الفصل الثالث
أسباب الارتداد
نستطيع الآن أن نناقش أسباب سقوط المؤمن وارتداده حتى يمكننا أن نتفادى
ذلك وأهم تلك الأسباب ما يأتـي:-
(1) الميل الداخلي للخطية :
وهو المعبر عنه (بالطبيعة القديمة). أو (الإنسان العتيق). أو (جسد
الخطيـة) [رو6:6].
فبالرغم من أننا لبسنا الإنسان الجديد وأخذنا طبيعة جديدة في سر
المعمودية إلا أن الإنسان العتيق أو الطبيعة القديمة لا تمحى نهائيا، بل
تبقى مستترة في الجسد. ولهذا قال معلمنا بولس الرسول : "الجسد يشتهى ضد
الروح والروح ضد الجسد." (غل17:5). فالصراع الداخلي قائم بين جسد الخطية
ومشتهياته وبين الروح الجديد الذي أخذناه واشتياقاته.
فلو أن جسد الخطية قد أميت تماما لما كان هناك صراع، ولما قال بولس
الرسول "أقمع جسدي واستعبده" (1كو27:9). لهذا فان السبب الأول للارتداد
هو عدم إخضاع جسد الخطية لمشيئة الروح. أو بمعنى آخر هو عدم قمع الذات.
وتقيدها حتى لا تعود تسيطر عليك وتصبح مركز تفكيرك وحياتك فينطبق عليك
قول بولس الرسول "لان الناس يكونوا محبين لأنفسهم ... متعظمين مستكبرين
... متصلفين محبين للذات دون محبة الله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون
قوتها"(2تى1:3ـ5) فداود ارتد لأنه اشتعل بالشهوة (2صم11: 4). وشمشون ارتد
لأنه استسلم لشهواته (قض16).
فأحذر يا أخي من العدو رقم (1) وهو "طبيعتك القديمة" لئلا تغافلك
وتفترسك:
قصة:
استأنس هندي شبلاً، وعندما كبر اصبح أسدا أليفا ... وفي أحد الأيام اشتاق
إلى طعم الدماء، فثارت طبيعته القديمة المفترسة وما كان من الهندي إلا أن
أطلق عليه الرصاص ليتخلص من خطره. هكذا الأمر هو مع الطبيعة القديمة فهي
لا تموت وإنما تقيد وتقمع ... فأحذر من خطرها لئلا تثور وتقودك إلى حياة
الإثم ثانية.
والسبب الآخر للارتداد هو:
(2) الذات:
وتظهر الذات بأساليب مختلفة مثل الكبرياء وحب المديح وعدم احتمال الذم
والإهانة والأنانية والعطف على النفس ... الخ.
فأيوب ارتد بسبب ذاته إذ كان بارا في عيني نفسه. (أي32: 1).
وملاك كنيسة لاودكية الذي في كبريائه حسب نفسه غنيا. (رؤ17:3).
(3) فتور المحبة :
إن علاقتنا مع الله مبنية على أساس الحب "الله محبة ومن يثبت في المحبة
يثبت في الله" (1يو16:4).
وحبنا لله مبنى على حبه لنا "نحن نحبه لأنه احبنا أولاً" (1يو19:4).
فعندما تعي عظم صنيع الرب إليك، وكيف أنه بذل ذاته على الصليب ليرفع عنك
عقوبة خطيتك، وعندما تتذكر أنه لما وجدك ضعيفا أمام قوى الشر وعالم الإثم
"أيدك بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" (أف16:3).
وعندما تذكر انه انطلق إلى السماء ليعد لك مكانا وسيأتـي أيضا ليأخذك حتى
حيثما يكون تكون أنت أيضا معه (1تس17:4).
كل هذا إذا وعيته تماما لا لتهب قلبك حبا لشخصه المبارك. وهذه هي الحياة
الروحية ... حياة في محبة الله.
ولكن في اللحظة التي فيها تفتر المحبة بسبب نسيان ما عمله الرب من أجلك
... هنا يدب الفساد إلى قلبك ... لأنه لا بد وأن تكون قد دخلت إلى قلبك
محبة أخرى قللت من شأن المحبة الأولى وأخمدت لهيب نار شوقها.
