صلب المسيح |
|
الباب الثاني حكم العقوبة الفصل الأول: في المسيحية الفصل الثاني: في الإسلام الفصل الأول: عقوبة الخطية في المسيحية ما هو موقف الله من خطية آدم وذريته (أي البشرية كلها) ؟ لكي نعرف ذلك يجب أن نناقش أولا صفات الله المطلقة وخاصة صفة العدل، فالله حاكم عادل، ولهذا فأنه لا بد أن يعاقب آدم وبنيه على خطاياهم. فدعنا نستوضح ذلك من وجهة النظر المسيحية:
أولا:الله حاكم عادل من صفات الله الواضحة المعروفة أنه حاكم عادل . فداود النبي يقول في المزامير (الله قاض عادل) (مزمور 7 : 11). فبما أن الله (قاض عادل) فلا بد أن يحكم على المجرمين لجرمهم، ويعاقب الأشرار على شرهم ، كما يفعل قضاة الأرض في المحاكم. وهنا نسأل ما هو حكم الله على النفس التي تخطئ؟ كلنا يعرف حكم قضاة الأرض على المجرمين، إما أن يحكموا عليهم بالإعدام، أو السجن المؤبد، أو بالسجن لمدة من الزمن…، وتقدر العقوبة بالنسبة لقيمة الجريمة فعقوبة من يخطئ إلى شخص عادي تختلف عن عقوبة من يخطئ إلى رتبة عالية كرئيس الدولة مثلا، وبالطبع تختلف عن عقوبة من يخطئ إلى الله. فماذا كانت عقوبة آدم وبنيه الذين أخطأوا إلى الله؟ هذا ما سوف نوضحه في النقطة التالية.
ثانياً:عقوبة آدم وبنيه لقد عصى آدم وصية الله بأكله من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، فاصبح مخطئا فى حق الله. وقد حذر الله آدم من العقوبة التي سيعاقب بها إن هو خالف وصيته وأكل من الشجرة ، فقد سبق أن قال له " يوم تأكل منها موتاً تموت " (تك2: 7). فبعد أن أكل آدم من الشجرة صار حكم الموت نافذاً عليه. وهكذا الأمر أيضاً مع ذرية آدم، فقد رأينا فى الباب السابق أنهم جميعاً قد سقطوا فى الخطية، وتسلطت عليهم، فاصبحوا مجرمين أيضاً فى حق الله، واستحقوا العقاب الإلهي العادل وهو الموت، بحسب ما قال الوحي على لسان حزقيال النبي " النفس التي تخطئ هي تموت " (حز 18: 4). وهنا يعترضنا سؤال هام: ما هو حكم الموت هذا الذي حكم به على آدم وبنيه؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول أن حكم الموت يشمل الموت الروحي، والموت الأدبي، والموت الأبدي. فدعنا نوضح هذه الأبعاد الثلاثة فيما يلي: 1- الموت الروحي: بعد أن خلق الله آدم وضعه فى الجنة ليعيش فيها إلى الأبد، ولكن بعد أن اخطأ طرده الرب الإله من الجنة إذ يقول الكتاب "فأخرجه الرب الإله من جنة عدن… فطرد الإنسان" (تكوين 3: 23) وأقام الله ملاكا بلهيب سيف حتى لا يعود آدم فيدخل الجنة وذلك لأن طبيعته البارة الطاهرة التي خلق به، أصبحت فاسدة ولا تتلاءم مع الحياة المقدسة فى الجنة، وهذا ما يسمى بالموت الروحي أي الانفصال عن الله والخروج من حضرته القدسية. ومن الطبيعي أن المولودين من هذين الأبوين لابد أن يرثوا طبيعتهما الفاسدة الخاطئة التي تستوجب حكم الله العادل عليها بالموت، ولذلك يقول الكتاب " فى آدم يموت الجميع (كو 15: 22) . ونتيجة لوراثة الجنس البشري لطبيعة أبيهم الفاسدة المائلة إلى اللذات والشهوات، لهذا تصدر عنهم خطايا فعلية عديدة كما رأينا فى الباب السابق، هذا كله يستوجب الموت، ولذلك يقول الكتاب " هكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع " (رو5: 12). هذا عن الموت الروحي بالطرد من الجنة والانفصال عن الله، وهناك نوع آخر من الموت هو: 2- الموت الأدبي: (أي العار) الواقع أن الله عندما خلق الإنسان خلقه على صورته ومثاله وأعطاه كرامة فائقة وجعله في جنة عدن. ولكن عندما أخطأ إلى الله طرد من الجنة وفقد الكرامة التي كانت له وكساه الخزي والعار ووجد نفسه عريانا من البر والقداسة. وهذا هو ما يلحق الخاطئ يقينا، إذ يقول الكتاب المقدس: "البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية" (أمثال14: 34) وليس أدل على هذا العار من قصة شمشون الجبار الذي ترك حياة القداسة التي كان يعيشها وسقط في الخطية مع دليلة فماذا حدث له؟ فقد عينيه ودار في الطاحون كالحيوان، واستهزأوا به وغطاه الخزي والعار. هذا ما نعنيه بالموت الأدبي الذي يحل بالإنسان كنتيجة حتمية للخطية. كما أن هناك نوعا ثالثاً للموت هو: 3- الموت الأبدي: فلا يقتصر عقاب الخطاة على الطرد من الجنة وعدم العودة إليها فحسب، بل يشمل العقاب أيضاً الطرح في نار جهنم إلى الأبد. وهذا ما يسمى بالموت الأبدي. فالكتاب المقدس يذكر ما يقوله الرب للأشرار في يوم الدينونة "اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (متى 25: 41). "ويخرج الملائكة… ويطرحونهم (أي يطرحون الأشرار) في أتون النار" (متى 13: 49) كان هذا عن عقوبة الخطية وهي حكم الموت الروحي والأدبي والأبدي من وجهة نظر المسيحية، ولننتقل الآن لنرى حكم العقوبة على الخطية من وجهة النظر الإسلامية. |