهو طريق
النجاة التى فتحها لنا مولانا المسيح كما
هو مكتوب فى الكتاب : نعم يوجد إله واحد
ووسيط واحد بين الله والناس هو الانسان
يسوع المسيح ، الذى قدم نفسه فدية عن
الجميع . وهكذا بالرغم من صعوباتى التى
أعترضتنى فى طريق الإيمان ، قادنى يسوع
المسيح إلى الحياة الأبدية . لانه هكذا أحب
الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكى لا
يهلك كل من يؤمن به بل تكون به الحياة
الابدية .
|
|
حمل هذا الكتاب
الصفحة
الرئيسية |