لقائي مع المسيح
مرت الأيام طويلة وثقيلة، وتعرضت لضغوط شديدة لدرجة أني كنت أشعر بالجوع أنا وابنتي، لكن ماذا نفعل! لا أستطيع أن أخالف هذه الأوامر، لابد أن انتظر إلى المساء حتى أجد من أرسله ليشتري لنا طعاماً. وأحياناً كانت هذه الصديقة تسافر أو تذهب لزيارة أصدقائها وتتركنا بدون طعام لمدة يوم أو يومين ولكن ليس أمامنا سوى الصبر. مرت أربعون يوماً على هذه الحال وقلت في نفسي لعلي أخطأت والرب يؤدبني ومن يحبه الرب يؤدبه، ووقفت أصلي "إلهي سامحني إن كنت قد أخطأت بقصد أو بغير قصد، إلى متى سأظل في هذا العذاب! إني أشعر أني سجينة في هذا البيت. ووعدني أحد الأصدقاء أنه سوف يدبر لنا جوازات للسفر للخارج ولم يتمكن من وعده، أرجوك يا إلهي لا أستطيع البقاء هنا أكثر من ذلك" وجاء صوتك الحبيب في صدري "أنت لم تفهمي ما قلته لك أول مرة عندما قلت لك أنظري إليّ، وقلت أني خائفة، قلت لك لا تخافي أنظري إلي، ورغم أني أنقذتك عدة مرات إلا أنك لا زلت تخافين وتنظرين إلى البشر، قومي واخرجي وسوف أدبر لك من يساعدك في استخراج بطاقات شخصية جديدة باسمك الجديد، إنه ذلك الشخص الذي كان قد وعدك من قبل ولكن عند انتشار الشريط الكاسيت واضطراب الموقف خاف منك وابتعد عنك، سوف أعطيه سلاماً ليقوم بهذه المهمة ولا تخافي . . سلامي يملأ قلبك" آه سامحني يا قدير . . أنا ضعيفة، أعن ضعفي وقوني. وفي صباح اليوم التالي خرجت إلى الشارع وأن في حمايتك ورعايتك واتصلت تليفونياً بهذا الشخص وأجده يرد علي قائلاً "كنت أفكر فيك بالأمس وتناقشت أنا وزوجتي وأمي وأختي وقررنا جميعاً بعد أن صلينا أن أستخرج لك ولابنتك بطاقتين شخصيتين جديدتين بأسماء جديدة، حاولي أن تحضري معك صور لك ولابنتك وحاولي أيضاً أن تغير في شكلك وأرجوك أن يتم هذا في أسرع وقت ممكن" كدت أطير من الفرح لقد قرروا بالأمس فقط أن يقوموا باستخراج البطاقات في نفس الوقت الذي كلمتني فيه، أمرتهم أن يوافقوا وكان، وكيف لا يكون وأنت يا حبيب صادق الوعد أمين، سجدت عند قدميك أشكرك وجاء صوتك الحبيب في صدري قائلاً "سوف أعطيه سلاماً وسوف يقوم باستخراج جوازات سفر لك ولابنتك."
سافرت إلى هذا الشخص أنه في بلدة صغيرة تبعد عن القاهرة حوالي مائة وعشرين كيلومترات، قابلني بكل ترحاب ووجدت فيه محبة المسيح الصادقة دون غش أو رياء وأعطيته الصور الخاصة بي وبابنتي ووعدني أن أعود إليه بعد يومين فقط أنا وابنتي لنستلم البطاقات الجديدة، وعدت إلى القاهرة. ما كل هذا! أنا أسير في الشارع وفي مصر الجديدة وأركب المواصلات لقد ذهب الخوف بعيداً عني وسلام الله يملأ قلبي.
