الباب الثامن
قبول المسيح والاختبار الشخصي
اعتراض: يقول البعض أن موضوع الاختبار الشخصي هو أمر بروتستانتي.
وللرد على ذلك نقول، أن البروتستانت يتكلمون عن الاختبارات بأنها بديلة لأسرار الكنيسة المقدسة.
وقد وضح قداسة البابا شنوده الثالث ذلك بقوله:
(1) [إنهم (أي البروتستانت) لا ينظرون إلى الأسرار من حيث مفعولها السري في الإنسان، إذ ينال بها نعمة غير منظورة بفعل الروح القدس وبخدمة الكهنوت ... وإنما ينظرون إلى كل سر، على اعتبار أنه اختبار! ولا يسمون الأسرار أسرارا، وإنما يسمونها اختبارات! يقولون أن هناك اختبارين هامين يجب أن يجتازهما الإنسان، وهما التبرير والتقديس. ويضعون هذين الاختبارين في موضع سر المعمودية وسر الميرون، دون الإشارة إطلاقا إلى هذين السرين، ولا إلى علاقتهما بالكنيسة وبالكهنوت!!
الولادة الجديدة مثلا، ليست عندهم سرا من أسرار الكنيسة تتم في المعمودية، وإنما هي اختبار! ويسألون: هل حصلت يا أخي على اختبار الولادة الجديدة؟ ... وتضيع أسرار الكنيسة عندهم وتتحول إلى اختبارات!]
(كتاب بدعة الخلاص في لحظة ص18و19)
وهنا يكمن الخطأ في الفكر البروتستانتي، أنهم يستعيضون عن الأسرار بالاختبارات، فيرفضون أسرار الكنيسة ويرفضون الكهنوت. أما الاختبارات الروحية في عشرة الرب واللقاء معه والتمتع به فهي من صميم العقيدة القبطية الأرثوذكسية كما يتضح مما يلي:
(2) من أقوال قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث:
[هل تعرف الله؟ ما عمق هذه المعرفة؟
قد يبدو السؤال غريبا. فكل إنسان يظن أنه يعرف الله، وربما يقصد معرفته أنه يوجد إله. ونحن لا نقصد مطلقا هذه المعرفة العقلية السطحية. فالشيطان أيضا يعرف أنه يوجد إله ... فهل أنت تعرف الله هذه المعرفة العقلية وكفى؟ وهل معرفتك مصدرها الكتب، أو مجرد سماع العظات والتعليم؟ دون أية معرفة اختبارية في حياتك، في داخل قلبك؟ ... أسوأ ما في المعرفة العقلية، أن تكون معرفة بلا علاقة! لذلك فهي لا يمكن أن تكفي ... إنها تشير إلى الله من بعيد، ولكن يبقى أن تقترب إلي الله، وتعرفه عن طريق الخلطة والمعاشرة والحياة معه. وهكذا تعرف الله الذي يسكن فيك، وليس مجرد الله الذي في الكتب. فهل تشعر بوجود الله فيك ومعك؟ هل الله له وجود عملي واضح في حياتك؟ هل الله بالنسبة إليك هو مجرد فكرة؟! أم له كيان حقيقي تشعر به، وله وجود في حياتك؟ ما مدى إحساسك بالله ووجوده وفاعليته فيك؟ ... ما هو الله في مفهومك؟ وما نوع العلاقة التي تربطك به؟]
(كتاب الله وكفى ص 10و11)
(3) وقال قداسته أيضا: [ليتنا في حياتنا جميعا نختبر عمل النعمة. كثير من الناس لم يختبروا عمل النعمة بعد!! ... لم يختبروا نعمة الله، ولم يسلموها حياتهم لتعمل فيها... ولعل واحد يسأل: أنا لم أر هذه النعمة التي تعطى! أنت لم ترها لأنك لم تختبرها ... ولم تختبرها لأنك لم تطلبها ... ولم تطلبها لأنك لا تشعر حتى الآن بقيمتها في حياتك من كل ناحية]
(كتاب الله وكفى ص 21و66)
(4) ومن أقوال قداسته أيضا:
[إيمان الثقة والاختبار: إنه ليس الإيمان بالله الذي نقرأ عنه في كتب اللاهوت، أو في المعاهد الدينية، أو في الكنائس وفي فصول التعليم الديني على أنواعها. وإنما إيمان بالله الذي اختبرناه في حياتنا وعاشرناه وأدخلناه في كل تفاصيل حياتنا واختبرنا عمليا قول داود النبي "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز34 :8).. ذقنا حلاوته وحبه ورعايته .. وجربنا كيف يدخل في مشاكلنا ويحلها بطرق ما كانت تخطر على عقولنا.
