دراسة تطبيقية فى  الإصحاح الثانى والثالث  من سفر نشيد الأناشيد

كيف تستفيد من هذه الدراسة التطبيقية ؟

مقدمــــة

1) نرجــــس الـــــوادى

2) محــــبـة شــــديـدة

3) قمــــة الحـــب السماوى

4) تجـــــربة قــاســـية

5) حــبيــــى لــــــىَّ

6) الفتــــــور الروحـــى

7) الطالـــــعة من البــرية

8) تخــــــت ســــليمان

9) هــــــودج المـــــلك

10) المــــــلك المتـــوج

11) مراجــــعة عامـــــة

12) خــاتــمـــــــــة

حمل هذا الكتاب

عودة للصفحة الرئيسية

نرجــــس الـــــوادى


" أنا نرجس شارون سوسنة الأودية ..
كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات ..
كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين تحت ظله اشتهيت
أن أجلس وثمرته حلوة لحلقى .. " (نش 2 : 1 ـ 3)

نبدأ بنعمة الله فى الموضوع الأول من الإصحاح الثانى من سفر نشيد الأناشيد .. فبعـد أن جذب العريس عروسه الكنيسة المقدسة أو النفس البشرية ، نراه هنا يستكمل فرحه بهذه العروس المقدسة ، فيدخلا معاً فى رباط الحب السماوى الروحانى المقدس ، فيزدادا كلا منها حباً للآخر ، فيأخذ الحب جانباً إيجابياً ، يثمر تعلقاً مجيداً بين الحبيب الغالى ، وعروسه المحبوبة ، فيبحث كل منهما عن الآخر ولا يقبلا أى فتور فى علاقتهما ، بل يبغيان لهذه العلاقة كل نمو وإزدهار ..

وفى هذا الصدد نرى ثلاثة جوانب ، هى :
o زهـــرة يانــعـة .
o ثمـــرة مشـــبعة .
o جلســـة ممتـــعة .


أولاً : زهــرة يانـعة
يستهل العريس أحاديثه التى بدأها فى الإصحاح الأول ، فيقول: " أنا نرجس شارون .. سوسنة الأودية .. " والنرجس هو نبات أبيض أو أصفر رائحته زكية لا تمنعه الأشواك أو الصخور من النمو بينها .. كما أن وادى شارون هو مرعى خصيب ، زرعه ربانى طبيعى ، لا يزرعه بشر ، وهو زهرٌ فى غاية الاستقامة ..
كذلك يشبِّه العريس نفسه بأنه سوسنة الأودية .. والسوسن نبات ذو رائحة طيبة تعطر الجو المحيط به ، فهو عريس كالنرجس فى استقامته ، وكالسوسنة فى تأثيره على المحيطين به .. نعم ، لقد قال السيد عن نفسه: " أنا نـور العالم " ثم نراه يقول : " أنتم نـور العالم .. " فحين نفسح له المجال نراه يشع مع خلالنا فى ظلمة هذا العالم ..
ونرى فى هذه الزهرة :
1) زهرة فريدة 2) روائح جميلة 3) أوساط غريبة
1) زهرة فريدة :
فى هذا الاصحاح يبدأ العريس بأن يعلن عن نفسه بأنه نرجس شارون وسوسنة الأودية .. وسرعان ما يلتفت إلى عروسه فيصفها بأنها كالسوسنة بين الشوك ..
هكذا النفس البشرية ، حين تنظر إلى ذاتها نراها تعلن واقعها ، إذ تقول : " أنا سوداء .. " لكن حين ترى جمال الحبيب الذى يعكسه عليها ، تعود وتقول " أنا سوداء وجميلة .. "
فالمؤمن حين ينظر إلى خطاياه ، يجد نفسه كما رآها القديس بولس الرسول : " الخطاة الذين أولهم أنا " (1تى 1 : 15) ، وهكذا يجد نفسه واحداً عادياً ، ولقد رأى موسى النبى نفـس الواقـع فقـال للرب : " أليس بمسيرك معنا فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الارض " (خر 33 : 16) .. وهكذا نرى أن ذواتنا دون المسيح كلا شئ ... لكن فى المسيح نرى أن استقامته تنطبع على حياتنا فيضفى جمالاً سماوياً علينا ، فنصير فى جمال القمر الذى يعكس ضوء الشمس .