لهذا نجد الروح يوبخ ملاك كنيسة أفسس لارتداده موضحا علة هذا الارتداد
بقوله: "إنك تركت محبتك الأولى فأذكر من أين سقط وتب"(رؤ4:2،5).
وما كان ارتداد ديماس إلا نتيجة تسرب محبة العالم إلى قلبه فنزعت عواطف
الحب المتجه نحو الله ولهذا كتب بولس الرسول موضحا ذلك بقوله: "ديماس قد
تركني إذ أحب العالم الحاضر" (2تى10:4).
ولذلك قد حذر السيد المسيح من طغيان أي محبة أخرى خشية أن تقتلع المحبة
الأولى الشخصية فتكون سببا في الارتداد إذ قال: "من أحب أبا أو أما اكثر
مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنا أو ابنة اكثر منى فلا يستحقني" (مت37:10).
فأحذر يا أخي من تسرب أية محبة إلى قلبك سواء كانت لأهلك أو للعالم أو
محبة لذاتك أو محبة عملك وأشغالك ... أو أية محبة أخرى تنقص من قيمة محبة
الله في قلبك ...
اذكر دوما جراحات المحبة ... اذكر انشغال يسوع بك وعمله الآن من أجلك ...
تطلع بعين الانتظار لمجيئه على السحاب بعد أن يكون قد أعد لك المكان ...
فإن تذكرت ذلك لن تخمد نيران محبته من قلبك ... ولن يتطرق الارتداد إلى
حياتك.
(4) التـهاون:
هل تعرف يا أخي كيف سقط داود النبى في خطية الزنا مع امرأة أوريا الحثي؟
وما الأسباب التي قادته إلى تلك الخطية الشنيعة؟ إن السبب يا أخي يكمن في
التهاون !!!
اسمع ماذا يقول الكتاب "وكان عند تمام السنة في وقت خروج الملوك أن داود
أرسل يوآب وعبيده ... وأما داود فأقام في أورشليم ... وكان في وقت المساء
أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة
تستحم ... " (2صم1:11،2).
هذه هي الخطوات التي قادت داود النبى والملك أن يسقط في خطية الزنا مع
هذه المرأة ... ولعلك تكون قد رأيت تهاونه المتكرر. فقد تهاون أولا في
الخروج مع الجيش للحرب إذ كان المفروض أن يقود هو جيشه لأنه كان وقت خروج
الملك... أما داود فأرسل يوآب وعبيده وأقام هو في أورشليم !!!
هذا الأمر الذي لم يقبله أوريا نفسه الذي أخطأ داود مع امرأته، فعندما
أراد داود أن يخفى خطيته أرسل وطلبه من الجيش ليضطجع مع امرأته حتى يظن
أنها حبلت منه. ولكن أوريا يرفض بإصرار أن ينام في بيته في حين أن الجيش
يحارب في الميدان. فيقول لداود الملك "إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون
في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتى إلى
بيتي لآكل واشرب واضطجع مع امرأتي؟!! وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا
الأمر" (2صم11:11).
تأمل يا أخي فإن هذا الجندي يأبى أن ينام في بيته بينما التابوت والشعب
يحارب في الميدان، أما الملك فيتهاون ويقيم في أورشليم !!! ثم يا ليته
أقام في أورشليم ليرفع يديه إلى العلي مصليا حتى يعطى الرب الجيش النصرة
كما فعل موسى النبي في حرب عماليق. (خروج11:17)، ولكنه ينام على سريره
طوال النهار حتى المساء!!.
هذه هي المرة الثانية ليتهاون فيها إذ ينام حتى المساء ... إن نومه هذا
يشبه نوم بطرس الذي وبخه عليه السيد المسيح قائلا: "يا سمعان أنت نائم
... أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة. اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة"
(مر37:14،38).
وهكذا إذ تهاون داود في الصلاة والسهر سقط في التجربة فسقط في خطية الزنا
... .
