المـــلك بالتـــاج
" اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج
الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه .. "
(نش 3 : 11)
نأتى إلى ختام تأملاتنا فى الإصحاح الثالث من سفر النشيد وفيه نلتقى مع
دعوة جليلة ونداء كريم أن نخرج لنرى الملك سليمان الذى يرمز هنا إلى عريس
نفوسنا الرب يسوع المسيح ... فسليمان كان عصره عصر سلام ووئام عكس داود
أبيه الذى كانت أيامه مليئة بالحروب والدماء .. لذا كان سليمان رمزاً
لرئيس السلام ..
وكل ملك فى يوم عرسه تقدم له أمه إكليلاً من الزهور تضعه على رأسه
تعبيراً عن الإكرام والتقدير ..
لذا تعال بنا ـ أيها القارئ العزيز ـ لنخرج مع بنات صهيون لننظر ونتأمل
فى هذا الملك المتوج فى يوم عرسه وفى يوم فرحه وهو مكلل بالتاج على رأسه
من خلال ثلاث كلمات ، هى :
1) رؤى الإيـــمان .
2) أغــرب التيجان ..
3) مشاعر الوجـدان .
أولاً : رؤى الإيمان
اخرجن وانظرن .. كيف يمكن اليوم ونحن فى الألفية الثالثة أن نرى رب المجد
يسوع ؟؟ إنها رؤى الإيمان .. التى قال عنها معلمنا بولس الرسول : " لإننا
بالإيمان نسلك لا بالعيان " (2كو 5 : 7) .. ويعدد الإصحاح الحادى عشر من
رسالة العبرانيين الكيفية المباركة التى سلك بها أباؤنا القديسون
بالإيمان ، فموسى النبى مثلاً قيل عنه : " بالإيمان ترك مصر غير خائف من
غضب الملك لأنه تشدد كأنه يرى من لا يُرى " (عب 11 : 27)
وهنا يمكننا أن نجد :
1) بصيرة عمياء :
خلق الله العيون لتكون منافذ مباركة يستطيع بها الانسان أن يرى مجد الله
فى طبيعته .. لكن " إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء
لهم إنارة إنجيل مجد المسيح " (2كو 4 : 4)
فقشور الشهوة وقيود محبة المال والبحث عن الذات ، كل هذه تعمى الإنسان
فيفقد البصيرة التى بها يرى المسيح كعريس ، فيكتفى بقشور المعرفة تاركاً
جوهر العلاقة والعشرة مع المسيح ..
2) قلب فى غباء :
حين تُفقد البصيرة ، يصير القلب فى غباء .. لذا قال الكتاب : " الإنسان
الطبيعي [ الذى لم يتمتع بعشرة المسيح الحقيقية ] لا يقبل ما لروح الله
لأنه عنده جهالة و لا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً" (1كو 2 :
14)
ومهما حاول الإنسان أن يتظاهر بحكمته فإن واقعه القلبى يؤكد أن فى قلبه
غباوة تجاه أمور الله .. لذا قال الكتاب : " لأن حكمة هذا العالم هي
جهالة عند الله لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم " (1كو 3 : 19) .. لذا
فالخطية تسبب غباءاً فى القلب وتجعل فاصلاً بين الإنسان والله فتكون له
عينان لكنه لا يبصر ..
3) رؤية فى بهاء :
هنا يأتى العلاج .. إذ يقول سفر النشيد : اخرجن وانظرن .. فحين نخرج
ونهرب لحياتنا من ظلمة هذا العالم تشرق لنا شـمس الـبر والشفاء فى
أجنحتها .. لذا قال الكتاب : " استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء
لك المسيح " (أف 5 : 14) .. لذا إن كنت لازلت غارقاً فى خطاياك وغافلاً
عن نور المسيح الذى يضئ حولك ، فلن ترى فجراً ..
