ازجال واشعار |
|
لم يكن
يسوع وديعاً
يقولون إن كان رجلاً باراً عادلاً ، ولكنه كان ضعيفاً ، وإنه كثيراً ما كان يتحير ويذهل أمام الأقوياء والأشداء وإنه عندما كان يقف أمام ذوي السلطان لم يكن سوى حمل أمام سباع أما أنا فأقول : إن يسوع كان له سلطان فوق جميع الناس ، إنه عرف قوته وأعلنها بين تلال الجليل ، وفي مدن اليهودية وفينيقية . فأي رجل ضعيف مستسلم يقول : أنا الحياة ، وأنا الطريق ، وأي رجل وديع وحقير يجرؤ أن يقول : أنا في الله أبينا وإلهنا الآب في ؟ وأي رجل لا يعرف قوته يقول : إن من لا يؤمن بهذه الحياة ولا بالحياة الأبدية ؟ وأي رجل لا يثق بالغد ويقدر أن يصرح بمثل هذا الإعلان : إن عالمكم سيزول ويتحول إلى رماد تذريه الريح قبل أن تزول كلمة من كلماتي ؟ أم هل شك في قوته عندما قال للذين حملوا الزانية إليه ليجربوه : من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ؟ وهل خاف ذوي السلطان عندما طرد الصيارفة من ساحة الهيكل مع أنهم كانوا من الكهنة وهل كان مقصوص الجناحين عندما صرخ قائلا : إن مملكتي فوق ممالككم الأرضية ؟ أم هل كان يخبئ بالألفاظ عندما قال المرة بعد المرة : انقضوا هذا الهيكل وأنا أعيد بناءه بثلاثة أيام ؟ وهل يستطيع الجبان أن يهز يمينه في وجه ذوي السلطان فيدعوهم : كذبة أدنياء وقذرين منجسين ؟ إن رجلا كانت له الجرأة على القول مثل هذا لأسياد اليهودية لا يمكن أن يكون وديعاً إلا أن النسر لا يبني عشه في الصفصاف الباكي ، والسبع لا يفتش عن عرينه بين الأدغال قد سئمت والتهبت أحشائي من قول ضعفاء القلوب إن يسوع كان وضيعاً وديعاً ليبرروا ضعتهم وصغارة قلوبهم، وخصوصاً عندما أسمع المدوسين بالأقدام ينشدون تعزيتهم بوضع المعلم في صفوفهم نعم ، قد ضجر قلبي من أمثال هؤلاء ، فأنا أبشر بصياد قدير وروح جبلية لا تعرف الغلبة
جبران خليل جبران |