ثم تهاون آخر سقط فيه داود النبى، فعندما قام عن سريره لم يقف للصلاة
وإنما بلغ به الأمر أن يتهاون في ذلك ويخرج من حجرة نومه ليتمشى على سطح
بيت الملك. (2صم2:11).
أفبعد كل هذا التهاون ينجو داود من السقوط؟!. آه يا أخي من التهاون في
حياتك ... فأنت تقيم في بيتك حيث يقتضي الأمر وجودك في ميدان الشهادة !!
وليتك وأنت في بيتك تكون قائما في مخدع صلاتك بل تتهاون أيضا وتقضى الوقت
نائما على سرير تهاونك!!
وعندما تقوم عن سرير نومك تتهاون أيضا فتخرج لتتمشى وتتنزه وتمتع
جسدك...!!.
أفبعد كل هذا تريد أن تنتصر على التجارب وتنجو من السقوط؟!!!.
حذار يا مبارك من التهاون مع نفسك في القيام بعمل الرب والسهر لئلا ترتد
إلى حياة الخطية ثانية.
(5) الاستهانة :
لقد تكلمت عن التهاون في حياتك الروحية بأنه يقودك إلى الارتداد، وهنا
أقول لك أن الاستهانة بالخطية تفسد حياتك الروحية وتردك أيضا إلى حياة
الإثم.
لهذا نرى الروح القدس في نشيد الإنشاد يحذر من الاستهانة بالخطايا
الصغيرة قائلا : "خذوا لنا الثعالب. الثعالب الصغار والمفسدة للكروم"
(نش15:2).وسليمان الحكيم يقول "الذباب الميت ينتن طيب العطار" (جا10: 1).
الواقع أن الإنسان بعدما يأخذ نعمة ويسير مع الرب يتحذر من الخطايا
الكبيرة فيبتعد عن الزنا والسرقة والرشوة وما شابه ذلك من الخطايا
الكبيرة ولكنه يستهين ببعض الخطايا الصغيرة ولا يدرى أنها إذا تسربت إلي
قلبه يستفحل أمرها ويعسر عليه إخراجها لأنها تكون قد أفسدت حياته!.
فلماذا تستهين بالتبسط في أحاديثك والألفة مع الآخرين؟ إنه ثعلب صغير
سيفقدك سلامك! ولماذا تستهين بالفكاهات المشبوهة وأسلوب الهزل في الكلام؟
إنه ثعلب صغير سيميت قلبك! لماذا تستهين بانتقاد الغير ومسك سيرتهم؟ إنه
ثعلب صغير وليد الإدانة! لماذا تستهين بالإجابات الخادعة الماكرة؟ إنها
ثعالب صغيرة أمها الكذب! لماذا تستهين بالغضب والنرفزة والكلام الجارح؟
إنه ثعلب صغير أبوه القتل! لماذا تستهين بالنظرات الشريرة وحب مجالس
النساء؟ إنها ثعالب صغيرة وليدة الزنا! تأمل يا أخي كيف انحدر سليمان
الملك ليعبد الأصنام تاركاً عبادة الرب.
يوضح الكتاب أن السبب الرئيسي في ذلك هو استهانة سليمان بالثعالب الصغار
إذ يقول الكتاب "وأحب الملك سليمان نساء غريبة... من الأمم الذين قال
عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم
يميلون قلوبكم وراء آلهتهم ... فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة... فأمالت
نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة
أخري... فذهب سليمان وراء عشتوروث آلهة الصيدونيين، وملكوم رجس
العمونيين، وعمل سليمان الشر في عين الرب.." (1مل11: 1ـ6).
هل كان أحد يظن أن سليمان النبى والملك الذي خصه الرب بشرف بناء هيكله
ووهبه حكمة لم ينلها إنسان من قبله أو من بعده...
هل كان أحد يظن أنه يسقط في أشنع الخطايا وهى عبادة الأصنام وعمل الشر في
عيـني الرب ؟!!. قطعاً لا أحد يظن ذلك. وما كان هو نفسه يتوقع ذلك. ولكن
الثعالب الصغار قد تسربت إلى حياته واستهان هو بها في أول الأمر فأودت به
إلى هذا الحضيض. فقد استهان أولا بثعلب حب النساء الغريبات. (1مل1:11).