لكن هوذا الوقت مقبول .. تعال إليه طالباً أن ترى بهاءه فى حياتك مغيراً
ومبدلاً ضعفك إلى قوة .. هيا لتُخرج العالم من قلبك وترفض شهواتك وتبدأ
بدءاً حسناً .. " اعزلوا الآلهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وابدلوا
ثيابكم " (تك 35 : 2)
عن هذا الأمر يقول قداسة البابا الأنبا شنوده فى كتابه الرائع انطلاق
الروح " ص 51 : [ إنك تنظر هنا وهناك فترى أنه ليس من احد ، ليس من شاهد
أو رقيب .. فترتكب الخطأ الذى تتحاشى ارتكابه أمام الناظرين ، فهل تصدق
حقاً أنه لا يراك أحد !! لقد كانت هناك عينان تنظران إليك فى شوق ، وفى
تأنيب ولكنك لم تبصر هاتين العينين لأنك كنت تعيش فى الجسد .. كان الله
يراقبك وأنت لا تراه .. ولو كنت تعيش منطلقاً من هذه الحواس القاصرة
لاستطعت أن تقول ما قال إيليا : حىٌ هو رب الجنود الذى أنا واقف أمامه ..
" ]
أخى الحبيب ، هل تخرج من دائرة مشغولياتك بالعالم والأشياء التى فى
العالم فيتحقق فيك قول الكتاب : " الملك ببهائه تنظر عيناك تريان أرضاً
بعيدة " (إش 33 : 17) ؟؟
ثانياً : أغرب التيجان
يقول الكتاب : " اخرجن وانظرن الملك بالتاج .. " أى تاج هذا الذى صنعته
أم الملك له ؟ هل هو تاج من الزهور أو الرياحين ؟؟ لا ليس كذلك بل هو تاج
من الشوك .. وبالطبع ليس تاج صنعته له إياه السـيدة العـذراء .. بل إنه
تاج من الشوك صنعته له الأم اليهودية ..
يوم أن سُئِلَ الرب عن الجروح التى فى يديه ، فأجاب قائلاً : " هي التي
جُرِحتُ بها في بيت أحبائي " (زك 13 : 6) فاليد اليابسة التى شفاها يسوع
، والأعمى الذى فَتَحَ عينيه والجموع التى أشبعها من جوع ورواها من ظمأ
وأراحها من تعب وأقامها من موت وطهرها من برص .. هى التى هتفت قائلة : "
اصلبه اصلبه .. دمه علينا وعلى أولادنا " (مت 27 : 25) يا للعار!!!
ولقد قال الرسول عن الذين يخطئون ويحزنون قلب الرب أنهم : " هم يصلبون
لأنفسهم إبن الله ثانية ويشهرونه " (عب 6 : 6) .. فأنا بخطيتى أضفر
إكليلاً من الشوك لأضعه على رأسه !! وأنت يا أختى بلباس العرى تصلبينه من
جديد !! وأنت يا أخى بشهواتك وبُعدك عنه تعود وتطعنه بالحربة فى جنبه مرة
أخرى !! فعلاقاتنا السرية وأفكارنا الخفية ونوايانا القلبية غير المقدسة
وغيرها وغيرها تعود وتغرس الشوك فى الجبين الطاهرة .. يا للخزى !!
لذا يقول الأب الكاهن فى القسمة المقدسة :
[ فيا إلهى إن خطاياى هى الشوك الذى يوخز رأسك المقدسة .. أنا الذى أحزنت
قلبك بسرورى بملاذ الدنيا الباطلة .. فاحزنى يا نفسى على خطاياى التى
سببت لفاديك الحنون كل هذه الآلام .. ارسمى جرحه أمامك عندما يهيج عليك
العدو .. ]
ثالثاً : مشاعر الوجدان
تُرى ماذا تكون مشاعر عريس يتوج فى يوم عرسه بإكليل شوك ؟؟ يقول الكتاب :
" فى يوم عرسه ، وفى يوم فرح قلبه .. " ومتى كان يوم عرسه ؟ لقد كان يوم
الصلب عند رابية الجلجثة .. يوم أن أسلم نفسه فداءاً عن عروسه الكنيسة
المفدية أو النفس البشرية .. لذا قال الرسول بولس : " يسوع الذي من أجل
السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش
الله " (عب 12 : 2)
إنها فرحة الخلاص التى تعلمنا إياها الكنيسة حتى فى يوم الجمعة الحزينة
أو الجمعة الكبيرة وفى صلاة الساعة الثانية عشر تُنزع ثياب الحزن من على
الهيكل ويُكسى بستر الفرح ، بسبب الخلاص الذى تم والفداء الكامل الذى
أعلنه المسيح على الصليب إذ قال: " قد أُكمل .."
