مقدمة لسفر رومية

الرسول بولس هو الذي كتب رسالة رومية. وموضوع هذه الرسالة هو: إنجيل المسيح، لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن ويثق ثقة شخصية ويخضع ليسوع المسيح ويقبله مخلصا وربا (رومية 16:1).

وفي رسالة رومية نجد شرحا متدرجا للحياة المسيحية:

الأصحاحات 1-3 ترسخ الحقيقة بأن كل من اليهودي والأممي قد أخطأوا في حق الله وغير قادرين، بالمجهود البشري، أن يتصالحوا مع الله. فالجميع أخطأوا... ليس بار ولا واحد ... لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه (رومية 12:2؛ 9:3-10،20).

الأصحاحان 4-5 يشرحان كيف أن الله قد أعد طريقة بها يحصل أي إنسان على غفران خطاياه. لقد تحقق ذلك من خلال موت يسوع الكفاري وقيامته الحرفية، الذي أسلم من أجل خطايانا وأقيم من أجل تبريرنا [أي ليحررنا ويمحو ذنوبنا التي ارتكبناها في حق الله] ... بربنا يسوع المسيح ... فبالأولى كثيرا ونحن متبررون [أي أصبحنا في علاقة سليمة مع الله] الآن بدمه نخلص به من الغضب (رومية 25:4؛ 1:5،9).

أصحاح 6 يقدم لنا شرحا كاملا لمعنى وأهمية معمودية المؤمن: دُفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة [أي الحياة الجديدة] (رومية 4:6).

الأصحاحان 7-8 يكشفان عن الصراع القائم بين الطبيعة الجديدة والطبيعة العتيقة: فإن الذين هم حسب الجسد [وتتحكم فيهم الرغبات غير المقدسة] فبما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح [وتتحكم فيهم رغبات الروح القدس] فبما للروح ... لأنه إن عشتم حسب الجسد [أي حسب ما يشتهيه الجسد] فستموتون (رومية 5:8،13).

الأصحاحات 9-11 تبين كيف أن الإنجيل يتجه إلى كل من اليهود والأمم لكي يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد، التي أيضا دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من الأمم أيضا (رومية 23:9-24). لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص (رومية 13:10).

الأصحاحات 12-16 تناقش النمو الروحي والسلوك الروحي - أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية ... ولا تشاكلوا [أي تتشكلوا بحسب] هذا الدهر (رومية 1:12-2). إن جميع الحكومات هي مرتبة من الله ؛ لذا: لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة [أي السلطات المدنية] ... حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله (رومية 1:13-2 و 1:15). وعلينا أن نراعي روح الإشفاق على ضمائر الآخرين (1:14-23) وأن نحتمل ضعفات الضعفاء ولا نرضي أنفسنا (رومية 1:15).

وتختتم الرسالة بتحيات النعمة من بولس إلى شركائه في الخدمة (أصحاح 16) - وهذا مثل رائع لنا لنحتذي به.

اقرأ رومية 1 -- 3

نظن عادة أن غضب الله (رومية 18:1) هو شيء سيحدث في المستقبل، عندما يطرح غير المؤمنين في بحيرة النار الأبدية (رؤيا 8:21). ولكن في الحقيقة، إن غضب الله المقدس يعمل الآن ضد فجور الناس وإثمهم، الذين يحجزون الحق بالإثم [أي الذين في شرهم يعيقون الحق] ... وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء ... لذلك أسلمهم الله أيضا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة (رومية 18:1،22،24). لقد أدى الجهل المتزايد بالكتاب المقدس، الذي وحده يكشف الخطية، إلى طوفان غير مسبوق من الفساد الأخلاقي في بلدنا.

فبدلا من المناداة بالقيم الأخلاقية المعلنة في كلمة الله المقدسة، أصبحت الكنيسة المعترفة تساير المقاييس الاجتماعية المعاصرة. وقد انفتح ذلك الباب أمام النزعة العاطفية العمياء والأخلاقيات التي تتشكل حسب الظروف، وأصبح كل إنسان يضع لنفسه التعريف الذي يروق له بشأن الخطية.

ونتيجة لذلك أصبح الشواذ جنسيا والمدعوون مخنثين يخدعون أنفسهم بالاعتقاد بأن ما يفعلونه هو أمر عادي. ولكن الله يسمي شذوذهم أهواء الهوان - إذ يشتهي الرجال رجالا مثلهم وتشتهي النساء نساء مثلهن. ولكن الله يكشف خداعهم معلنا أنهم قد استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق (25:1-26).

والشيء المخيف حقا هو أننا نقرأ ثلاث مرات في هذا الأصحاح (عدد 24،26،28): لذلك أسلمهم الله أيضا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم ... لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الهوان لأن إناثهم استبدلن استعمال الأنثى الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الذكور تاركين استعمال الأنثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض فاعلين الفحشاء ذكورا بذكور ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق ... أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض (26:1-28).

إن العواطف المنحطة ليست إلا تعبيرا عن طبيعة الإنسان الشريرة الساقطة التي اختارت أن تشبع شهوات الجسد وأن ترفض كلمة الله التي هي المرشد الحقيقي للأخلاق الفاضلة.

ولا يفوتنا الاستعمال المشوه لكلمة "gay" التي كانت قبلا تعني الفرح والبهجة والبسمة والحيوية والحرية. ولكن الآن أسيء استخدام هذه الكلمة فأصبحت تشير إلى الشواذ جنسيا - الشهوانيين، الفاسقين - المستعبدين لأهواء الهوان الذين يموتون موتا بطيئا.

لا يمكن أن يتحقق الانتصار على الشذوذ الجنسي الشيطاني إلا إذا انكشفت حقيقته - إنه ليس مرضا ولا طريقة بديلة للحياة - بل خطية بغيضة. ومع ذلك فإن كل الذين يعترفون بخطيتهم ويتركونها ويقبلون المسيح مخلصا وربا لهم ينالون الغفران والحرية.

يقول الكتاب المقدس: لا تضلوا، لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ... يرثون ملكوت السموات (1 كورنثوس 9:6-10). ويواصل بولس قائلا: هكذا كان أناس منكم (رومية 11:6). فالتركيز هنا على كلمة "كان" أي أنهم قد تركوا خطاياهم.

الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد [أي الطبيعة البشرية التي لا تخضع لله] مع الأهواء والشهوات (غلاطية 24:5).