2) روائح جميلة :
فبرغم وجود النفس البشرية فى وسط العالم ، إلا أن الرائحة التى تفيح منها هى فى الواقع رائحة سماوية .. رائحـة المسيح الذكية (2كو 2 : 15)... فبرغم أن المؤمن هو فى ذاته شخصاً عادياً ، إلا أنه يجب أن يختلف كل الاختلاف عن الأخرين .. ولقد أوضح شمشون هذا الأمر ثلاث مرات بقـوله : " إن حلقت تفارقني قوتي وأضعف وأصير كأحد الناس " (قض 16 : 17) .. وفى هذا اعترافاً ضمنياً بأنه ليس من الناس .. لذا قال الرب يسوع المسيح : " لانكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم " (يو 15 : 19) .. فالمسيحية هى الديانة التى تجعل المؤمن يعيش فى العالم ، ولا تسمح للعالم أن يعيش فى المؤمن .. تماماً كالمركب التى نراها فى البحر ، ولا نرى البحر فيها ..
لذا فى الموعظة على الجبل كرر الرب يسـوع كلمـة " وأما أنت " ثلاث مرات ، كما كررها الرسول بولس فى رسائله ست مرات .. فالمسيحية هى أن تحيا فى العالم ولا يحيا العالم بشروره وملذاته فى قلبك ..

3) أوساط غريبة :
برغم اختلاف الكنيسة عن كل ما حولها ، إلا أن الرب يسوع فى صلاته الشفاعية للأب صلى قائلاً : " لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير " (يو 17 : 15) .. فحين أعلن العريس عن نفسه أنه زهرة فريدة فى وسط أودية العالم ، عاد ليعلن عن عروسه أنها : " كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتى بين البنات .. " (نش 2 : 2) .

فروعة فرح المؤمن أنه وسط أشواك أحزان العالم ..
وجمال قداسته أن يكون وسط نجاسات البعيدين ..
وقوة احتماله بين أشواك تضجر الآخرين ..
وعمق محبته بين أشواك بغضة الحاقدين والمعاندين ..
وبهاء ضياء المسيح فى حياته وسط أشواك ظلمة الذين هم فى ظلال موت جالسين ..
وصلابة سلامه وسط اشواك قلق واضطراب المنزعجين ..
وسمو علاقته بالمسيح بينما الكثيرون بملذات العالم الفانية منهمكين .

يقول العلامة أوريجانوس :
[ إذ صار المسيح سوسنة الأودية إنما لكى تصير حبيبته أيضاً سوسنة تتمثل به .. بمعنى أن كل نفس تقترب إليه وتتبع خطواته وتتمثل به تصير سوسنة مثله ..]

أخى الحبيب ، هل تسير فى ركب العالم كواحد منه أم تدرك أنك مختلف عنه يجب أن تسلك كما قال معلمنا الرسول بولس : " لكى تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم " (فى 2 : 15) ؟؟

ثانياً : ثمــرة مشــبعة

كما أعلن العريس لعروسه أنها كالسوسنة بين الشوك ، كذلك نراها تبادله حباً بحب ، فتراه بنفس العين الممتلئة بالمحبة ، فتقول له : " كالتفاح بين شجر الوعر ، كذلك حبيبى بين البنين .. "
وشجرة التفاح : جميلة المنظر ، منعشة الرائحة ، طيبة الثمر ، لذيذة العصير ..
كذلك رأت العروس عريسها ، كشجرة التفاح المفرحة وسط اشجار وعر العالم المحزنة ... فهو عريسٌ كالتفاح :

1) مختلفٌ عن الآخرين : فهو التفاح وغيره الشوك .. لذا قال عنه الكتاب : " لأنه من فى السماء يعادل الرب من يشبه الرب بين أبناء الله " (مز 89 : 6) ، فهو الينبوع الحى ، وغيره آبار أبار مشققة لا تضبط ماء ..

