قمــة الحب السماوى
" شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى ..
أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبايائل الحقول
ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء .. "
(نش 2 : 6 ، 7)
تواصل العروس انطلاقها فى مراحل متتابعة ونمو مستمر للحب السماوى
الروحانى ، حتى نراها هنا تصل ونصل معها إلى قمة هذا الحب الروحانى
المقدس ، ألا وهى مرحلة الإتحاد بالله والإلتصـاق به .. كما صلى الرب
يسـوع للأب السـماوى قائـلاً : " ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها
الآب فىَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا .. " (يو 17 : 21)
وأى نعمة وبركة وسمو أروع من إتحاد النفس الترابية بالعريس السماوى ..
ليس فى اللاهوت .. حاشا ، بل تتحد معه بالحب فيجذبها من سقطاتها ويسمو
بها محلقاً فى السماويات ..
ولنا فى هذه القمة المقدسة ثلاث نقاط جوهرية ، هى :
o أولاً : استجابة السماء .
o ثانياً : إلتصاق الأحباء .
o ثالثاً : نقـاء ورجـاء .
أولاً : استجابة السماء
ما أروع وأسرع استجابة الحبيب وهو يلبى طلب محبوبته .. فحين :
1) طلبت منه قائلة : " اجذبنى وراءك .. " فعلى الفور أتتها الاستجابة : "
أدخلنى الملك إلى حجاله .. "
2) وحين طلبت : " تحت ظله اشتهيت أن أجلس .. " أستجاب على الفور وأدخلها
إلى بيت الخمر ..
3) وهنا نراها وهو تطلب : " اسندونى بأقراص الزبيب وانعشونى بالتفاح "
نرى الاستجابة الفورية فى قولها " شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى .. "
ما أجمل ما قاله الرب : " ويكون إنى قبلما يدعون أنا أجيب وفيما هم
يتكلمون بعد أنا أسمع .. " (إش 65 : 24)
هذا هو حبيبنا العريس السماوى ، حين نطلب منه شيئاً ، تأتى الاستجابة فى
صورة :
1) موافقة فورية : وهى التى وعد بها الرب بقوله " اسألوا تعطوا اطلبوا
تجدوا اقرعوا يُفتح لكم " (مت 7 : 7) ، فحين يرى الرب صانع الخيرات أن ما
نطلب هو حسب ارادته ولخيرنا ، فهو لا يتوانى أن يعمل رضى خائفيه .
2) رفض بالكلية : ولنـا فى طلب أم ابنى زبدى من الرب أن يسمح لابنيها
بالجلوس عن يمينه ويساره فى ملكوته ، وقال لها : " أما الجلوس عن يميني
وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أُعد لهم من أبي .. " (متى 20 :
23) ، فهو كأب صالح لا يعطى أولاده ما يطلبونه ، بل ما يحتاجونه ..
3) توقيتات سماوية : هنا لا يوافق الرب على طلبتنا ، وهو فى نفس الوقت لا
يرفض ، بل يهب لنا طلبتنا فى الوقت المناسب الذى يراه .. وأروع مثال لذلك
هو حين ظنت أختا ليعازر أن الرب تأخر عن المجئ ليشفى أخاهما من مرضه ،
لكنه أراد أن تظهر أعمال الله فيه فيقيمه من الموت بعد أربعة أيام .. لذا
فإلهنا إله ملء الزمان In the proper time
نعم ، ما أروع ما قاله الكتاب : " صنع الكل حسنا في وقته " (جا 3 : 11)
أخى الحبيب ، هل تخضع لضابط الكل الرب إلهنا ، وتنتظر توقيتاته السماوية
، ولا تفقد ثقتك فيه ، فتوجه إليه صلاته وتنتظر واثقاً أنه قال : " أنا
الرب في وقته أُسرع به " (إش 60 : 22) ؟
ثانياً : إلتصاق الأحباء
هنا أتت الاستجابة على الفور إذ طلبت العروس من عريسها أن يسندها ، فعلى
الفور أتت شماله تحت رأسها ويمينه عانقتها ..
ويمكن أن نركز الحديث فى هذا الأمر فى ثلاث خطوات :
1) قوى فاصلة :
وما أكثر القوى التى تحاول أن تفصل النفس البشرية عن محبوبها العريس
السماوى .. فبينما يدعونا الرب أن نصعد إلى بيت إيل لنتحد ونلتصق به ،
يدعونا العالم بقوله : " يا رجل الله الملك يقول انزل " (2مل 1 : 9) ..
وقد تكون هذه القوى التى تحاول أن تفصلنا عن محبة العريس السماوى واحدة
مما يلى :
1) شهوة الجسد : إذ تضيع شهوة الحب الإلهى السماوى أمام شهوات الجسد
وملذاته من إفراط فى الأكل والشرب والملبس وغيرها التى هى إلى زوال ..
2) شهوة العيون : فالعين التى تجذبها مغريات العالم فتجده بهجة للعيون ،
فعلى الفور يضيع من امام العيون جمال المحبوب السماوى ، وتنخدع بقشور
جمال العالم الواهى ..