شواهد مرجعية: رومية 17:1 (انظر حبقوق 4:2)،رومية 24:2 (انظر إشعياء 5:52)، رومية 4:3 (انظر مزمور 4:51)، رومية 10:3 (انظر مزمور 1:14)، رومية 11:3 (انظر مزمور 2:14)، رومية 12:3 (انظر مزمور 3:14)، رومية 13:3 (انظر مزمور 9:5؛ 3:140)، رومية 14:3 (انظر مزمور 7:10)، رومية 15:3 (انظر إشعياء 7:59)، رومية 16:3-17 (انظر إشعياء 7:59-8)، رومية 18:3 (انظر مزمور 1:36).

أفكار من جهة الصلاة: اتخذ من كل شيء تفعله مادة للصلاة (فيلبي 6:4).

اقرأ رومية 4 -- 7

كلما فهمنا أكثر معنى موت المسيح وقيامته كلما اختبرنا أكثر التحرر من قوة الخطية. فدفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته، عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضا للخطية ... إذا لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته ... بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات (رومية 4:6-6،12-13).

إن إدراكنا لشبه موته، أي حمل الصليب وإنكار الذات يقدم لنا جانبا واحدا فقط من اتباع المسيح. أما قوة قيامته فهي التي تعطينا القوة للارتفاع فوق التشبه بموته إلى السلوك في جدة الحياة (أي في الحياة الجديدة).

بعض المؤمنين، يكتفون بأن موت المسيح قد كان لأجل تبريرهم ولكنهم لا يعرفون أنه يعني أيضا أن جسد الخطية يجب أن يبطل. فالحقيقة هي أن الشخص أو الشيء الذي تطيعه هو سيدك. وبالطبيعة نحن نطيع الخطية. ولكن المؤمن ميت تجاه الخطية وحي تجاه الله.

إن المؤمنين الحقيقيين محررون إلى الأبد من قوة إبليس وذلك لأن الحياة الجديدة في المؤمن هي حياة المسيح المقام من الأموات. ونتيجة لذلك، يستطيع المؤمن أن يقول: فإن الخطية لن تسودني (رومية 14:6).

كأولاد الله، نحن مسئولون أن نحسب أنفسنا أمواتا عن الخطية ... وأن نقدم ذواتنا لله ... كآلات بر لله (رومية 11:6،13). علينا أن نقبل الحقيقة، وهي أن الخطية لم تعد السيد على حياتنا وأننا أموات تجاه طرقنا القديمة في الخطية. هذا لا يعني أننا لا نقدر أن نخطئ بل أننا نقدر أن لا نخطئ.

فالمؤمن لم يعد مستعبدا لطبيعة آدم الخاطئة،ولكنه مولود ولادة جديدة لها طبيعة المسيح، الذي هو رأس الخليقة الجديدة (يوحنا 13:1؛ 3:3-5). إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة (2 كورنثوس 17:5). ولكن لأجل التمتع بهذه العلاقة الرائعة مع المسيح يجب على الإنسان أن يخضع نفسه للروح القدس الساكن فيه.

فالخطية ليست مجرد نتيجة لعدم الإيمان، وإنما هي التمرد على الله.

لقد وضع الله المسئولية علينا أن نخضع حياتنا له كآلات للبر، لأن الخطية لن تسودكم (رومية 13:6-14). إن حياته فينا هي التي تصنع هذا الفرق: أنتم بالطبع تعلمون أنكم ... عبيد للذي تطيعونه (رومية 16:6). ولكن القرار متروك لنا!

نحتاج أن ندرك قبل كل شيء القوة غير المحدودة التي للروح القدس الساكن فينا. نحتاج أن نثق في كلمة الله وأن نسلك متيقنين الحقيقة بأن الروح القدس الذي فينا أعظم من روح إبليس الذي في العالم (1 يوحنا 4:4). وهو قادر أن يفعل فوق كل شيء أكثر جدا مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا (أفسس 20:3).

فدعونا نكتشف ما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته، الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات (أفسس 19:1-20).

شواهد مرجعية: رومية 3:4 (انظر تكوين 6:15)،رومية 7:4-8 (انظر مزمور 1:32-2)، رومية 17:4 (انظر تكوين 5:17)، رومية 18:4 (انظر تكوين 5:15)، رومية 7:7 (انظر خروج 17:20).

أفكار من جهة الصلاة: صل لأجل مزيد من العاملين المؤمنين المخلصين (1 تسالونيكي 2:1-3).

اقرأ رومية 8 -- 10

لقد رفض آدم أن يطيع كلمة الله، وبذلك دخلت الخطية إلى العالم وورث كل الجنس البشري الطبيعة الخاطئة (رومية 12:5-19)، ودمرت الخطية علاقتنا مع الله فجعلتنا روحيا أمواتا بالذنوب والخطايا (أفسس 1:2).

ومن خلال قوة الإقناع والتنوير قادنا الروح القدس إلى اكتشاف مدى بشاعة الخطية. فعندما يدرك الشخص أنه خاطئ وهالك ويعيش في تمرد على خالقه الله عندئذ يتولد الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة (2 كورنثوس 10:7) فيجعلنا نبصر المسيح رجاؤنا الوحيد للحياة الأبدية.

وعندما نقبل المسيح مخلصا شخصيا لنا ننال طبيعة الله في أرواحنا، هذه الطبيعة التي تمكننا من الانقياد بروح الله . لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح [أي أصبحت حياتنا منقادة ليس بمواصفات وطلبات الجسد، بل خاضعة للروح القدس] ... لأن اهتمام الجسد [بأفكاره وأغراضه الجسدية] هو عداوة لله (رومية 4:8،7).

إذا، دعونا نعيش متيقنين أن بر الناموس يجب أن يتم فينا، نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح (رومية 4:8)؛ لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون (رومية 13:8)؛ لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله (رومية 14:8).

لذلك لا يكفي أن نعترف بجميع خطايانا بل يجب أن نتركها أيضا . لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك [أي وثقت وتمسكت بهذا الحق] أن الله أقامه من الأموات خلصت، لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به [أي يذيع ويجاهر بالإيمان] للخلاص [أي لتأكيد الخلاص] (رومية 9:10-10).

