دعـــوة ملوكــــية
" هلمي معي من لبنان يا عروس معي من لبنان .. انظري من رأس أمانة من رأس
شنير وحرمون من خدور الأسود من جبال النمور .. "
( نش 4 : 8 )
العريس السماوى هو ملك ملوك الأرض ورب الأرباب .. هو الرب يسوع المسيح ..
وهو يدعو النفس البشرية عروسه المحبوبة ، يدعوها دعوة مقدسة من لبنان
لتأتى إليه وترتمى فى أحضانه الممتعة .. وعن هذه الدعوة الملوكية قال
الرسول بولس : " الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل
بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة
الأزلية " (2تي 1 : 9)
ولنا فى هذه الدعوة الملوكية ، كلمات ثلاثة .. هى :
1) وميـــضٌ بَّراق .
2) أخطارٌ ومشــاق .
3) حـــنانٌ وإشفاق .
أولاً : وميــضٌ بـــَّراق
لبنان بلد جميل جذاب ، غنى بالطبيعة الساحرة .. حتى أن البعض يسمونها
عروس الدنيا .. فيها أرز لبنان المعروف باستقامته وبروعة تنسيق أوراقه ..
وفيها جبال الأرز التى تخترق السحاب فى علوها ويغطيها الثلوج والزروع
الخضراء المبهرة ... وهى هنا فى هذا الموضوع ترمز إلى مجد العالم وبهائه
.. والعريس السماوى يدعو عروسه من وميض هذا العالم البراق الخدّاع ، حتى
لا تنجذب لجماله الفانى وتُخدع ببريقه الوقتى ويشغلها عن جمال الحبيب
الباقى الذى لا يتغير مهما مرت السنون أو فاتت الأيام ...
لذا تذِكّرنا الكنيسة فى نهاية قراءة الكاثوليكون ألا نحب العالم ولا
الأشياء التى فى العالم لأن العالم يمضى وشهوته ، أما من يصنع مشيئة الله
فهذا يثبت إلى الأبد ...
وقد يكون بريق العالم واحداً مما يلى :
1) وميض الذات والأنا :
لقد لمع هذا البريق الفانى أمام نبوخذنصّر الملك .. فبعد أن بنى مدينة
بابل العظيمة تضخمت ذاته ولمع بريق مجد العالم الفانى أمام عينيه فقال :
" أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة إقتداري ولجلال
مجدي .. " (دانيال 4 : 27) فعلىَ الفور زال عنه المجد وخبا بريقه الخداع
وصار كالحيوان يأكل العشب كالثيران وابتل جسمه بندى السماء إذ أصابته
سهام المجد الباطل .. أما الرب يسوع المسيح فقال : " مجداً من الناس لست
أقبل " (يوحنا 5 : 41) ..
2) وميض الشهوة والزنى :
وكم جذب هذا البريق أبصار الكثيرين ، فصاروا عبيداً للشهوة ، وأسرى
النجاسة .. هل تذكر معى شمشون الجبار الذى قتلته إمرأة .. وداود النبى
الذى هزم جليات العملاق .. نراه وهو يسقط سقوطاً مشيناً عنـد قدمى إمرأة
... وحسناً ما قاله سليمان الحكيم عن هذا الوميض : " طرحت كثيرين جرحى
وكل قتلاها أقوياء " (أم 7 : 26) .. إنها مهلكات الملوك .. (أم 31 : 3)
3) وميض المال والغنى :
ما أكثر الذين صعقهم هذا البريق بعد أن جذبهم .. هل تذكر جيحزى الذى جرى
وراء نعمان السريانى ليأخذ منه ما لا يحل ، فأصابه برص نعمان إلى الأبد
.. ويهوذا الذى أحب المال وباع سيده بثلاثين من الفضة فخسر حياته وأبديته
وصار رمزاً لخيانة التلميذ لمعلمه .. وديماس الذى ترك الرسول بولس إذ أحب
العالم الحاضر .. بل حنانيا وسفيره اللذان لم يكن قلبهما كاملاً أمام
الرب ففقدا حياتهما .. إنها " محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ إبتغاه
قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة .. أما انت يا إنسان
الله فاهرب من هذا .. " (1تي 6 : 10 ، 11)
إن ما يكسر القلب هو إنخداع الكثيرين ببريق هذه الشهوات الفانى الذى
سريعاً ما يفنى ويزول .. وفى سبيل إنجذابهم لهذا البريق يبيعون مسيحهم
ويبيعون أسرهم وزوجاتهم أو أزواجهن بسبب شهوة وقتية أو بسبب علاوة أو
درجة أو مركز .. يا للعار !! فحين يجذبنا لبنان ببريقه يضيع معه كل شئ ..