3) تعظم المعيشة : فإما أن نعبد ذواتنا وإما أن نعبد محبوبنا الرب يسوع
.. فمحبة المال مثلاً قال عنها الكتاب أنها أصل لكل الشرور .. الذى إذا
ابتغاه قوم .. ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة .. (1تى 6 :
10)
لكن الرسول بولس يؤكد قائلاً : " من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق
أم إضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف"(رو8 : 35)
2) محبة واصلة :
هنا تأتى محبة المسيح التى تحتضن عروسه لتنتشلها من لجة بحر العالم ،
فيمينه المقتدرة تعانقها ، وشماله المملؤة بالحنان تـأتى لتكون تحت رأسها
، وهى منبطحة فى أرض الملذات والشهوات لتكون فاصلاً بينها وبين محبة
العالم ، فتشعر بإنتمائها إليه فتستوطن عنده وتتغرب عن العالم ، فلا يعد
للعالم قدرة أن يغريها ببهجته، بل تبيع التراب لتقتنى الذهب الحقيقى
وتقتنى العريس كلؤلؤة واحدة كثيرة الثمن .
لـذا فحـين عاد الإبن الضال إلى أحضان أبيه ، يقول الكتاب : " رأه أبوه
فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبَّله " (لو 15 : 20) ، فالعنق ترمز للمحبة
التى تصل الرأس المسيح بالجسد الذى هو الكنيسة ، أو النفس البشرية .. لذا
فالأب ركز على المحبة التى وصلت من جديد الإبن العائد بأبيه ..
3) وحدة حامية :
يقول الكتاب : " وأما من التصق بالرب فهو روح واحد " (1كو 6 : 17) ..
فحين تنام أو تقوم .. تعمل أو تستريح .. فى الليل أو بالنهار .. لا تنسى
شمال المسيح التى هى تحت رأسك فتحميها من القلق والإضطراب وتشويش العدو
لأفكارك بعيداً عن سلام الله .. وكذلك يمينه التى تعانقك ، فتقدم لك حباً
بديلاً سامياً مشبعاً به ترتفع فوق العالميات والفانيات فتشبع بالروحيات
الباقيات ، فتلتصق بالمسيح ، وتصير روحاً واحداً معه .. ما أسمى هذه
الوحدة التى تحمى من الخطية ..
لذا يقول القديس أغسطينوس :
[ أنت تحتضن وجودى برعايتك إياى رعاية كاملة دفعة واحدة ، وتحتضنى على
الدوام ، كأنك لا تتطلع إلى آخر سواى ..
تسهر علىَّ ، وكأنك قد نسيت الخليقة كلها ..
تهبنى عطاياك ، وكأننى وحدى موضوع حبك .. ]
ثالثاً : نقــاء ورجـاء
هنا يأتى إصرار العروس على البقاء فى حضن العريس السماوى ، بلا انفصـال
أو افتراق فتحلفن بنات أورشـليم بالظباء ، وهى نوع من الغزال ، وأيائل
الحقل وهى نوع من التيوس الجبلية .. وهى حيوانات شديدة السرعة والقفز على
الصخور ، وهى كثيرة الظمأ أثناء ركضها ، وإذا جاعت أو عطشت هزلت وضعفت
قوتها .. لذا قال الكتاب : " حتى أن الأيلة أيضاً في الحقل ولدت وتُرِكَت
لأنه لم يكن كلأ [ برسيم ].. " (إر 14 : 5) ..
كما أن الظباء والأيائل معروفة بأنها :
1) سريعة الهرب :
لذا قال الكتاب فى نبوة يشوع بن سيراخ : " لا تطلبه فإنه قد ابتعد و فرَّ
كالظبي من الفخ " (سيراخ 27 : 22) ..
فالمؤمن يجب أن يتمتع بأقدام كالظباء فى شدة هربها من فخاخ العدو .. فحين
تهاجمه الخطية ، يهرب كالظباء إلى أحضان الحبيب السماوى فيجد فيه الملجأ
والملاذ .. لذا أتت وصية الهرب ستة مرات فى العهد الجديد وحده .. منها ما
قاله معلمنا بولس الرسول لتلميذه الأسقف تيموثاوس : " وأما أنت يا انسان
الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة
" (1تى 6 : 11)
2) عالية القفز :
فهى فى هربها تقفز مرتفعة عالياً ، مدركة أن سر سرعة هروبها يكمن فى
القفز عالياً.. ونحن حين يهاجمنا العدو بسهامه الفتاكة ، لا مكان للنقاش
أو للمجادلة معه ، بل يجب أن نقفز كالأيائل للعُلا محتمين بالمكتوب
وبأحضان المسيح التى تحيط بنا على الدوام ...
