صلب المسيح |
|
الفصل الثاني: الخطية في الإسلام
كما ذُكرت خطية آدم في الكتاب المقدس ، ذُكرت أيضاً في القرآن. وكما وضح الكتاب المقدس أن البشرية كلها تلوثت بجرثومة الخطية، هكذا وضح القرآن نفس الشيء كما سنرى . أولا: خطية آدم لقد خلق آدم في أحسن صورة وهذا ما شهد له القرآن في: 1- سورة التين: آية4: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" هذه الآية توضح أن الله خلق آدم في أروع صورة من البر والطهارة (في أحسن تقويم). أما عن سقوط آدم في الخطية فقد جاء في: 2- سورة البقرة (آية 35 ـ 38) "وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا (أي في سعة من العيش) حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (أي من المخطئين) فأزلهما الشيطان عنها (أي أبعدهما عن الجنة) فأخرجهما مما كانا فيه . وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلي حين). يتضح من ذلك دور الشيطان في إغواء آدم وحواء ليأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن أن يأكلا منها وبهذا سقطا في الخطية. 3- سورة طه (آية 117 ـ 123): "فقولنا يا آدم إن هذا (أي إبليس) عدوا لك ولزوجتك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى…فوسوس إليه الشيطان قال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى (أي لا ينتهي)، فأكلا منها فبدت لهما سوأتهما (أي عورتاهما) وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصي آدم ربه فغوى" من هذا نرى كيف سقط آدم في الخطية عندما عصى ربه.
ثانياً:خطايا ذرية آدم ويوضح القرآن أيضاً وعلماء الإسلام خطايا البشرية كلها كما يلي : 1- سورة يوسف 53: "إن النفس لأمارة بالسوء". أي أن نفس الإنسان بطبيعتها الساقطة تميل للشر، وهذا ما وضحه الإمام الرازي كما سنرى في النقطة التالية. 2- الإمام الرازى: وهو من مشاهير مفسري القرآن فيقول ( أي أن النفس ميالة إلى القبائح، راغبة في المعصية، والطبيعة البشرية تواقة إلى اللذات) 3- الترمزي: وهو أبو عيسى محمد بن عيسى من أهم جامعي الأحاديث النبوية. روى عن أبى هريرة قال النبي "جحد آدم فجحدت ذريته، ونسى آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته".
من هذا يتضح أن النفس البشرية قد ورثت الخطية عن آدم وهكذا خضعت لسلطان الخطية التي تسلطت على البشر جمعا.
ثالثاً:خطايا الأنبياء والقرآن يذكر خطايا الأنبياء بكل وضوح أيضا كما سيتضح من التالي:
1- إبراهيم: (سورة إبراهيم 41) يقول إبراهيم: "ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب" فإبراهيم هنا يطلب المغفرة ، وكيف يطلب الإنسان مغفرة إن لم يكن قد أخطأ فعلاً؟
2- موسى: (سورة القصص15و16) "ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان . هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه (أي ضربه) موسى فقضى عليه (أي قتله) . قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين. قال ربى إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ) فموسى بعد أن قتل الرجل إستغفر عن خطيئته . 3- كما يذكر القرآن عن النبي محمد ما يلي: (سورة الفتح 2): "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" ويفسر الإمام النسفى ذلك فيقول (أي يغفر لك جميع ما فرط منك) وفي (سورة الانشراح 1ـ3) "ألم نشرح لك صدرك ، ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك". معنى وضعنا عنك (أي رفعنا عنك) ومعنى الوزر (أي الذنب). ومعنى الذي أنقض ظهرك (أي أثقل ظهرك). وفي (صحيح البخاري جزء2 صفحة134): ( وهو مجموعة الأحاديث النبوية الصحيحة ) قيل: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار) وفي صحيح البخاري أيضاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) وعن الأغر بن ياسر المازنى: قال رضى الله عنه: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه ، فأني أتوب إليه في اليوم مائة مرة). رواه مسلم (كتاب رياض الصالحين من كتاب سيد المرسلين للإمام النووي ص 9) مما سبق يتضح لنا أن القرآن يذكر خطايا الأنبياء، ولا يفوتنا هنا أن نورد رأى الإسلام والفرق الإسلامية بالنسبة لخطايا الأنبياء أيضا. فالإسلام يقسم الخطايا إلى : كبائر (وهى الخطايا الكبيرة كالزنا والقتل والسرقة..) وإلى صغائر (وهى الخطايا الصغيرة كالضرب مثلا …) ويقول الإسلام أن الأنبياء معصومون من بعض الخطايا الكبائر (كالزنا والقتل والسرقة) أما بقية الكبائر فقد قال أهل السنة : (وهى فرقة كبيرة من فرق الإسلام، أنه يجوز صدورها عن الأنبياء قبل بعثتهم (أي قبل نبوتهم) أما الصغائر (أي الخطايا الصغيرة) فانه يجوز صدور بعضها عن الأنبياء قبل بعثهم عمداً وكذلك يمكن صدورها عنهم بعد البعثة سهوا. وقد عقب على ذلك الأستاذ حسن متولي المدرس بالمعهد الديني بالقاهرة فقال "ولا ينافى هذا تسميته ذنباً والاستغفار منه والاعتراف بكونه ظلماً" (مذكرة التوحيد والفرق ص 38 ، 39). وهكذا رأينا أن الخطية قد سرت إلى الجنس البشرى كله حتى الأنبياء أنفسهم فقد سقطوا تحت سلطانها سواء عمداً أم سهواً ولقد صدق الكتاب المقدس عندما وضح ذلك قائلاً: "طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء" (أمثال7: 26) ولهذا قال أيضا "الجميع زاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" (رومية3: 12). هذا عن جرثومة الخطية التي سرت إلى البشرية كلها، وسوف نضع هذه العناصر في جدول مبسط لتلخيص الموضوع وتركيزه والإلمام به في نظرة سريعة. موجز الباب الأول ( الخطية )
|