إذا بوجود المسيح فينا يظهر من خلالنا شبه المسيح. فإذا سلكنا في الروح لا نتمم شهوات الجسد - بل على العكس - فإن بر الناموس سيتحقق فينا بقوة. فإن ثمر الروح [أي العمل الذي يحققه وجود الروح القدس فينا] هو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف. ضد أمثال هذه ليس ناموس (غلاطية 22:5-23). إن الله يهمه أولا طبيعتنا ثم بعد ذلك أعمالنا من أجله.

قد ينجح الناس في تقليد المؤمنين الحقيقيين بشتى الطرق، فينضمون إلى الكنيسة، ويشتركون في العبادة، ويقدمون العطايا السخية، بل وأيضا يحاولون أن يحفظوا الوصايا العشر مثلما فعل الشاب القائد الغني (متى 16:19-22؛ لوقا 18:18-23). ولكن هؤلاء قد يكونوا فقط معبرين عن صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها [أي القوة المسببة لها] (2 تيموثاوس 5:3).

إن المبدأ الأساسي هو هذا: الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله، فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا ورثة الله ووارثون مع المسيح، إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه (رومية 16:8-17).

شواهد مرجعية: رومية 36:8 (انظر مزمور 22:44)، رومية 7:9 (انظر تكوين 12:21)، رومية 9:9 (انظر تكوين 10:18)، رومية 12:9 (انظر تكوين 23:25)، رومية 13:9 (انظر ملاخي 2:1-3)، رومية 15:9 (انظر خروج 19:33)، رومية 17:9 (انظر خروج 16:9)، رومية 25:9 (انظر هوشع 23:2)، رومية 26:9 (انظر هوشع 10:1)، رومية 27:9-28 (انظر إشعياء 22:10-23)، رومية 29:9 (انظر إشعياء 9:1)، رومية 33:9 (انظر إشعياء 16:28)، رومية 5:10 (انظر لاويين 5:18)، رومية 6:10-7 (انظر تثنية 12:30-13)، رومية 8:10 (انظر تثنية 14:30)، رومية 11:10 (انظر إشعياء 16:28)، رومية 13:10 (انظر يوئيل 32:2)، رومية 15:10 (انظر إشعياء 7:52)، رومية 16:10 (انظر إشعياء 1:53)، رومية 18:10 (انظر مزمور 4:19)، رومية 19:10 (انظر تثنية 21:32)، رومية 20:10 (انظر إشعياء 1:65)، رومية 21:10 (انظر إشعياء 2:65).

أفكار من جهة الصلاة: الرب يريدنا أن نصلي من أجل قادة الحكومة (1 تيموثاوس 1:2-4)

اقرأ رومية 11 -- 13

تصف رسالة رومية أولا حالة المذنوبية لدى جميع البشر. فبدون المسيح، اليهود والأمم جميعهم خطاة ويستحقون الموت الأبدي: ليس بار ولا واحد (رومية 10:3). ولكن المسيح، ابن الله الكامل الذي بلا خطية،مات بدلا منا لكي نخلص ونتبرر أمام الله كهبة مجانية نابعة من محبته الكبيرة بالإيمان بدمه الثمين (رومية 24:3-25).

المسيحية هي حياة جديدة - بداية جديدة لحياة يعيشها المسيح فينا وبنا. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته [أي نصير أيضا مشاركين له في قيامته بحياة جديدة نحياها لله]، عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية [أي جسدنا الذي هو أداة للخطية يصبح غير فعال] كي لا نعود نستعبد أيضا للخطية (رومية 5:6-6).

لذلك فإنه من الحكمة أن نقدم أجسادنا لله لكي يتمم بها مشيئته الكاملة. فالرسول بولس يكتب قائلا: أطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله، عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر [أي لا تتشكلوا بحسب عاداته الخارجية السطحية]، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم [بواسطة المبادئ الجديدة المكتشفة في كلمة الله] لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رومية 1:12-2).

عندما نقرأ الكتاب المقدس مصلين وراغبين في عمل مشيئة الله، تصبح كلمته طعامنا الروحي - أي تصبح حياتنا. فبما أن الغذاء الجسدي يتخلل أجسادنا لكي يزودنا بالقوة الجسدية، كذلك الروح القدس الساكن فينا يقوي حياتنا الروحية بواسطة كلمته. وإذ تغير كلمة الله أساليبنا القديمة في التفكير فإننا نجد أن اتجاهاتنا أيضا تتغير، وبالتالي تتغير تصرفاتنا الخارجية. وهكذا نصبح يوما بعد يوم أكثر تشبها به.

إننا كمسيحيين حقيقيين، وسط الأصوات العديدة التي تحاول أن تلفت أنتباهنا، نحتاج أن نصلي طالبين من الروح القدس أن يقود اختياراتنا. يجب علينا أن نكون أبناء نور، وأن نزيل من حياتنا جميع الأشياء التي تعيقنا عن أن نكون وكلاء أمناء على وقتنا وعلى ممتلكاتنا.

هناك إغراء مستمر لإرضاء ذواتنا ورغباتنا الجسدية. لذا نحتاج أن نأخذ حذرنا لئلا تشغل "الأمور الجيدة" أو حتى "الأشخاص الجيدون" أوقاتنا، وبذلك تضيع علينا فرصة تحقيق مشيئة الله الفضلى. فالحياة أقصر من أن نجعل الممتلكات المادية والإنجازات العالمية تتحكم في حياتنا لأن فرصة خدمة الرب والاستعداد للقائه تمران بسرعة.

هذا وإنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعة [أي ساعة حرجة] لنستيقظ من النوم [أي لنستيقظ للحقيقة] ... قد تناهي الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ... بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات [أي كفوا عن التفكير في شهوات طبيعتكم الجسدية] (رومية 11:13-14).

شواهد مرجعية: رومية 3:11 (انظر 1 ملوك 10:19،14)، رومية 4:11 (انظر 1 ملوك 18:19)، رومية 8:11 (انظر إشعياء 10:29)، رومية 9:11-10 (انظر مزمور 22:69-23)، رومية 26:11-27 (انظر إشعياء 20:59-21)، رومية 34:11 (انظر إشعياء 13:40)، رومية 35:11 (انظر أيوب 11:41)، رومية 19:12 (انظر تثنية 35:32)، رومية 20:12 (انظر أمثال 21:25-22)، رومية 9:13 (انظر خروج 13:20-17؛ غلاطية 14:5).

أفكار من جهة الصلاة: صل من أجل أصدقائك المؤمنين (فليمون 4:1).