وهذا هو ما عمله حبقوق حين مرَّ بظروف مُرة قاسية ، وفقد زهر التين وحمل
الكروم وغنم المزود وبقر الحظيرة ، فإننا نراه يقفز إلى مخدعه فرحاً بنبع
السرور والسعادة الحقيقى ، ويقول : " الرب السيد قوتي ويجعل قدميَّ
كالأيائل [ فى قفزها ] ويمشيني على مرتفعاتي" (حب 3 : 19)
3) كثيرة العطش :
فالعروس هنا تدرك شدة ظمأها للحبيب الغالى الذى وجدت راحتها بين ذراعيه ،
فهى تقرر ألا تنبهه حتى يشاء .. فالعشق الروحى المقدس ، ليس هو طفرة
مؤقتة يصل إليها الإنسان المؤمن ، بل حالة مستمرة ، تنمو يوماً بعد الآخر
، فيها تزداد النفس البشرية عشقاً بعد عشقٍ ، فتجوع وتعطش للحبيب ..
وكلما ارتوت منه زادت واتسعت تخومها ، فتعطش من جديد وتدخل من مجد إلى
مجد ، كما من الرب الروح ..
لذا قال كاتب المزمور : " كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق
نفسي إليك يا الله " (مز 42 : 1) .. هكذا النفس التى تتذوق حلاوة العشرة
مع الحبيب الغالى لا يمكنها أن تسلى أو تسأم منه ، بل تزداد أشواقها
وتهيم مشاعرها نحو هذا الحبيب ، وبالتالى تزداد بهاءاً وجمالاً .. فكلمة
ظبى فى العبرية معناها : [ جمال ] .. فالظباء معروفة بجمالها .. فالمسيح
يهب جمالاً للنفس التى تتبعه وتسير فى خطاه ..
أخى الحبيب ، أين أنت من قمة الحب و من هذا العشق المقدس للرب يسوع
المسيح حبيب النفس ؟ هل أنت سريع الخروج من مخدعك ، وقليل المكوث أمامه ؟
أم أنك تقضى الساعات ويمر الوقت دون عائق يعيق تمتعك به ؟ هل تجد فى بيته
فى القداس الإلهى لذة السماء على الأرض .. فيمر الوقت دون أن تدرى ؟
إنها فرصة لتدخل إلى قمة الحب الإلهى هذه .. فقط اطلب منه أن يسكب حب
عشرته فى قلبك ، فيتحقق فيك قول الكتاب : " حينئذ يقفز الأعرج كالأيل
ويترنم لسان الاخرس لأنه قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر " (إش
35 : 6)
سيدى الرب يسوع المسيح عريس نفسى الغالى .. اشكرك لأجل شمالك التى هى تحت
رأسى ويمينك التى تعانقنى ..
اسمح اسكب فى قلبى حباً جديداً لجلالك ونقاءاً قلبياً به استطيع أن أعاين
روعة حبك الذى هو أطيب من الخمر ...
هبنى أن أصلى ولا أمل ، وأتنقى بك فلا أزل .. واجد فى قربى منك كل الغنى
والسلام والمنى .. فما أحلاك لى .. أحبك .. آمين ..
** ترنيمة :
1) ما لى ســواك ياسيدى حيــاتى رضاك ياسيدى
أنـــت متــــكلى تُطمـــئن نفـــسى
2) حلوٌ ما اشـهاك ياسيدى نفسـى لا تسلاك ياسيدى
تُفــــرح قلـــبى أنــرتَ لـى دربــى
3) حيــنما القاك يا سيدى عذبٌ ما أحـلاك يا سيدى
تُبــــددُ هــــمى تُفــــرجُ عــــنى
4) فى وسط الأشواك ياسيدى عيــناىَّ تراك يا سيدى
تضــــمدُ جــرحى تُجــــددُ فـــرحى
5) نفـسى فى حماك ياسيدى عيــنى لعلاك يا سيدى
قوتــــى حُــــبك صخـــرتى وعــدك
دراسة تطبيقية :
قمة الحُب السماوى
** أولاً : ما هى قمة الحب السماوى حسبما فهمت من هذا الموضوع ؟
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثانياً : ما المقصود بقول العروس : " شماله تحت ر اسى ويمينه تعانقنى
" ؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثالثاً : ما هى أوجه الشبه بين النفس البشرية ، وبين الظبى و الأيائل
؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** رابعاً : ما هى الخطوة العملية التى تريد أن تتخذها حتى تتمتع ببركة
هذه القمة الروحية ؟
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
** التدريب الروحى للأسبوع :
1) حفظ آية :
مزمور 42 : 1
" كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه ..
هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله .. "
مزمور42 : 1
2) المواظبة على الخلوة اليومية .
3) الذهاب للكنيسة ، وممارسة الاعتراف والتناول .
___________ التتميم الروحى الأسبوعى __________
الكنيسة
|
محاسبة
النفس
|
ممارسة
التدريب
|
الصوم
|
مراجعة
آيات
|
صلاة
ارتجالية
|
الأجبية
|
الكتاب
المقدس
|
التاريخ
|
م
|
خ
|
ج
|
ت
|
ع
|
ق
|
|
|
|
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
1
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
2
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
3
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
4
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
5
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
6
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
7
|
ق = حضور القداس ، ع = اعتراف ، ت = تناول ،
ج = حضور اجتماعات ، خ = خدمة
|