ظللت أعد الساعات المتبقية بل الدقائق حتى حان موعد استلام البطاقات . . سافرنا أنا وابنتي ووصلنا وإذ به يقدم لنا بطاقتين، إنه صادق وفي بوعده وكيف لا والرب قد أمر، شكرت الحبيب وفوجئت بهذا الشخص يقول "هل تفكرين في السفر للخارج أم ستكتفي بهذه البطاقات وتحاولي الظهور في مكان آخر بشخصيتك الجديدة؟" قلت له "إني أفكر في السفر للخارج . . لكن لتكن إرادة الله لا إرادتي ولكن لماذا تسألني هذا السؤال؟" قال "مستعد أن استخرج لك ولأبنتك جوازات السفر ولكن من بلدة أخرى. ما رأيك؟" قلت له في لهفة "طبعاً موافقة" فقال "أعطيني فرصة عشرة أيام أو أسبوع حتى أجهز لك الأوراق المطلوبة." شكرته وانصرفنا وفي الطريق رفعت قلبي لك أشكرك أنت هو أنت ولا أحد سواك، سأظل أكرر ما دمت حية، أنت صادق الوعد وأمين، بيدك كل شيء ومعك لا نحتاج لشيء، ليت الجميع يعرفون كيف تدبر حياة من يسلمك بصدق حياته، بهذه السرعة وهذه البساطة بكلمة منك ملأت قلبه سلاماً، في لحظة تغير، بعد أن خاف مني ورفض مساعدتي أجده يعرض علي استخراج جوازات السفر، لك المجد الدائم، إلهي بارك هذا الرجل بكل بركة وحافظ عليه وثبته في إيمانك هو وأهل بيته ليتمجد اسمك القدوس الآن وكل أوان، أشكرك . . أسبحك . . أسجد لك لآخر لحظة في عمري. عدت إلى ذلك المنزل وقررت أن أتركه وأعود إلى الإسكندرية بمفردنا لا حاجة لنا لبشر أو سيارة خاصة، سافرنا في الأتوبيسات. وجهك الحبيب يسير أمامي ينير لي الطريق قدني يا إلهي أسير وراءك في أمان فرحة . . سعيدة . . مطمئنة.
وصلت إلى الإسكندرية وذهبت إلى تلك الشقة المفروشة أنها في مكان هادئ على البحر ونحن في شهر ديسمبر والجو بارد، لا يوجد أحد تقريباً. ولكنك أنت معي دائماً أنت ساكن في أعماق قلبي ونفسي أحبك يا إلهي. مضى أكثر من عشرة أيام، لابد أن أوراق جوازات السفر قد أعدت وقررت أن أسافر إلى هذا الشخص العزيز . . سافرت إليه ووجدته يقدم لي أوراق جوازات السفر مختومة وموقعة من شخصين آخرين وبعد ذلك سافرنا إلى بلد آخر وتم استخراج جوازات السفر بسرعة مذهلة، لقد تسلمناها في نفس اليوم. نعم أنه أنت المدبر فلا داعي للعجب . . إنه عملك العجيب وكيف لا يكون عجيباً وأنت عجيب! مبارك اسمك.
عدت إلى الإسكندرية ومعي البطاقات الجديدة وأيضاً جوازات السفر الجديدة ولكن هناك مشكلة كبيرة كيف سأحصل على تأشيرة دخول أي دولة؟ وأين أسافر؟ وتذكرت على الفور أنه في أحد الأيام "الخمسين يوم" التي قضيتها في القاهرة بمصر الجديدة قادني إلهي الحبيب إلى أحد الكنائس وسلمت على راعي الكنيسة، فوجئت به يقول لي "لابد أن تسلمي نفسك للبوليس لا مفر أمامك ولا داعي للهرب أكثر من ذلك أن هناك الكثيرون في السجن بسببك" قلت له في هدوء "إنها إرادة الرب وما ذنبي" فقال "لا تنسي أنهم مغتاظون بسبب عدم مقدرتهم القبض عليك ولذلك يقبضون على كل من له صلة بك أو حتى من يجدون شريط الكاسيت المسجل بصوتك معه، فلا داعي لإيذاء الناس أكثر من ذلك" فقلت له "ولكني أخذت وعد من ربي أني لا أقع في أيديهم وأنه بقي لي عمل آخر سيستخدمني فيه الله، لقد قال لي لا تخافي سوف أرتب لك كل شيء" فابتسم وكأني أهدني أمامه وقال "أظن أنه كلما أسرعت في تسليم نفسك للبوليس كان أفضل لك" فقلت له "ربما لو سلمت نفسي للبوليس