اقرأ رومية 14 -- 16

شكرا للرب أننا لسنا قضاة على إخوتنا المسيحيين الحقيقيين، لأننا نبني أحكامنا على ما نشاهده من الخارج. لأن الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب (1 صموئيل 7:16). ونحن لا نعرف قلوبهم ولا اقتناعاتهم ولا مدى إخلاصهم. لذلك يحذرنا الكتاب المقدس قائلا: من أنت الذي تدين عبد غيرك؟ هو لمولاه يثبت أو يسقط، ولكنه سيثبت لأن الله قادر أن يثبته (رومية 4:14).

فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل الضعفاء ولا نرضي أنفسنا. فليرض كل واحد منا قريبه للخير لأجل البنيان [لأجل تشديده وبنائه روحيا] . لأن المسيح أيضا لم يرض نفسه (رومية 1:15-3).

من المدهش أن الخالق الأبدي - المسيح ابن الله - لم يرض نفسه . فإنه من أجل الآخرين جاء إلى العالم، وعاش، وصلى، وبكى، ومات. وحتى الآن، فإن المسيح المقام يشفع فينا (عبرانيين 25:7).. وسيأتي من أجلنا مرة ثانية. ما أبعد ذلك عن فلسفة العالم التي تدور حول محور الذات.

إن الذين يجعلون المسيح ربا على حياتهم، يشفقون على الآخرين، ليس فقط على إخوتهم الضعفاء في المسيح، ولكن أيضا على الهالكين. لأننا جميعا سوف نقف أمام كرسي المسيح ... كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا لله (رومية 10:14،12). ويمكننا أن نكون بركة بتفهمنا أو بإصغائنا أو عندما نصلي مع ومن أجل الذين يحتاجون أن يقبلوا المسيح مخلصاً لهم ومن أجل الآخرين الذين يحتاجون إلى المشاركة العطوفة.

نعم، ينبغي علينا أن ندين الخطية. فالله يدين الخطية وهو يأمرنا بوضوح قائلا: وبّخ ، انتهر، عظ بكل أناة وتعليم (2 تيموثاوس 2:4). فالخطية مصدرها الشيطان. لذا يجب أن نقاوم الشرور الواضحة بشدة، لكنه يجب أن تكون لنا رأفة المسيح تجاه الشخص الواقع في قبضة الشيطان. فالقداسة لا تتسامح مع الخطية، لكنها تتعامل مع الخطاة بمحبة. فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار (لوقا 35:6).

يقول الرب إلى كل المؤمنين وفي كل الظروف: كونوا رحماء [أي متعاطفين، ولطفاء، ومتجاوبين، وشفوقين] كما أن أباكم أيضا رحيم (لوقا 36:6).

يجب أن نحمد الرب من أجل امتياز الاشتراك في أحمال الآخرين ومساعدتهم على تعلم المزيد عن المسيح وعن إرادته في حياتهم!

وليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع، لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد (رومية 5:15-6).

شواهد مرجعية: رومية 11:14 (انظر إشعياء 23:45)، رومية 3:15 (انظر مزمور 9:69)، رومية 9:15 (انظر مزمور 49:18)، رومية 10:15 (انظر تثنية 43:32)، رومية 11:15 (انظر مزمور 1:117)، رومية 12:15 (انظر إشعياء 1:11،10)، رومية 21:15 (انظر إشعياء 15:52).

أفكار من جهة الصلاة: تواضعوا أمام الرب فيرفعكم (يعقوب 10:4).

اقرأ 1 كورنثوس 1 -- 4

كانت الكنيسة في كورنثوس منقسمة بشأن من هو أهم القادة الروحيين. فالبعض كانوا يفضلون بولس، والبعض الآخر أبلوس، وآخرون كانوا يفضلون بطرس. ولكن هؤلاء الرجال كانوا مجرد خدام للمسيح حصلوا على مواهب وقدرات للخدمة.

يستطيع الله وحده أن يعطينا كل ما نحتاج إليه لتسديد أعوازنا. فمن هو بولس ومن هو أبلوس، بل خادمان آمنتم بواسطتهما، وكما أعطى الرب كل واحد، أنا غرست وأبلوس سقى لكن الله كان ينمي ... وكل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه (1 كورنثوس 5:3-8). لذا يجب على كل مؤمن أن يشعر بأهميته ولكن لا ينبغي لأحد أن يشعر بأنه لا غنى عنه أو بأنه لا يصلح لشيء.

لقد وضع الله الأعضاء كل واحد منها في الجسد كما أراد (1 كورنثوس 18:12)، لذا يجب علينا فقط أن نسأل أنفسنا: "هل أنا فاعل كل ما بوسعي بالقدرات التي وهبها لي الله؟" فإننا عاملون مع الله (9:3)، وكل مؤمن مهم من أجل تكوين جسد المسيح - وكل واحد بلا استثناء له أهميته - فلا يوجد واحد لديه كل المواهب أو عنده كل الإجابات.

وضع الله مسئوليات معينة على كل واحد منا، وأعدنا بطريقة خاصة لإتمام مقاصده، ومهم أن ندرك إلى أي مدى نحن معتمدون على بعضنا البعض، فنهتم اهتماما واحدا بعضنا لبعض (1 كورنثوس 25:12). وكلما ازداد اقتراب المؤمنين من الله، كلما ازداد اقترابهم واجتذابهم لبعضهم البعض. فنحن ندعى جسد واحد - مبنيون معا مسكنا لله في الروح (أفسس 22:2).

في الجسد أعضاء كثيرة - وكل واحد منها له وظيفة مختلفة، ولكن جميع الأعضاء وجميع الوظائف لازمة من أجل صحة ونفع الكل. لأنه من يميزك؟ وأي شيء لك لم تأخذه؟ وإن كنت قد أخذته [من الله] فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟ [أي كأنك اكتسبته بجهودك الذاتية] (1 كورنثوس 7:4).

إننا نحتاج بعضنا لبعض وينبغي أن نفرح بذلك، مهما كانت بسيطة الوظيفة التي اختارها الله لنا، إلا أننا جميعا أدوات لتحقيق خطته.

فلماذا نمدح ونكرم الأشخاص ذوي الإمكانيات المميزة أكثر ممّن يقومون بأعمال أقل تمييزا منها إن كانوا يؤدون عملهم بنفس الدرجة من الإخلاص؟ إن المدح والإكرام على جميع الإنجازات يجب أن يقدم للرب، الذي وحده جعلنا مؤهلين لخدمته. بهذه الطريقة لن يكون هناك مجال لحسد الآخرين على قدراتهم وإمكانياتهم. فإن الغيرة تهين المسيح وتدمر روح الوحدة.