ثم كبر هذا الثعلب قليلا فأباح لنفسه أن يكسر وصية الرب التي تمنع الزواج
بالنساء الغريبة وأتخذ منهن نساء لنفسه. (1مل2:11). ثم كبر هذا الثعلب
أيضا فاحتلت هؤلاء النساء مركز الحب في قلب سليمان "فأمالت نساؤه قلبه"
(1مل3:11). ثم استفحل هذا الثعلب وعسر على سليمان إخراجه إذ ضعف أمام
سلطانه فسقط في عبادة الأصنام. (1مل4:11،5). ثم انقلب الثعلب إلى أسد
مفترس فتك به "فعمل سليمان الشر في عيني الرب" (1مل6:11).
قصة:
انقطعت المياه عن إحدى القرى. وعندما حضر العمال لفحص توصيلات المواسير،
وجدوا ضفدعة كبيرة قد سدت إحدى الصمامات، وقد أدركوا أن هذه الضفدعة
الكبيرة قد تسربت إلى مواسير المياه الرفيعة يوم أن كانت وليدة صغيرة،
وعندما كبرت وزاد حجمها سدت هذا الصمام فمنع الماء عن القرية.
هكذا الحال معك يا أخي فتدخل في حياتك خطية صغيرة وتستهين بها ثم تكبر
هذه الخطية في قلبك حتى تسد صمامات النعمة عنك فتجف حياتك الروحية.
ألا تدرى لماذا جفت تعزياتك في الصلاة.؟
ألا تدرى لماذا خمدت نيران غيرتك في الخدمة.؟
ألا تدرى لماذا فترت محبتك الأولى.؟
ابحث عن الثعالب. الثعالب الصغار المفسدة للكروم.
ابحث عن الضفادع التي سدت صمامات النعمة عنك.
(6) صغـر النفس :
ومن الأسباب التي تقود إلى الارتداد حاله تسمى صغر النفس تنـتاب المؤمن
عقب سقوطه في إحدى الخطايا التي أقلع عنها. فيشعر بالفشل والخيبة وفقد
الثقة في إمكانية الاستمرار في حياة القداسة. وربما قاده هذا إلى اليأس
والارتداد إلى حياة الشر والنجاسة.
فلا تدع هذه المشاعر تتملك على قلبك لأنها وسيلة من وسائل إبليس الجهنمية
ليفقدك سلامك ويفصلك عن إلهك ويقطع رجاءك.
فهوذا داود النبى يكشف هذه الحيلة الشيطانية فيقول: "كثيرون قائمون على.
كثيرون يقولون لنفسي ليس له خلاص بإلهه. أما أنت يارب فترس لي. مجدي
ورافع رأسي" (مز1:3ـ3).
فإذ اكتشف داود أن الشياطين يحاولون أن يفقدوه الثقة في الخلاص بإلهه
نراه يؤكد أن الرب ناصره، مجده ورافع رأسه على أعدائه.
ويوحنا الحبيب يكتب في رسالته قائلا: يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا
تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة
لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا." (1يو1:2،2).
فهو يوضح إنه إن كان قصد الرب منا هو أن لا نخطئ، إلا أنه إذا أخطأ أحد
فليس معنى هذا أنه يفقد الرجاء ويفقد الإيمان بل ليتقدم أيضا إلى الله في
شفاعة دم السيد المسيح الذي يكفر كل خطية "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من
كل خطية" (1يو7:1). "وإن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا
خطايانا ويطهرنا من كل أثم." (1يو9:1).
فقل للخطية يا أخي بلغة الثقة في محبة الرب والإيمان في قدرته المخلصة.
"لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم." (ميخا8:7).
وما اجمل ما صوره هذا النبى (ميخا) في هذا الصدد إذ قال: "لكنني أراقب
الرب أصبر لإله خلاصي. يسمعني إلهي. لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت
أقوم. إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي. احتمل غضب الرب لأني أخطأت إليه
حتى يقيم دعواي ويجرى حقي. سيخرجني إلى النور سأنظر بره. وترى عدوتي
فيغطيها الخذي القائلة لي أين هو الرب إلهك. (ميخا7:7ـ10).