وتعرضت للضرب والتعذيب أضعف وأضطر إلى الاعتراف بأسماء الأصدقاء الذين كانوا يساعدونني مادياً والذين كانوا يستضيفونني في منازلهم" فصرخ قائلاً "إياك أن تذكري اسم أي أحد منهم، الجميع يعرف أنك كنت تشغلين منصباً كبيراً وكنت تتقاضين مرتباً كبيراً وكان لك سيارة، قولي أنك كنت مدخرة ثمن بيع السيارة وجزء من مرتبك" قلت له "لقد أكد لي ربي أنه سيساعدني في الحصول على بطاقة شخصية جديدة باسم جديد وأيضاً جواز سفر لي ولابنتي وسوف يدبر لنا كل شيء وسوف نسافر إلى الخارج،" رد علي قائلاً "إن تمكنت من ذلك فأنا أستطيع أن أحضر لك تأشيرة دخول إحدى الدول الأوروبية" وسلمت عليه وانصرفت. لم يعلق في ذهني إلا كلمة واحدة أنه يستطيع أن يحضر لنا تأشيرة دخول إحدى الدول الأوروبية وفي الحال تذكرت كل هذا الحديث وجريت إلى التليفون أتصل به ووجدته يرد علي بنفسه وأعطاني موعد لأحضر إليه جوازات السفر. إلهي الحبيب السماء والأرض تزولان وحرف واحد من كلامك لا يزول. أشهد لك! لقد لمست بنفسي صدق كلامك وصدق وعدك . . أشكرك يا إلهي . . إنك جعلتني أعرفك وأحبك وأثق فيك كل الثقة . . ليتني عرفتك قبل ذلك ولكنك تختار دائماً انسب الأوقات. في صباح اليوم التالي ركبنا الأوتوبيس المتجه إلى القاهرة . . يا للعجب إنه توجد لجنة في بداية الطريق تفتش كل السيارات ولكنها لا تفتش الأوتوبيسات، انهم لا يعتقدون أن لي الجراءة أن أركب أوتوبيس، يظنونني أني لا زلت خائفة أهرب من مكان لآخر مختبئة في سيارة وربما في شنطة سيارة ولكن لا يعرفونك يا إلهي! لا يعرفون معنى أنه إذا كان الله معنا فمن علينا، لا يدركون عمق معناها ولكني بنعمتك عرفت وعشت وجربت بنفسي . . أريد أن أصرخ بكل قوتي في الجميع قائلة "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب."
وصلت إلى القاهرة وذهبت إلى الكنيسة في وضح النهار وسلمته الجوازات وكان علي أن أعود إلى الإسكندرية في نفس اليوم وليس أمامي سوى السيارات الأجرة، إنها لسبعة أشخاص فقط ولكن ليس يهم! أنت معي . . ركبت أنا وابنتي وجلسنا بجوار السائق ومكثت طول الطريق أشكرك يا حبيب . . فوجئنا بلجنة توقف السيارة ووقفت السيارة . . أنا وابنتي في أول السيارة! وادخل الضابط رأسه من النافذة ولكنه لم ينظر إلينا . . إنه لم يرانا، أنا واثقة أنه لم يرانا . . أشار للسائق "مر" وسارت السيارة. مجداً لك يا ربي وإلهي ومخلصي ورجاء العالم كله.
ودعنا عام 1989 واستقبلنا عام 1990 ووقفت بين يديك يا قدير أصلي لك وأشكرك، ومرت أمامي أحداث عام 1989، يا له من عام حافل . . كل هذه الأحداث ويمينك القوية تظللني وتحميني وتنقذني. مبارك اسمك القدوس . . أرجوك يا إلهي استخدمني لمجد اسمك . . ما فائدة أيامي وحياتي على الأرض إن لم تكن لك وبك ومعك، إلهي كلي اشتياق إليك، مشتاقة إلى رؤياك الحبيب، متى ترد غربتي! أنا غريبة على الأرض، إلهي ضمني إليك . . إلهي المعتني بي أكثر من اهتمام الأم برضيعها من أين لي ثمن تذاكر السفر للخارج؟ وكيف سأمر وصورتي في كل المطارات والمواني؟ نعم اسمي تغير إلى اسم جديد، ولكن صورتي؟ لكني أعلم جيداً أنه غير المستطاع عند البشر مستطاع عندك . . أنت كلي أملي . . وضعت كل أحمالي عند قدميك ولن أنسى القول المكتوب "سلمنا فصرنا نحمل."