يعتمد الثمر الحقيقي لشهادة المسيحي على الروح القدس. ونحن مدعوون إلى الاشتراك مع ابن الله في البحث عن الخاطئ وفي خدمة تعليم كلمته. فيجب أن نكون شركاء نشطين معه. ولكن بدون بركته، تصبح أنشط الخدمات عديمة الثمر والفائدة. فدعونا نفهم أنه ليس الغارس شيئا ولا الساقي (1 كورنثوس 7:3) سوى أداة بشرية، وفي الحقيقة فإن الغارس والساقي هما واحد ... فإننا نحن عاملان مع الله (1 كورنثوس 8:3-9).

شواهد مرجعية: 1 كورنثوس 19:1 (انظر إشعياء 14:29)، 1 كورنثوس 31:1 (انظر إرميا 24:9)، 1 كورنثوس 16:2 (انظر إشعياء 13:40)، 1 كورنثوس 19:3 (انظر أيوب 13:5)، 1 كورنثوس 20:3 (انظر مزمور 11:94).

أفكار من جهة الصلاة: سبح الرب من أجل الفداء الذي لا يقدّر بثمن (رؤيا 9:5).

اقرأ 1 كورنثوس 5 -- 9

مع أن بولس يكتب عن ضرورة العلاقة الجسدية السليمة بين الزوج وزوجته، إلا أنه تأتي أوقات فيها تكون علاقتهما الروحية مع الله فوق جميع الاعتبارات لكي تتفرغوا للصوم والصلاة (1 كورنثوس 5:7). وقد أعطى الرب يسوع تعليمات تفصيلية عن طريقة الصوم، قائلا: متى صمتم، فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية (متى 16:6-18). وكلمة "متى صمت" تعني أن الرب يتوقع منا أن نصوم إذا أردنا أن نكون حسب مشيئته.

والأزواج الذين يريدون ثمرا روحيا أكبر أو الذين لديهم احتياج خاص يجب أن يفرغوا أنفسهم للصلاة. فإن أوقات الصلاة هذه قد تكون عميقة جدا إلى درجة أن الطعام وسائر المتع الجسدية توضع جانبا إلى حين التأكد من الحصول على إجابة.

إن الصلاة والصوم يحققان نتائج لا يمكن تحقيقها بأي طريقة أخرى.

وقد أوجد الرب الصلاة من أجل إتمام مقاصده السامية. إذ بعد تهديد بطرس ويوحنا، رفع المؤمنون أصواتهم إلى الله بقلب واحد وصلوا أن يعطيهم الرب جرأة في المناداة بكلمة الله (أعمال 24:4-29). وقد ظهرت أيضا القوة الفائقة للصلاة عندما أعلن هيرودس أنه سوف يقتل بطرس كما سبق وفعل بيعقوب. ولكن هؤلاء المؤمنين استمروا مصلين إلى أن أطلق بطرس بطريقة معجزية (أعمال 1:12-17).

كان صموئيل - وهو واحد من أعظم الأنبياء الكهنة في تاريخ إسرائيل - يشجع بني إسرائيل باستمرار أن يصلوا ويعدوا [أي يوجهوا] قلوبهم للرب ويعبدوه وحده (1 صموئيل 3:7). وفي إحدى المرات قال لهم: اجمعوا كل إسرائيل إلى المصفاة فأصلي لأجلكم إلى الرب ... وصاموا في ذلك اليوم وقالوا هناك قد أخطأنا إلى الرب (1 صموئيل 5:7-6).

كثيرا ما ننسى أهمية الاستماع في الصلاة. ففي الصلاة، تقوم الأذن وليس اللسان بالمهمة الأكبر. فاللسان يتدرب من خلال الأذن. وما تدخله الأذن إلى الذهن، يخرجه اللسان إلى الخارج.

والسبب في أن ألسنتنا لم تتعلم كيف تصلي كما ينبغي هو أننا لم نعط الرب الفرصة لكي ينطق بكلماته في آذاننا. ولأجل هذا يحذرنا: من يحول أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضا مكرهة (أمثال 9:28). فلماذا نهين الله، باعتقادنا أنه يريد أن يسمعنا بينما لا نهتم بأن نسمع ما يريد أن يقوله لنا؟

بدءا من عصور الكتاب المقدس وحتى الآن، نجد أن الرجال والنساء الأكثر نفعا في الصلاة هم الأكثر إصغاء لصوت الله.

ولتذكيرنا بأهمية معرفة كلمة الله للصلاة الفعالة، ألهم الروح القدس الرسول يوحنا أن يكتب قائلا: مهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه (1 يوحنا 22:3).

شواهد مرجعية: 1 كورنثوس 16:6 (انظر تكوين 24:2)؛ 1 كورنثوس 9:9 (انظر تثنية 4:25).

أفكار من جهة الصلاة: تهلل لأن مخلصنا قد ولد من أجلنا (لوقا 11:2).

اقرأ 1 كورنثوس 10 -- 13

المحبة هي أعظم قوة في الوجود وهي العلامة المميزة للمسيحي الحقيقي. وتوجد على الأقل 14 صفة أساسية للمحبة المسيحية: المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد، المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء، المحبة لا تسقط أبدا (1 كورنثوس 4:13-8). هذه المحبة مصدرها الله (يوحنا 12:1-13؛ 3:3،5)؛ ونحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الإخوة (1 يوحنا 14:3). وثمر الروح هو محبة (غلاطية 22:5).

ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة (1 يوحنا 8:4). قال يسوع: بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض (يوحنا 35:13). فإن محبتنا للآخرين هي أهم في نظر الله من جميع مواهبنا ومعرفتنا وإيماننا وعطايانا (1 كورنثوس 1:13-3).

ولغرض التعبير عن محبتنا، سيسمح الله لأشخاص مزعجين أو لظروف صعبة أن تصيبنا بالإحباط وتخيب توقعاتنا. وهو أحيانا يسمح بحدوث اختبارات محزنة لكي يجعل محبته تفيض من خلالنا. المحبة هي المقياس الذي يقيس اتجاهاتنا وتصرفاتنا وهي أيضا المفتاح للحصول على قوة الله في الصلاة.

إننا نفقد امتياز الحصول على الغفران عندما نحتفظ بمرارة أو بغضة أو عدم غفران في داخلنا - وهي جميعها من أشكال البغضة. فالرب يقدم لنا هذا التحذير: إن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضا زلاتكم (متى 15:6).