ونتيجة الاختبار صارت لنا ثقة غير مبنية على الكتب، وإنما على ما لمسناه بأيدينا… لذلك إيماننا إيمان حقيقي راسخ في قلوبنا.]
(كتاب حياة الإيمان ص44)
(5) ومن أقوال قداسته أيضا:
[الإيمان البسيط يثق بعمل الله، عقيدياً، وعن طريق الخبرة. الإيمان يدخل الإنسان في دائرة الاختبارات. والاختبارات تعمق الإيمان وتبنيه على أسس واقعية وليس على مجرد أسس نظرية. والإيمان والاختبارات يقويان بعضهما بعضا… حتى يصل الإنسان إلى يقين بديهي وهو بساطة الإيمان].
(كتاب حياة الإيمان ص68)
(6) وقال أيضا قداسته:
[الخبرة مع الله: الق نفسك في دائرة الله. عش معه واختبره. جرب الاتكال عليه. حينئذ سترى عجائب من عمله معك. أما إن كنت طول حياتك تحصر نفسك في دائرة إمكانيات الفكر، والذكاء البشري، وخبرات المجتمع، ومشورات الناس، بعيدا عن الله، تأكل كل يوم من شجرة معرفة الخير والشر، فكيف تصل إذن إلى الإيمان؟!
إذن اختبر عمليا وجود الله في حياتك، عاشره لتعرف من هو. وكما قال داود النبي "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز34: 8)]
(كتاب حياة الإيمان ص89)
(7) من أقوال الأنبا موسى عن الاختبارات:
[ما مدى اختباري لفعل الخلاص في حياتي؟ وما مدى شبعي بالمسيح؟]
(كتاب كيف نخدم الشباب ص79)
(8) ومن أقوال نيافته أيضا:
[احذر يا أخي من أن تكون واحدا من أولئك السائرين في ركب الجماعة دون حقيقة داخلية، واختبار شخصي أصيل. ادخل إلى أعماقك واكشف نفسك أمام الله. وافحص مدى أمانتها للمسيح وتصميمها على الطريق وارتباطها بفعل النعمة. هل أشعر أن فعل الخلاص بدأ يسري في حياتي؟]
(كتاب كيف نخدم الشباب ص 102)
(9) ومن أقوال نيافته:
[الشاب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة يحس بتغيير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها حتى ندركها. النعمة طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد، وإغراءات العالم وإيحاءات العدو. إنها ببساطة: الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: القبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة ...]
(كتاب كيف نخدم الشباب ص 124)
(10) وقد أجمل نيافته الحديث عن أهمية الاختبارات بقوله:
[نعمة الاختبار: فالمسيحية اختبارات وليست مجرد معلومات، ... الاحتياج الماس الآن يتجه نحو خدام مختبرين الطريق ينقلونه بخبرتهم وقدوتهم أكثر مما ينقلونه بكلامهم ... لهذا ينبغي أن يستمر الخادم متجددا يوما فيوما في اختبارات الحياة الداخلية والحياة اليومية مع الله، ولا يتوقف عند حد، لأنه ما أخطر الشعور بالاكتفاء والإحساس بالوصول]
(كتاب كيف نخدم الشباب ص 166) |