تاج آخر يوم العرس هو يوم أن أُتوج المسيح ملكاً على قلبى فيصير هذا
اليوم يوم عيد وفرح حقيقى ... فهل أنت عبد لشهواتك وعلاقاتك الخفية أو
عاداتك .. أو للمال وللمجد الباطل أو للشهرة أو أو؟؟ أم قد ملك المسيح
على قلبك .. لقـد قال : " هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر
من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة " (لو 15 : 7)
إنها فرصة اليوم ليتحول حزن الفادى وآلامه إلى راحة .. وعطشه إلى إرتواء
.. وجوعه إلى شبع .. إذ يرى من تعب نفسه ويشبع إذ تأخذ قراراً أن تتوج
المسيح ملكاً على حياتك ... فتكون له ولغيره لا تكون ..
طلبتى إلى الله أن يمتعنا بملكية المسيح على حياتنا بجملتها فنبتج به
فرحاً ولا ينزع أحد فرحنا منا .. له المجد فى كنيسته إلى الأبد .. آمين
...
حبيب قلبى الرب يسوع .. اشكرك لأنك تريدنى أن اخرج من ذاتى ومن شهواتى ..
تعال واقترب منى وانتشلنى من ضعفى ومن يأسى فأتوجّك ملكاً على حياتى
بجملتها ..
أيها الملك السماوى تعال إلى قلبى عريساً حقيقياً وأملك على عرش حياتى
فأعلنها من كل قلبى :
حبيبى لىَّ , أنا له ..
** ترنيمة :
1) لولا موت الصلب يا فادى لــولا موت وقت عنادى
عند صليبك صوت بينادى صوت يخلى القلب يقـول
قرار : إنت نورى .. إنت نورى2 .. إنت نورى وكل حـياتى2
2) مين كان غيرك يمحىآثامى يحمل عارى وينهى آلامى
مين كان غيرك يشفى سقامى مين يخلى القــلب يقـول
3) اتحملت الصـــلب بدالى كان الدم الثــمن الغالـى
طهر قلبى وغيِّر حـــالى خلى صــوت القلب يقول
4) مهما أتكلم وألقى معــانى ويرددها بصــوتى لسانى
يعجز وصفـى وكل كيانى يرجع صوت القلــب يقول
دراسة تطبيقية :
المــلك بالتــاج
** أولاً : ما هى مشاعر الله تجاه الذين يزرعون الشوك فى جبينه ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** ثانياً : ما هو المعنى الروحى للقول : " يوم عرسه " ؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثالثاً : ما هى أوجه الشبه بين تاج الملك وبين إكليل الشوك على جبين
المسيح ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** رابعاً : دون القرار الذى يمكن أن تأخذه لتتوج المسيح ملكاً على قلبك
وتضع التاج على رأسه ؟
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
** التدريب الروحى للأسبوع :
حفظ آية :
عب 12 : 2
" ناظرين إلى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه
احتمل الصليب مستهيناً بالخزي ..فجلس في يمين عرش الله .. "
عب 12 : 2
___________ التتميم الروحى الأسبوعى __________
الكنيسة
|
محاسبة
النفس
|
ممارسة
التدريب
|
الصوم
|
مراجعة
آيات
|
صلاة
ارتجالية
|
الأجبية
|
الكتاب
المقدس
|
التاريخ
|
م
|
خ
|
ج
|
ت
|
ع
|
ق
|
|
|
|
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
1
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
2
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
3
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
4
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
5
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
6
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
7
|
ق = حضور القداس ، ع = اعتراف ، ت = تناول ،
ج = حضور اجتماعات ، خ = خدمة
|