أخى الحبيب ، ما هو البريق الذى يشد أبصارك بعيداً عن الجمال الحقيقى
الباقى الذى للعريس الغالى ؟ هل هى المسلسلات أم الأفلام أم الشهوات
واللذات أم هى بوليصة تأمين أو رصيد أو حسب أو نسب أو أولاد ... إن
العريس اليوم يقول لك : تعال من لبنان .. لئلا تواجه :
ثانياً : أخطار ومشاق
يقول العريس لعروسـه مُحـذراً ومنبهاً : " انظري من رأس أمانة من رأس
شنير وحرمون [ أسماء جبال عالية فى لبنان ] من خدور [عرين ـ بيت ] الأسود
من جبال النمور " ..
فهو يحذر عروسه أنها فى منطقة جبال خطرة وعرة مليئة بالأسود والنمور
المتوحشة التى قد تفتك بها إذا لم تنتبه .. كما قال الكتاب : " اصحوا
واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو ، فقاوموه
راسخين في الإيمان .. " (1بط 5 : 8 ، 9)
والنمر يرمز للطبيعة القديمة التى تحارب المؤمن وتشتهى ضد الخليقة
الجديدة التى فى المسيح يسوع .. لذا قال الكتاب : " هل يغير الكوشي [
الحبشى ] جلده أو النمر رقطه [ النقش الذى فى فروته ] " (إر 13 : 23) ..
1) أسود الكروم الجميلة :
ما أكثر الأسود التى تحارب المؤمن حتى فى أقدس وأحلى الأوقات .. فحين ذهب
شمشون ليخطب عروسه هاجمه أسد من قلب الكروم .. يا للعجب !! إنه الأسد
الذى يأتى إلينا ونحن فى القداس أو فى الخلوة اليومية أو فى الأيام
الروحية .. يأتى ليخطف أبصارنا وقلوبنا عن التمتع بالعريس السماوى ويسحب
اهتماماتنا إلى العالم الفانى ولمشغولياته لذا قال الكتاب : " يكمن في
المختفى كأسد في عريسه يكمن ليخطف المسكين يخطف المسكين بجذبه في شبكته "
(مز 10 : 9)
2) نمور الطبيعة القديمة :
ما أكثر النمور التى تختفى تحت جلودنا متمثلة فى الطبيعة القديمة الفاسدة
التى قال عنها الرسول بولس : " ويحي أنا الانسان الشقي من ينقذني من جسد
هذا الموت .. " (رو 7 : 24) .. إنها الطبيعة الشريرة التى ورثناها من
أبائنا كما قال كاتب المزمور : " هانذا بالاثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي
" (مز 51 : 5) .. إنها الطبيعة التى تميل إلى الغضب والشهوة والنظرة غير
المقدسة .. إلخ .. هذه الطبيعة تحتاج أن :
· تموت مع المسيح فى المعمودية : " مدفونين معه في المعمودية التي فيها
اقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات " (كو 2 : 12)
فنعيش بالوعى والإدراك أن طبيعتنا القديمة قد ماتت مع المسيح فى
المعمودية ..
· أحيا بالمسيح فى الحياة الجديدة كخليقة جديدة : " إذاً إن كان أحد في
المسيح فهو خليقة جديدة .. الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار
جديداً " (2كو 5 : 17)
· أن أمارس وسائط النعمة : التى هى قنوات تجرى منها معونة الرب التى
تسندنى فى حربى ضد الطبيعة القديمة والعادات الفاسدة كالأعتراف والتناول
والخلوة اليومية والتمتع بسير أبائنا القديسين الذين جاهدوا وانتصروا ..
· أجاهد ضد الخطية حتى الدم : والقيام فور السقوط وعدم الإستسلام ...
يقول القديس يوحنا ذهبى الفم :
[ إلى الآن لم تحتملوا الموت إنما أمتدت خسارتكم عند المال والكرامة
والطرد من موضع إلى آخر .. على أى حال ، لقد بذل المسيح دمه من أجلنا ..
أما أنتم فلم تفعلوا هذا من أجل أنفسكم .. لقد صارع المسيح من اجل الحق
حتى الموت من أجلكم .. أما أنتم فلم تدخلوا بعد فى المخاطر التى تهدد
بالموت ]
أخى الحبيب ، هل تستسلم للطبيعة القديمة والعادات الرديئة التى تملكتك
قبل البداية فى طريق التوبة ؟ أم تجاهد متكلاً على معونة الله ونعمته
التى تحارب فى صفك فتغلب وتنتصر .. كما نقول فى أوشية السلام : [ اقتننا
يا الله مخلصنا لأننا لا نعرف آخر سواك .. اسمك القدوس هو الذى نقوله
فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ، ولا يقوى علينا نحن عبيدك موت الخطية ولا
على كل شعبك .. ]
ثالثاً : حنانٌ وإشفاق
يا لروعة هذا الحنان الفائق الذى يملأ قلب الرب يسوع تجاه أولاده .. فهو
يحذر عروسه من لبنان العالم ومن عرين الأسود ومن فساد الطبيعة .. لتهرب
إلى أحضانه المفتوحة فتجد الأمان كل الأمان بقربه وتحت جناحيه .. لاحظ
قول العريس: " هلم معى من لبنان .. " لذا فإن اسمه عمانوئيل الذى تفسيره
الله معنا .. فراحتنا وأماننا ليس فى الهروب من الخطية فقط فنتجنب
السلبيات ، بل ما أروع أن نجد سلامنا فى رئيس السلام ومصدره الحقيقى ...