المحبة تتسامح أيضا مع تصرفات الآخرين الطائشة. في مرة من المرات، ظن بطرس أنه يجب وضع حدود معقولة لمسامحة أولئك الذين يخطئون إليه (لوقا 4:17). ولكن المسيح أجابه بأن الغفران لا يجب أن يحد بسبع مرات بل يمتد حتى سبعين مرة سبع مرات - أي بلا حدود (متى 21:18-35).

المحبة لا تحسد شخصا غنيا ولا تشتهي ممتلكات أحد. إنها خالية من الشك والريبة والتخيل الشرير.

المحبة لا تتمسك بحقوقها لإن الروح القدس الساكن فينا هو الذي يحفزنا أن نسعى إلى خير الآخرين (1 كورنثوس 24:10،33). المحبة ترد الخير بدلا من الشر وذلك لأننا نعلم أننا مدينون للرب من أجل محبته الكبيرة ورحمته لنا (رومية 8:5؛ 20:12-21).

ويمكننا أيضا كمسيحيين حقيقيين أن نشكر الله لأن الروح القدس هو الذي يفحص قلوبنا من جهة السبب الذي لأجله نخدم الرب. فإننا عادة ما نبدأ نخدم الرب بدافع من محبتنا للمسيح ولكننا بسبب المدح أو النجاح سرعان ما تتحول دوافعنا إلى الرغبة الجسدية في تحقيق الشهرة.

يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق (1 يوحنا 18:3).

شواهد مرجعية: 1 كورنثوس 7:10 (انظر خروج 6:32)؛ 1 كورنثوس 26:10 (انظر مزمور 1:24).

أفكار من جهة الصلاة: اشكر الرب من أجل ميراثك كابن الملك (1 بطرس 3:1-4).

اقرأ 1 كورنثوس 14 -- 16

يختتم بولس رسالته هذه إلى أهل كورنثوس بطمأنة قرائه المؤمنين الحقيقيين إلى أن الموت ليس هو نهاية الحياة بل بداية لمستقبل مجيد. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير، فإنه سيُبوّق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير. لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت عدم موت [أي نتحرر من قوة الموت] ... شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح (1 كورنثوس 52:15-53،57). وهذا الانتصار على الموت هو فقط من نصيب الذين آمنوا إيمانا شخصيا وقبلوا يسوع المسيح مخلصا لهم وربا على حياتهم. لا توجد إشارة إلى وجود فرصة ثانية، ولكن توجد إشارات عديدة إلى وجود ازدراء أبدي (دانيال 2:12) وأبدية في العذاب حيث يكون البكاء وصرير الأسنان (متى 12:8؛ 13:22؛ 51:24؛ 30:25؛ لوقا 28:13؛ رؤيا 15:18،19).

إنها لنصرة حقيقية أن المسيح قام من بين الأموات وأكد لنا - مخلصنا - أنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيآت إلى قيامة الدينونة (يوحنا 28:5-29).

فلدينا كل الثقة أنه إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكنا فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم (رومية 11:8).

لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولا (1 تسالونيكي 16:4). ستتفتح جميع القبور، ويسلم البحر والأرض الأموات الذين فيهما، والأحياء يتغيرون في لحظة ويتحولون من الفساد إلى عدم القابلية للموت. عندئذ تنتهي المعركة، ويتحقق النصر، وسوف تُستعلن هبة الله المجيدة - الحياة الأبدية - بواسطة ربنا يسوع المسيح.

إن الهدف المزدوج لحياتنا هو أن نعد أنفسنا لنكون مثلما يريدنا الرب ونحقق القصد الذي من أجله خلقنا. فجميع الإنجازات الأرضية عديمة القيمة في ضوء الأبدية. فإذا أيها الإخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد، لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون (رومية 12:8-13). بالنسبة للمسيحي الحقيقي، الموت الجسدي هو تحوّل إلى محضر المسيح المرئي.

لا نستطيع أن نتحكّم بالمحيطات، ولا أن نقود النجوم، ولا أن نخلق عشبا أخضر؛ ولكن لنا هذا الامتياز الثمين أن نوصل كلمات الحياة الأبدية إلى القلوب الجائعة. لذلك يختتم بولس أفكاره المجيدة بالنسبة لرجوع الرب بالقول: إذا يا إخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب (1 كورنثوس 58:15).

شواهد مرجعية: 1 كورنثوس 21:14 (انظر إشعياء 11:28-12)؛ 1 كورنثوس 25:15 (انظر مزمور 1:110)؛ 1 كورنثوس 27:15 (انظر مزمور 6:8)؛ 1 كورنثوس 32:15 (انظر إشعياء 13:22)؛ 1 كورنثوس 45:15 (انظر تكوين 7:2)؛ 1 كورنثوس 54:15 (انظر إشعياء 8:25)؛ 1 كورنثوس 55:15 (انظر هوشع 14:13).

أفكار من جهة الصلاة: صل من أجل وحدانية الروح مع المؤمنين الآخرين (1 بطرس 8:3).

اقرأ 2 كورنثوس 1 -- 4

إن الأواني الخزفية في ذاتها منخفضة القيمة، ولكن إذا ملئت بالذهب فإن قيمتها ترتفع جدا بسبب ما تحتويه. ويشبّه بولس المسيحيين الحقيقيين بأوان خزفية عادية تحتوي على كنز نفيس. فالإناء الخزفي يشير إلى أجسادنا أما الكنز النفيس فهو المسيح الساكن فينا (كولوسي 27:1). فبسبب وجود المسيح فينا تزداد قيمتنا في نظر الله لأننا نحمل كنزا أبديا (أعمال 15:9؛ 2 تيموثاوس 20:2-21).

كم هو مثير أن ندرك أننا نملك في داخلنا ما يعتبره الله أعظم كنز في الوجود بأكمله. ولكن ما أن يعلن الله هذا الحق المجيد لنا، حتى نجد بولس يصف الاختبارات التي اجتاز فيها ويجتازها أيضا جميع أولاد الله: مكتئبين في كل شيء... متحيرين ... مضطهدين ... مطروحين ... حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع (2 كورنثوس 8:4-10).