فتراه وهو يعبر عن شعور المؤمن إذا سقط:
يصور انتظاره للرب (أراقب الرب).
في صبر (أصبر لإله خلاصي).
وفى إيمان وثقة باستجابة صلاته (يسمعني إلهي)،
وفى عدم يأس (لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة
فالرب نور لي).
وفي رجاء ثابت (سيخرجني إلى النور)، وفـي اتكال على بر الله (سأنظر بره)،
وفـي نصرة مؤكدة (وترى عدوتي فيغطيها الخذي القائلة لي أين هو الرب
إلهك).
ولهذا يقول داود النبى "من قبل الرب تـتـثبت خطوات الإنسان ... إذا سقط
لا ينطرح لأن الرب مسند يده" (مز23:37،24).
فأحذر يا أخي من خطر صغر النفس لأنها حفرة مغطاة قرارها في أعماق
الهاوية.
(7) الاكتفاء والتقاعد:
وثمة سبب آخر من أسباب الارتداد هو الاكتفاء والتقاعد. عندما خرج بنو
إسرائيل من أرض مصر وخلصوا من عبودية فرعون وسلطانه، ساروا في البرية
وعند جبل حوريب رأوا مجد الرب واخذوا الوصايا العشر ... واكتفى الشعب
بهذه الاختبارات وتقاعدوا في سفح هذا الجبل ونسوا أرض الموعد. لهذا نبههم
الرب إلى خطورة هذا الأمر بقوله. "كفاكم قعود في هذا الجبل ... تحولوا
وارتحلوا ... ادخلوا وتملكوا الأرض التي اقسم الرب لآبائكم أن يعطيها لهم
ولنسلهم من بعدهم." (تث6:1ـ7).
أخشى يا أخي أن تكون قد وصلت في حياتك الروحية إلى سن التقاعد ومرحلة
الاكتفاء باختبارات حوريب ونسيت أرض الموعد كنعان السماوية.
اسمع ما قاله بولس الرسول الذي تجاوز اختبارات حوريب فبلغ إلى السماء
الثالثة وبالرغم من هذا يقول "أيها الاخوة أنا لست أحسب نفسي أنى قد
أدركت. ولكنى أفعل شيئا واحدا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو
قدام. أسعى نحوا الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع.
فليفتكر هذا جميع الكاملين منا وإن افتكرتم شيئا بخلافه فالله سيعلن لكم
هذا أيضا." (فى13:3ـ15).
فبولس الرسول رغم الإعلانات والمناظر الإلهية التي تمتع بها ورغم
الاختبارات العميقة التي حصل عليها يقول "ليس أنى قد نلت أو صرت
كاملاً... أنا لست أحسب نفسي أنى قد أدركت" (فى12:3،13).
فهو لا يعتبر نفسه أنه قد أدرك الكمال حتى لا يكتفي بهذا ويتقاعد عن
النمو بل نراه يقول "ولكنى أفعل شيئا واحدا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد
إلى ما هو قدام." (فى14:3). فينسى الاختبارات الروحية التي نالها وكابن
مولود حديثا يسعى إلى اختبارات أخرى جديده.
وأنت يا من لم تصل إلى ما وصل إليه معلمك بولس الرسول وتكتفي بما نلته
وتعتبر نفسك أنك قد أدركت وصرت كاملا وتتقاعد عند هذا الحد وتنضم إلى
جماعة (شيوخ إسرائيل)!!
اعلم يا أخي أنه لا توجد حالة (توقف) في الحياة الروحية ولا توجد حدود
لأعماق محبة الله فهي نهر سباحة لا يعبر ...
لهذا فإما أنك تتقدم في اختباراتك الروحية كل يوم إلى قدام وإما أنك
تتراجع إلى الوراء !!!.
آه أيها الكامل في عيني نفسك كفاك قعود في هذا الجبل تحول وارتحل لتمتلك
اختبارات اكثر ...
اطلب من الرب الروح أن ينقلك من مجد إلى مجد كما قال معلمنا بولس الرسول:
"ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك
الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح." (2كو18:3).
|