لقد عرف موسى النبى سر هذا الأمان فى الوجود مع الله وتحت قيادته الرشيدة
فقال : " أليس بمسيرك معنا فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على
وجه الأرض .. " (خر 33 : 16)
ولقد تمتع دانيال النبى بالأمان وهو فى جب الأسود بسبب وجود الرب معه فى
صورة ملاك سد أفواه الأسود ..
ولم يهب الثلاثة فتية أتون النار لأنهم وجدوا الرابع الشبيه بإبن الألهة
معهم ..
ولقد تقدمت صهيون بإتهام للرب ورد هو على هذا الإتهام .. ويسجل الكتاب
هذا الإتهام فيقول : " قالت صهيون قد تركني الرب وسيدي نسيني .. هل تنسى
المرأة رضيعها فلا ترحم إبن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك .. هوذا
على كفي نقشتك أسوارك أمامي دائماً " (إش 49 : 14 ـ 16)
أخى الحبيب .. تعال إلى المسيح هارباً من لبنان فاراً من عرين الأسود ومن
طبيعتك القديمة وعاداتك الردية .. لتختبئ تحت حضنه فتنعم بالأمان .. لقد
فُتِحَ جنبه لندخل إليه ونحتمى فيه .. إن الملك يدعو دعوة ملوكية ، فهل
تستجيب وتلبى النداء لتهرب من لبنان وتقول له :
عريسى الحبيب .. أشكرك لأجل تحذيراتك وتنبيهاتك أن أهرب من الخطية ..
فأنت تعلم كم أنا ضعيف وسريعا ما أخور وأحن للضعف من جديد ..
أركض لحماك فأنت ملجأى .. فيك أحتمى وبك أكتفى فلن يعوزنى شئ ..
لا تسمح أن يكون لى استناد على غيرك .. أنت ملجأى عزى فخرى لا سواك .. ..
آمين
** ترنيمة :
1) راجــع لك أنـا تانـى من همــى وكل أحزانى
ودعت العالــم الفانـى أحفظنى يا ربى يســوع
قرار : يسوع يا نبع صافـى يا أحلى حضــن دافـئ
دا حبــك لـىَّ كــافى عمرى ما ها أرجـع تانى
2) راجع لك من بعد الجوع من وسـط عـالم موجوع
أحفظــنى من الرجوع واشبعنى يا ربــى يسوع
3) فتشــــت بين الجبال ردتنــى بعـــد ضلال
ريحنى مـــن الأحمال واحميـنى يا ربـى يسوع
4) راجع وبعزم شـــديد وأحــيا عهـــد جديد
حقــــق لىَّ المواعيد وباركنى يا ربــى يسوع
دراسة تطبيقية :
دعــوة ملــوكية
** أولاً : ما هى العالميات التى تلمع وتبرق لتجذب المؤمن من جمال الحبيب
الحقيقى حسبما جاء فى أولاً ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** ثانياً : ما هـو المعنى الروحى لقول العريس : " من خدور الأسود ، من
جبال النمور " ؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثالثاً : ما هى أوجه الشبه بين الأسد وبين إبليس فى حربه للمؤمن ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** رابعاً : ما هى الأمور التى يريدك الرب أن تتخلى عن بريقها وتهرب منها
وأنت عابر فى برية الحياة ؟ هل يمكن أن تتخذ قراراً عملياً .. دوّنه .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** التدريب الروحى للأسبوع :
حفظ آية :
مزمور 91 : 14
" لأنه تعلق بيَّ أنجيه أرفعه لانه عرف إسمي "
مزمور 91 : 14
1) المواظبة على الخلوة اليومية .
2) الذهاب للكنيسة ، وممارسة الاعتراف والتناول .
___________ التتميم الروحى الأسبوعى __________
الكنيسة
|
محاسبة
النفس
|
ممارسة
التدريب
|
الصوم
|
مراجعة
آيات
|
صلاة
ارتجالية
|
الأجبية
|
الكتاب
المقدس
|
التاريخ
|
م
|
خ
|
ج
|
ت
|
ع
|
ق
|
|
|
|
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
1
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
2
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
3
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
4
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
5
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
6
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
7
|
ق = حضور القداس ، ع = اعتراف ، ت = تناول ،
ج = حضور اجتماعات ، خ = خدمة
|