إن التجارب والضيقات بشكل أو بآخر هي جزء ضروري لنمو كل مسيحي حقيقي نموا روحيا (أعمال 22:14؛ 1 بطرس 6:1-7؛ 12:4-13). كان المسيح مدركا للغرض الذي من أجله جاء إلى الأرض - وهو أن يموت على الصليب ليحمل القصاص عن خطايا العالم كله. وكما أنه كان ينبغي أن يموت، كذلك علينا نحن أيضا أن نموت عن محبة الذات ونستعد أن لمشاركة المسيح في آلامه. قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات (رومية 13:6).

لقد أعطى المسيح أتباعه حياته ذاتها. لذا نستطيع بالإيمان أن نتحمل كل تجربة وألم عالمين أن الله قد أعطانا هذا الامتياز أن نعلن صفات المسيح المقام (2 كورنثوس 10:4). فالله قادر أن يأخذ الإنسان العادي عديم الشأن والواثق بيسوع المسيح ويستخدمه بطريقة تمجد الرب.

نستطيع أن نواجه التجارب والآلام وكلنا ثقة بأن الرب لم يخطأ ولا مرة واحدة وأنه يقدم لنا في محبته ما هو الأفضل لنا من أجل خيرنا الأبدي، وهو يعطي قوة وتعزية أكثر من طاقة واستيعاب أي إنسان. ولتعزية الروح القدس أثر مزدوج: فهو يخفّف عنا أحمالنا ويؤهلنا لتعزية الآخرين بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله (2 كورنثوس 4:1).

بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضا مبتهجين (1 بطرس 13:4). والواقع هو أن الكثيرين لا يفرحون، بل تمتلئ نفوسهم مرارة. فالبعض يتركون الخدمة، والبعض يتركون كنائسهم، والبعض يصابون بالانهيار العصبي - وهذا كله لأنهم لم يدركوا أنهم يشتركون في آلام المسيح، وأن خفة ضيفتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا، ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى، لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية (2 كورنثوس 17:4-18).

شواهد مرجعية: 2 كورنثوس 13:3 (انظر خروج 33:34)؛ 2 كورنثوس 13:4 (انظر مزمور 10:116).

أفكار من جهة الصلاة: صلّ واشكر الرب من أجل أمانته لكلمته ورغبته في أن يُقْبِل الجميع إلى التوبة (2 بطرس 9:3).

اقرأ 2 كورنثوس 5 -- 8

قاد الروح القدس الرسول بولس أن يكتب قائلا: لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين (2 كورنثوس 14:6). لا أحد ينكر أننا نعيش في زمن يسوده الخداع والتهاون والروح العالمية وأن كثيرين لا يعرفون معنى أن يكون الشخص المؤمن تحت نير مع غير المؤمنين. ولتوضيح هذه المشكلة طرح الرسول بولس خمسة أسئلة تستحق أن نأخذها في الاعتبار لأنها ذات نتائج أبدية: لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ (2 كورنثوس 14:6-16).

إن الإيمان الحقيقي لا يربط فقط المؤمن بالرب، ولكن يفصله أيضا قلبا وسلوكا عن العالم الذي صلب الرب ولا زال يكنّ له البغضاء. إن حضور الرب يتطلب قداسة، لأن الله لا يمكنه أن يساكن الشر. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسا فأقبلكم، وأكون لكم أبا وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء (2 كورنثوس 17:6-18).

لم ينعزل الرب يسوع عن العالم، ولكنه في نفس الوقت لم ينغمس في المشاغل العالمية. إن خروجنا من وسط غير المؤمنين يعني ببساطة أننا ننتمي للمسيح: فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله، اهتموا بما فوق لا بما على الأرض (كولوسي 1:3-2).

في رسالته الأولى كتب بولس قائلا: أما تعلمون أنكم هيكل الله؟ ... إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو (1 كورنثوس 16:3-17).

قد يؤسس الكثيرون منا قراراتهم إما على الشعور أو على العقل. أما نحن، فيجب علينا أن نصلي واضعين في اعتبارنا ما تقوله كلمة الله بشأن الأصدقاء والشركات والعلاقات مع غير المؤمنين. إن هذا لأمر خطير بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، لأن للمؤمن ولغير المؤمن سيدان مختلفان. فالمسيح هو الملك على شعبه، ونحن ننتمي إليه. والشيطان هو رئيس هذا العالم ويسود على جميع الهالكين الذين يمكث عليهم غضب الله (يوحنا 36:3). قال بطرس في رسالته: بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين في كل سيرة، لأنه مكتوب كونوا قديسين لأني أنا قدوس (1 بطرس 15:1-16؛ قارن مع لاويين 44:11-45).

وقد حذرنا يعقوب من أن محبة العالم عداوة لله. فمن أراد أن يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله (يعقوب 4:4). وأيضا كتب الرسول يوحنا قائلا: لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم (1 يوحنا 15:2). فلنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله (2 كورنثوس 1:7).

شواهد مرجعية: 2 كورنثوس 2:6 (انظر إشعياء 8:49)؛ 2 كورنثوس 16:6 (انظر لاويين 11:26-12)؛ 2 كورنثوس 17:6 (انظر إشعياء 11:52)؛ 2 كورنثوس 15:8 (انظر خروج 18:16).

أفكار من جهة الصلاة: تهلل لأن دم الرب يسوع قد طهرك من كل خطية (1 يوحنا 7:1،9).

اقرأ 2 كورنثوس 9 -- 13

كرز الرسول بولس بإنجيل يسوع المسيح في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وقد عاش حياته من أجل هدف واحد: وهو التبشير في البلاد التي لم يكرز فيها قبلا (2 كورنثوس 16:10). وبسبب محبته الكبيرة للنفوس الضالة تعرض لآلام لا توصف، يتذكر منها: من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة، ثلاث مرات ضربت بالعصي، مرة رجمت، ثلاث مرات انكسرت بي السفينة، ليلا ونهارا قضيت في العمق، بأسفار مرارا كثيرة، بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار من جنسي، بأخطار من الأمم، بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر، بأخطار من إخوة كذبة، في تعب وكد، في أسهار مرارا كثيرة، في جوع وعطش، في أصوام مرارا كثيرة، في برد وعري، عدا ما هو دون ذلك، التراكم علي كل يوم، الاهتمام بجميع الكنائس! (2 كورنثوس 24:11-28). فلم يكن بولس انهزاميا، بل عرف أن الحياة الأرضية هي استعداد للأبدية. لهذا، لم تكن له سوى رغبة واحدة وهي إرضاء الرب وتشجيع الآخرين أن يستعدوا لملاقاة الرب.