ثم جاء صوتك الحنون في صدري قائلاً "لا تخافي، انظري إلي فقط" وشعرت بالراحة والسلام، إنك دائماً تملأ قلبي ونفس سلاماً. وفي تلك الليلة رأيت في نومي أن يدك الحنون تمد لي وتعطيني تذكرتي الطائرة للسفر للخارج وعندما استيقظت من نومي وقفت بين يديك الكريمتين أشكرك وأمجدك وأسبحك واستسمحك فأنا لا زلت ضعيفة، أفكر بعقلي البشري المحدود، سامحني يا إلهي الحبيب. ومرت الأيام وجاء موعد استلام جوازات السفر وسافرنا من الإسكندرية إلى القاهرة في الأوتوبيس وأيضاً لا زالت اللجنة في الطريق تبحث عن ولا يراني أحد، واستلمت الجوازات وبها تأشيرة دخول إحدى الدول الأوروبية وفوجئت "بأبونا" يقول "لك عندي مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من راعي كنيسة أخري كان يبحث عنك ليسلمك هذا المبلغ لأنه عرف أنك في حاجة إليه وأيضاً دبر لك مبلغ ألف دولار سوف تأخذيها عند سفرك." قلت له "لن آخذ هذا المبلغ لأنه ثمن تذاكر السفر وأنا رأيت في رؤية أن يد أبي السماوي تعطيني تذاكر السفر فأرجوك اشتر أنت لي تذاكر الطائرة بيدك وأعطها لي بعد ذلك" ووافق وصافحته وشكرته وانصرفنا وكان علينا أيضاً أن نعود في نفس اليوم إلى الإسكندرية وكذلك ليس أمامنا إلا السيارات الأجرة. وبنفس الطريقة نمر على لجنة عند مدخل القاهرة وأخرى عند مدخل الإسكندرية، ولكن أشكرك يا إلهي الحنون لقد ملأت قلبي سلاماً وساعدتني أن أطرح الخوف خارجاً، وقبل أن أعود إلى الإسكندرية شعرت بشوق إلى إحدى الصديقات، إنها صديقة مسيحية مؤمنة ملأ نور المسيح قلبها، أحبتني وفتحت لي قلبها وبيتها وفي الوقت الذي خاف مني الجميع وابتعد عني، اقتربت هي مني واستضافتني عندها أكثر من شهر، أحاطتني بحبها لدرجة أن أحسست أنها أمي وأحسست هي أيضاً كأني أمها وأصبح زوجها أخي وأولادها أولادي، باركها يا رب بكل بركة وحافظ عليها وسيج حولها وبارك في زوجها وأولادها . . صليت لك يا حبيب هل أذهب لزيارتها وجاء ردك في صدري "لا تخافي اذهبي" وذهبت وعندما فتحت الباب ووجدتني احتضنتني بكل حب وحنان وشعرنا أننا نحب بعضنا البعض في اسمك القدوس المبارك العظيم. أمضيت عندها حوالي ساعة لكني لم أشعر بالوقت وفوجئت بشقيقها يقول "ما رأيك في أن تسافري من ميناء آخر غير ميناء القاهرة وتسافري بوسيلة أخرى ولا تسافري إلى الدولة التي تقصديها مباشرة بل قسمي الطريق" ووجدت كلامه يملأ نفسي وعقلي وشعرت أنها رسالة منك أنت يا حبيب، وفهمت الآن لماذا شعرت بالحنين إليها ولماذا جاء ردك في صدري "لا تخافي اذهبي" لكي ترشدني إلى الطريقة التي أسافر بها. ما أعظمك يا إلهي! ما أحلاك! أحبك يا إلهي . . قلبي وروحي يهتفان بحبك وعقلي وفكري مشغولان بك . . آه يا ربي لو عرف الجميع حسن تدبيرك الذي يفوق العقل والخيال . . لا بل لا يستطيع خيال أن يصل إليك، أنت. يا من تطعم طيور السماء وسمك البحار وحتى دود الأرض دون أن يسألك! فكيف يكون مقدار عطائك لمن يسلمك حياته وأيامه ويعترف بك، إلهي أنت تشعرني دائماً أنك لا تهتم بأحد غيري على الأرض . . تشعرني أني ابنتك الوحيدة المدللة التي توليها كل الحب وكل الحنان وكل الرعاية . . مجداً لك.
وصلنا إلى الإسكندرية وما زال كلام شقيق صديقتي يرن في أذني. سجدت بين قدميك وشكرتك يا إلهي الحبيب الطيب، وطلبت منك إن كانت هذه الرسالة منك وبهذه الطريقة تريدني أن أسافر، أعط "أبونا" هذا الفكر وهذه الطريقة. أسبحك وأمجدك وأسجد لك لآخر نفس في صدري.
