مقدمة الاعتراضات على سفر نشيد الأناشيد والرد عليهـا

الاعتراضات على سفر نشيد الأناشيد والرد عليهـا

مقدمة

سفر نشيد الأناشيد والشعر

هل كُتب سفر نشيد الأناشيد بلغة مُبتذلة

ماهو التصـوف

العلاقة بين التصوف وسفر نشيد الأناشيد

العشق الإلهى والإبتداع فى الدين

ألفاظ سفر نشيد الأناشيد ومعانيها السامية

أوصاف الجسم

تعبيرات يُقال عنها لاتليق بكتاب من الله

سفر نشيد الأناشيد وجـنة حور العـين والولدان المخـلدين

الجنة فى القرآن والأحاديث والتفاسير

حور العين وعملهم فى الجنة

الولدان المخلدون ودورهم فى الجنة

الخمر فى الجنة

الفاكهة ولحم الطير فى الجنة

 مقارنة بين ماقيل فى الجنة ونشيد الأناشيد

كلمة ختامية

حمل هذا الكتاب

عودة للرئيسية

مقدمة

     الواقع إن الاقتراب من سفر نشيد الأناشيد، يشبه الاقتراب من الشجرة المشتعلة، بالنار المقدسة، التي رآها موسى النبي، حيث قال له الرب: "يا موسى! اخلع نعل رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة" (أع7: 37) .

وهذا ما ذُكِر في القرآن أيضا: "أن ياموسى اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى" (سورة طه20: 12) .

 والواقع أن الإنسان يلبس نعلا في قدميه للحماية من شوك الأرض الملعونة، التي قال الرب عنها لآدم "ملعونةٌ الأرضُ بسببك ... وشوكا وحسكا تنبت لك" (تك3: 17و18) .

ولكن إذا ما ترك الإنسان الأرض الملعونة بشوكها، وبدأ يقف على الأرض المقدسة بطهرها، وجب عليه أن يخلع ذلك النعل، من جهة، من أجل قداسة المكان، تماما مثلما يحدث في الدخول إلى أماكن العبادة. ومن جهة أخرى،  ليترك لحواسه أن تستشعر قداسة هذه الأرض المباركة، دون ما عائق. فخلع النعلين يشير إلى التحرر من العوامل المادية التي تقيد انطلاقة الروح في هذا الطريق الروحي. ومن هنا نستطيع أن نفهم ما قصده السيد المسيح بقوله: "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة" (يوحنا 6 : 63)، وكذلك ما قاله بولس الرسول: "الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة، أما الروحي فيحكم في كل شيء .." (1كورنثوس 2: 14)  ولعل هذا هو ما دعى السيد المسيح أن يحذر قائلا: "لا ترموا درركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأقدامها، وتلتفت فتمزقكم" (متى7: 6) .

 لهذا فعندما نقترب من سفر نشيد الأناشيد، بسمو معانيه ورموزه، علينا أن نخلع نعل المادية، والأفكار الشهوانية، ونتقدم في قداسة الفكر ونقاوة القلب، لأن: "كلَّ شيء طاهر للطاهرين، أما للنجسين وغير المؤمنين، فليس شيء طاهر، بل قد تنجس ذهنهم أيضا وضميرهم" (تيطس1: 15) .

وأحب أن أطمئن إخوانَنا المسلمين أن علماء الكتاب المقدس سواء في اليهودية أو في المسيحية منذ أقدم العصور، لم تكن تنقصهم الفطنة التي يدَّعيها المتطرفون من المسلمين، بخصوص ما يقولونه عن سفر نشيد الأناشيد، فلو كانوا قد وجدوا أن في هذا السفر شُبْهَةَ خزي، كما يدعي المتطرفون، لما كانوا قد وضعوه ضمن الأسفار المقدسة، في مجامع ضمت صفوة العلماء والفهماء والروحانيين!! أم أن علماء الديانتين كانوا أغبياء إلى هذا الحد، فلم ينتبهوا إلى ما اكتشفه متطرفو الدين الإسلامي!!! وكيف يدَّعى هؤلاء المتطرفون ذلك؟ بينما نبي الإسلام ذاته، لم يعترض على هذا السفر أو على غيره من الأسفار المقدسة، بل على العكس شهد للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد قائلا: "قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه" (القصص28: 49) .

 ومهما ادعى المتفلسفون بأكذوبة تحريف الإنجيل والتوراة، فليس من المعقول أن يأتي المحرِّفون بكتاب معيب كما يظن المدعون، بل كان من الأولى بهم أن يغيروا ما يثير الشبهات التي ينتقدها غير الفاهمين. ولكن إصرارَ رجال الديانتين، دون ما اتفاق بينهما، على الاحتفاظ بهذا السفر النفيس ضمن الكتب المقدسة الموحى بها، يجعلنا نقف موقف طالبي العلم والمعرفة، لندرك المعاني السامية المتضمنة فيه. وسوف يشمل حديثنا في هذا الكتاب الأمور التالية:

1ـ سفر النشيد والشعر الصوفي الروحي.

2ـ الألفاظ المعترض عليها في سفر النشيد.

3ـ سفر النشيد وجنة الخلد، مقارنة موضوعية.

من الرب نسأل أن يستخدم هذه الكلمات ليزيل كل التخوفات من قدسية كلماته، وليفتح الطريق أمام القلوب لتقبل نعمته والدخول فى عشرة حقيقية معه.