وبدون تردد أو استثناء، استطاع بولس أن يقول بشأن جميع إنجازاته السابقة من حيث المال أو الجاه أو السلطة أو المركز : ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة، بل إني أحسب كل شيء أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح (فيلبي 7:3-8).

ونحن مثل بولس، مسئولون أن نوصل كلمة الله وبشارة الخلاص إلى عالمنا. فلا بد أن تتاح لكل إنسان فرصة كي يسمع ولو مرة واحدة أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة (1 تيموثاوس 15:1).

هل فكرت مرة، ما معنى أن يموت إنسان دون أن ينال الخلاص، فيظل منفصلا عن الله إلى الأبد في عذاب شديد في الجحيم طوال الأبدية؟ لقد أعطى الرب لكل واحد منا امتياز ومسئولية توصيل كلمته إلى الجيران والأحباء وجميع الناس. ولكن في أحيان كثيرة يبدو أن الناس الأقرب إلينا هم الأصعب في الوصول إليهم بحق الإنجيل. فيجب أن نتذكر أن يسوع نفسه قد لقي صعوبة مع أهل مدينته (متى 53:13-58). إن نسخة من "طريق الكتاب المقدس" هي وسيلة أكيدة لمشاركة كلمة الله مع أحبائك - وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به (متى 20:28). وسيبارك الله كل تضحية تقدمها من أجل مساعدة الآخرين لكي يتعلموا عن المسيح.

وفي نهاية الحياة على الأرض، ما أروع أن يقول الشخص المؤمن: قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان (2 تيموثاوس 7:4).

شواهد مرجعية: 2 كورنثوس 9:9 (انظر مزمور 9:112)؛ 2 كورنثوس 17:10 (انظر إرميا 24:9)؛ 2 كورنثوس 1:13 (انظر تثنية 15:19).

أفكار من جهة الصلاة: اطلب من الرب أن يملأك محبة نحو غير المحبوبين (1 يوحنا 7:4-8).

 

مقدمة لسفر كورنثوس الأولى والثانية

أثناء رحلة الرسول بولس التبشيرية الثانية،رأى رؤيا في ترواس أن رجلا من مكدونية يستغيث به طالبا العون. فاعتبر هذه دعوة من الله، ورحل من آسيا إلى أوروبا حيث بدأ خدمته في فيلبي المدينة الرئيسية في مقاطعة مكدونية وهي مستعمرة رومانية (أعمال 12:16). وهناك تعرض هو وسيلا للضرب المبرح والسجن، ثم بعد ذلك أطلق سراحهما في زلزال عظيم (أعمال 25:16-26).

ثم غادر بولس فيلبي وسافر مسافة 100 ميل (160 كيلومتر) إلى تسالونيكي، وهي عاصمة مكدونية، ثم 50 ميل (80 كيلومتر) نحو الجنوب الغربي إلى بيرية حيث قَبِل الناس الكلمة [البشارة بيسوع المسيح]، فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الأمور هكذا (أعمال 11:17).

ثم سافر بولس إلى أثينا، وهي من أشهر المراكز التعليمية في العالم القديم، حيث حدثهم عن الإله المجهول للأثينيين على جبل مارس (أعمال 23:17،30).

ونظرا للنجاح المحدود في أثينا، فقد رحل بولس إلى كورنثوس، التي تقع على بعد 50 ميلا تقريبا (80 كيلومترا) نحو الغرب، حيث مكث ما يقرب من سنتين. وأثناء هذه المدة كان يعول نفسه من خلال مهنته في صنع الخيام بمساعدة أكيلا وبريسكلا، وهما زوجان يهوديان كانا قد هربا من روما بسبب مرسوم كلوديوس الذي أجبر جميع اليهود على الرحيل.

وكانت مدينة كورنثوس، التي يبلغ تعدادها حوالي 400.000 نسمة، مدينة غنية جدا إذ أنها كانت متحكمة في كل التجارة البحرية بين الشرق والغرب وأيضا في الرحلات البرية والأعمال المتبادلة بين الشمال والجنوب. وقد كانت كورنثوس عاصمة إقليم أخائية الروماني وكانت واحدة من أبرز المدن في اليونان.

وعلى الجبل المطل على كورنثوس كان يوجد معبد إلهة الحب، أفروديت، حيث كان الرجال والنساء يمارسون العهارة كجزء من عبادتهم.

وعندما غادر بولس كورنثوس، عاد أولا إلى أنطاكية ثم رجع إلى أفسس حيث مكث ما يقرب من ثلاث سنين.

وبينما كان في أفسس (1 كورنثوس 8:16) تلقى بولس أخبارا مزعجة بشأن المشاكل التي نشأت في كنيسة كورنثوس (1 كورنثوس 11:1؛ 1:5؛ 1:7؛ 18:11). فلقد كانت الكنيسة منقسمة (10:1 - 21:4) وكان البعض يعيشون في النجاسة (1:5-13). وردا على ذلك، أرسل بولس إلى الكنيسة أجمل تعريف كتب عن الحب وهو المسجل في أصحاح 13، وأفضل شرح لقيامة المسيح في أصحاح 15.

والهدف الرئيسي من رسالة كورنثوس الثانية هو لأجل مدح الإجراء التأديبي الذي اتخذته الكنيسة ضد الخطية نتيجة لرسالة بولس الأولى. وهذه الرسالة تحذر أيضا من الأنبياء الكذبة وتدافع عن سلطة بولس الرسولية (أصحاح 10،12،13).

خلال السنوات التي تلت رحيل بولس، يبدو أنه قد قامت مؤامرة داخل الكنيسة تهاجم سلطة بولس وتشكك في أحقيته كرسول وتقول عن حضوره أنه ضعيف (2 كورنثوس 10:10). وأحد المواضيع الرئيسية في رسالة كورنثوس الثانية هو خدمة المصالحة.

ويقتبس الرسول بولس مرارا من أقوال العهد القديم ويقوم بتطبيقها (لاحظ: خروج 18:16؛ لاويين 12:26؛ تثنية 4:25؛ 2 صموئيل 14:7؛ مزمور 9:112؛ إشعياء 8:49؛ 11:52؛ حزقيال 41:20؛ هوشع 10:1؛ 1 كورنثوس 9:9؛ 2 كورنثوس 2:6،16-18؛ 1:7؛ 15:8؛ 1:13).

عودة للفهرس