2) بهجةُ قلبٍ للحزين : فالتفاح يرمز للبهجة والفرح كما قال عنه يوئيل النبى : " التفاحة .. كل اشجار الحقل يبست .. إنه قد يبست البهجة من بني البشر " (يوء 1 : 12) فمسكين هو الإنسان الذى يبحث عن اللذة والفرح والمتعة بعيداً عن فرح تفاحة المسيح التـى من يأخـذها ويأكل منها ، تكون له شبعاً قلبياً حقيقياً وفرحاً وبهجة لا تماثلها بهجة ..

3) رائحته عطرٌ ثمين : يقول سفر النشيد : " رائحة أنفك كالتفاح " (نش 7 : 8) ، فالمؤمن الذى يقضى كل صباح وقتاً مع المسيح فى الخلوة اليومية ، تنطـبع عليه رائحة المسيح الذكية ، فيعاف راوئح العالم الأخرى كالدخان وروائح الخطية بأنواعها ، ولا يقبل إلا رائحة المسيح التى تتعطر بها حياته ، فيشم العالم فيه رائحة مختلفة ..

4) كلماته كالشهد اللذيذ : تقول العـروس عـن عريسها : " حلقه حلاوة و كله مشتهيات هذا حبيبي و هذا خليلي يا بنات اورشليم .. " (نش 5 : 16) ، فلقد كانت كلماته بسلطان وليس كالكتبة .. نعم ، كان كاملاً فى حكمته وبلاغته وقدرته على المحاورة .. لذا قيل عنه : " لم يتكلم قط انسان هكذا مثل هذا الانسان " (يو 7 : 46)

5) حضنه واسع ظليل : فلا تخاف وأنت تحت ظله فمعه ستجد الحماية .. فتحت ظله لن تخشى من خوف الليل ، ولا من سهم يطير فى النهار ، ولا من وباء يسلك فى الدجى ولا من هلاك يفسد فى الظهيرة .. (مز 91)


ثالثاً : جلسة ممتعة

تقول العروس : " تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقى .. " .. نعم ، لقد صارت عشرة العريس هى شهوة قلبها ، وظلاله منتهى أمالها ، إذ وجدت فى ثمرته حلاوة الحلق وفى بهاء طلعته منية العين ، وفى جلسته راحة القلب ...
ليس كما كانت ثمرة معرفة الخير والشر فى الجنة ، التى قيل عنها : " فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل " (تك 3 : 6) .. فكان السقوط والعصيان والطرد ..
والنفس البشرية التى تدرك روعة عشرة الحبيب الغالى تصير هذه العشرة شهوتها .. فالحياة مع المسيح هى استبدال شهوة فانية بشهوة باقية .. شهوة جسدية بشهوة سماوية .. فيصير المسيح هو شهوة القلب الذى أجد حبه أطيب من خمر العالم الزائل وأفراحه الوقتيه ..
وما هى هذه الجلسة الهنية مع العريس إلا :

1) جلسة الخلوة اليومية :
وهى التى قال عنها داود النبى : " يا الله إلهي أنت إليك أبكر عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدى فى أرض ناشفة ويابسة بلا ماء " (مز 63 : 1) ، فيجلس تحت ظل الكلمة المقدسة ليمارس الخلوة اليومية ، من خلال :

 تهيئة القلب : وذلك من خلال صلاة باكر وبعض الترانيم أو التسابيح حتى يتهيأ قلبه للدخول إلى حضرة الرب ليسمع صوته.
 سماع صوت الله : من خلال قراءة متأنية متسلسلة متتابعة لكلمة الله ، حتى تتواصل مفاعيل الكلمة ، ويحوِّلها إلى واقع عملى مقارناً حياته بما فى الكلمة من قامات روحية ..
 الحديث إلى الرب : وذلك من خلال مجاوبته على ما كلمك فيه ، ولكى تشركه فى كل ظروف حياتك ..