وبعد يومين . . اتصلت تليفونياً ووجدته يقول لي "احضري غداً واحضري معك كل حاجياتك لأني حجزت لك للسفر." في صباح اليوم التالي سافرت إلى القاهرة وفوجئت به يقول لي "لقد سمعت هاتفاً في أذني يقول ألا تسافري من مطار القاهرة ولكن من ميناء آخر وبوسيلة أخرى، وأن نقسم الطريق وليس إلى الدولة التي ستستضيفك بل إلى أخرى ثم إليها، وفي تلك اللحظة تأكدت أنه صوتك ولا عجب نعم أنت أقرب إلي من نفسي لأني أنا فيك وجزء منك، ألسنا كلنا أعضاء في جسدك الحبيب، إلهي ما أحلى الحياة معك! أنت تكفل لنا الراحة وتفكر لنا وتدبر لنا أمورنا. تسلمت التذاكر من يدك الكريمة بعد أن صلينا وودعت "أبونا" وأيضاً ودعت القاهرة. لا اعتقد أني سأراها مرة أخرى، كم أحببت بلدي وكم تمنيت أن أبقى فيها ولكن لتكن إرادتك لا إرادتي. أكثر من مرة صليت إليك يا إلهي الحبيب عندما ضاق بي الحال في مصر . . إليه كما أخرجت شعبك بني إسرائيل من مصر أخرجني أنا وابنتي من مصر . . والآن علي أن أستقل القطار إلى بلد آخر أسافر منه للخارج، سيكون السفر يوم الأحد القادم . . أنه اختيارك يا إلهي . . أن أسافر يوم الأحد وإلى هذه الدولة.
وصلت إلى هذه المدينة وعلي أن أبقى بها عدة أيام قبل موعد سفرنا، مر الوقت سريعاً ووقفت أصلي لك وأقول لك كما قال موسى عند خروجه مع شعبك بني إسرائيل من مصر "إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا من هاهنا" وأيضاً جاء ردك في صدري "لا تخافي أنا حافظ خطواتك" قلت لك أرجوك يا إلهي سر بوجهك أمامي فتريحني.
أحضرنا سيارة أجرة ووضعنا حقائبنا وركبنا السيارة وانطلقت إلى الميناء، وصلت في الموعد المحدد وحلمت حقيبتي ودخلت إلى مكتب الجوازات وخلفي ابنتي وأنا أكاد أن أسقط على الأرض، سامحني يا ربي أنها لحظة حرجه وصعبة فقد رأيت صورتي أسفل مكتب ضابط الجوازات . . أخذ الضابط مني جواز السفر والتذكرة وتفحص الجواز للحظة ثم سألني لماذا سوف تسافري؟ قلت له وأنا أرتعد من الخوف "للعلاج، لي أقرباء هناك سوف أقيم عندهم" ثم ختم الجواز وقال لي "مري" وجاءت خلفي ابنتي ومرت من أمامه وانطلقنا إلى الداخل وأنا لا أصدق نفسي، لكن بعد دقيقة وجدت أحد الضباط ينادي على أسمي ويطلب جواز سفري لفحصه مرة أخرى . . شعرت أن صوت دقات قلبي أعلى من كل الأصوات . . جلست ولم أقو على الوقوف وناديتك يا حبيب "الهي لقد وعدتني أني لن أقع في أيديهم وأنا واثقة أنك صادق الوعد أمين . . اللهم التفت إلى معونتي يا رب . . أسرع وأعني" وفي الحال جاء صوتك الحبيب قائلاً "لا تخافي سوف تمرين بسلام" وبعد لحظات جاء الضابط في هدوء وأعطاني جواز سفري دون أن ينطق بكلمة واحدة.
مجداً لك يا قدير، وعندما سمعنا النداء بالصعود جرينا أنا وابنتي ونسينا حقائبنا وكان المهم عندنا في تلك اللحظة هو الخروج من الميناء. ركبنا وجلسنا وتنفست نفساً عميقاً وقبل أن يخرج من صدري سمعت في الميكروفون من ينادي علينا وشعرت بإنهيار كامل . . لم أقو على الوقوف أو الرد على من ينادي وذهبت ابنتي لترى ما حدث . . وعرفت السبب . . أننا نسينا حقائبنا . . فأحضرتها ومرت لحظات ثم انطلقنا، وابتعدنا . . وابتعدنا . . وابتعدنا . .