الاعتراضات على سفر نشيد الأناشيد والرد عليهـا

مقدمة

سفر نشيد الأناشيد والشعر

هل كُتب سفر نشيد الأناشيد بلغة مُبتذلة

ماهو التصـوف

العلاقة بين التصوف وسفر نشيد الأناشيد

العشق الإلهى والإبتداع فى الدين

ألفاظ سفر نشيد الأناشيد ومعانيها السامية

أوصاف الجسم

تعبيرات يُقال عنها لاتليق بكتاب من الله

سفر نشيد الأناشيد وجـنة حور العـين والولدان المخـلدين

الجنة فى القرآن والأحاديث والتفاسير

حور العين وعملهم فى الجنة

الولدان المخلدون ودورهم فى الجنة

الخمر فى الجنة

الفاكهة ولحم الطير فى الجنة

 مقارنة بين ماقيل فى الجنة ونشيد الأناشيد

كلمة ختامية

عودة للرئيسية

الفصل الثانى

ماهو التصوف ؟

 

كلمة تصوف مأخوذة من الصوف، والمقصود بذلك هو اللباس المصنوع من الصوف، الذي كان يلبسه المتقشفون الناسكون: وهم الرهبان في المسيحية، والزاهدون الصوفيون في الإسلام.

 

وبخصوص هؤلاء الصوفيين في المسيحية والإسلام فقد جاء عنهم في الموسوعة العربية الميسرة (ص525) الآتي:

 

[التصوف مسيحيا كان أو إسلاميا هو مراتب، يبدأ المتصوف فيه بتطهير نفسه من الدنس والأقذار والأهواء والنزعات المنحرفة، بحيث يصبح أهلا للتجلي. وما التجلي إلا شعور يزيد من محبة الله والقرب منه، وكلما قوي هذا الشعور اطَّرَد رقيُّ النفسِ حتى تحس بوجود الله في قرارها، بل باتحادها به اتحادا كليا ...] (الموسوعة ص527) .

 

هذا هو كلام الموسوعة العربية الميسرة عن التصوف الروحي، وهو العبادة المبنية على الحب المقدس أو العشق الإلهي. ويتضح هذا الاتجاه في كتابات الصوفيين ودواوينهم الشعرية التي تتشابه كثيرا مع ما كتب في سفر نشيد الأناشيد، بل أستطيع أن أقول أن ما كتبه الصوفيون المسلمون في العشق الإلهي، ما هو إلا انعكاس لما تأثروا به من سفر نشيد الأناشيد.

 

ومما يثبت لك أن التصوف الإسلامي قد أخذ عن التصوف المسيحي، أسوق إليك هذه الأدلة:

 

1ـ الدليل الأول: ما قاله الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتاب "شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية" (ص 10و11) قال:

[عندما نبحث عن مصدر التأثير الواعي أو اللاواعي في التصوف الإسلامي، يجب أن يتجه البحث إلى التأثير المسيحي إذ تغلُب عليه هذه الفكرة، فكرة المحبة الإلهية] .

2ـ دليل آخر: يقول أيضا الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتاب "شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية" (ص 6) إذ ذَكَر أنه في كوخها المتواضع كان يوجد مشجب "أي شماعة" تضع عليه أكفانها، فكانت تستخدم هذا المشجب بما عليه من أكفان، لتضع أمام عيونها موضوعا للتأمل أثناء الذكر العقلي، مثل القديسة تريزا والصوفية المسيحيين عامة في استخدامها نموذج الصليب، فكان صليبها هو مشجبها المجلل بأكفانها. وما أقوى الشبه كما سنرى بين هذه الصوفية المسلمة وبين تلك الصوفية المسيحية!" (ص6) .

 

3ـ ودليل ثالث: ما قاله الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتاب "شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية"  (ص 12) نقلا عن كتاب "تَذْكِرَةِ الأولياء" لكاتبه فريد الدين العطار، الذي قال:  "... لقد هبطت عليها رسالتها الروحية، عندما كانت تسير ذات يوم، فشاهدت رجلا غريبا يرمقها بنظره مضمرا لها الشر، فهربت وسارت في طريق دمشقها هي الأخرى (أي مثل بولس الرسول الذي رأى نفس الرؤية وهو في الطريق إلى دمشق). ثم ارتمت على التراب وظلت تناجي ربها قائلة: "إلهي أنا غريبة يتيمة،مكبلة بقيود الرق والعبودية، ولكن همي الكبير هو أن أعرف: أراض أنت عني أم غير راض؟ فسمعت صوتا يقول: "لا تحزني! ففي يوم الحساب يتطلع المقربون إلى  السماء إليك ويحسدونك على ما ستكونين فيه" فلما سمعت هذا الصوت عادت إلى بيت سيدها، وصارت تصوم وتخدم سيدها وتصلي لربها طوال الليل". ويكمل حديثه قائلا:

    "إن رابعة العدوية لم تجد خلاصا أو بالأحرى عزاءً لها إلا في الإيمان والثقة بالله والتعزي بالآخرة، وهي ظاهرة طالما حدثت في النفوس النبيلة ... ونراها في الجيل الأول للمسيحية ... ومن هنا تنصرف هذه النفوس النبيلة إلى طلب الملكوت الأعلى" (ص12) .

 

4ـ ودليل رابع:عندما اتُّهِم الحسين ابن منصور الحلاج بالكفر، وهو أحد رواد التصوف الإسلامي بالعراق في القرن التاسع الميلادي، [هل تدري ماذا فعلوا به؟] جاء في (الموسوعة العربية الميسرة ص 732) أنهم صلبوه، ثم قطعوا رأسه، ثم أحرقوه!! ونسأل لماذا صلبوه؟ نجد الإجابة في أحد أبيات شعره التي عبر بها عن تأثره بالمسيحية إذ قال:

ألا أَبـْلِـغْ أحبـائي بـأنـي           ركبت البحر وانكسر السفينة

على دين الصليب يكون موتي           فلا البطحا أريـد ولا المديـنة

هذه يا عزيزي فكرة مبسطة عن التصوف الروحي في المسيحية والإسلام، والتصوف موجود في كل أديان العالم: الديانة الفارسية، والهندية، واليهودية، وطبعا المسيحية والإسلام، وتوجد في الإسلام مدارس متعددة للتصوف منها: المدارس الحجازية، والعراقية، والشامية، والمصرية، والمغربية، والسودانية، وغيرها ولكل مدرسة روادها. وتتفق هذه المدارس فيما بينها في أمور، وتختلف في أمور أخرى.  وعن هذا يحسن أن تقرأ كتاب "المذاهب الصوفية ومدارسها للإستاذ عبد الحكيم عبد الغني قاسم".