2) مذبح الصلاة العائلية :
كما قال يشوع : " أما أنا وبيتى فنعبد الرب " (يش 24 : 15) ، فلا يقبل المؤمن أن يجلس بمفرده تحت شجرة المسيح ليستظل بظله منفرداً ، بل يدعو شريكة حياته ، وأولاده حتى يشاركوه هذه المتعة ، وذلك من خلال الصلاة العائلية اليومية لنتأمل فى كلمة الله معاً كأسرة .. فتكون لنا بيوت صلاة .. بيوت طهارة .. بيوت بركة ..

3) شركة الأسرار المحيية :
وما أروع هذه الجلسة الهنية فى الكنيسة بيت الملائكة والقديسين .. ففيها تجرى قنوات النعمة المقدسة .. وسائط الخلاص ، فنأكل من جسد الرب ودمه غفراناً لخطايانا ، وثباتاً لقلوبنا وضماناً لأبديتنا .. كما يقول الأب الكاهن فى مقدمة الأواشى :
[ إجعلنا كلنا ياسيدنا مستحقين أن نتناول من قدساتك .. طهارة لأنفسنا واجسادنا وارواحنا ، لكى نكون جسداً واحداً وروحاً واحداً ونجد نصيباًَ وميراثاً مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء .. ]

أخى الحبيب .. هل أنت سوسنة بين الشوك ، يفيح منك عطر المسيح ، فتؤثر فى البعيدين ، ولا تتأثر بهم ؟
هل أنت تتعامل مع المسيح كالتفاح فى حلاوته وظلاله وأن كل ما غيره ما هو إلا شجر وعر ؟
هل لك جلسات تطيب بها نفسك مع الحبيب الغالى فى جلسة هنية تأكل من ثمرته فيشبع حلقك بكلمات الحكمة الخارجة من فمه ؟

سيدى الرب يسوع المسيح عريس نفسى الغالى .. اشكرك لأنك التفاح وسط أشجار وعر الحياة ، فأجد فيك راحتى وفرحتى وسعادتى ..
ما أحلى ثمرتك لحلقى ، فأنت حلو لى .. أحبك يا ظلى فى برية الحياة ، وشبعى فى جوع الأيام ، وسلامى فى تقلب الأحوال ، وأمانى فى مخاوف الظلام ونجاتى اليوم والغداة ..

اشبع قلبى بك فأكتفى بحلاوتك وبظلالك .. بشفاعة كل قديسيك الذين إمتلأت قلوبهم بالعشق المقدس لك واشتعلت حياتهم بلهيب محبتك .. آمين
** ترنيمة :
1) جلسة فى حضرة حبيبى أحلى من قصر الملوك
لو رأى المؤمن جمالـه لصرخ خذنى أرجـوك

قرار: مجده بهى حلوٌ شهى لا ينتهى يا هناى

2) هناك لا توجد خطــية لا عالم ولا شــيطان
نستريح فى الأبـــدية يا ما حلوة يا كنــعان
3) بالموسيقى استقبلــونى على رأسهم يســوع
وللمجــد أدخلـــونى حيث لا تُذرف دمـوع
4) دخلـــت باب المدينة يا ما حلوة أورشــليم
أنوار المسيح تســطـع فى وجــوه المفـديين

دراسة تطبيقية :

نرجس الوادى

** أولاً : ما هى الصفات التى تجعل المسيح مختلفاً عن الأخرين كتفاح بين شجر الوعر ، كما جاء فى ثانياً ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------

** ثانياً : ما هو المعنى الروحى لقـول العروس : " ثمرته حلوة لحلقى " ؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثالثاً : ما العلاقة بين كون العروس كالسوسنة بين الشوك ، وبين كون العريس كالتفاح بين شجر الوعر كما فى نش 2 : 2 ، 3 ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
5) -----------------------------------------

** رابعاً : ما هى الخطوة العملية التى تريد أن تتخذها حتى يتحول هذا الموضوع إلى واقع عملى تحياه ؟
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
** التدريب الروحى للأسبوع :
1) حفظ آية :
نشيد 2 : 3
" كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين
تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقى .. " نشيد 2 : 3
2) المواظبة على الخلوة اليومية .
3) الذهاب للكنيسة ، وممارسة الاعتراف والتناول .