تخــــتُ سلـــيمان
" هوذا تخت [ سرير – فراش ] سليمان حوله ستون جباراً من جبابرة إسرائيل
.. كلهم قابضون سيوفاً ومتعلمون الحرب كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل
.. " (نش 3 : 7 ، 8)
يواصل ملائكة السماء نشيدهم المجيد فى مدح العريس وعروسه .. فيتكلمون عن
التخت الملكى الذى يحمل معنيين .. أولهما بمعـنى سرير فنرى العريس فى
الليل وهو يقيم على السرير وسط أولاده المجاهدين .. والآخر بمعنى عرش
ملوكى فى النهار جالساً على عرشه الأبدى ..
وسنركز الحديث هنا على فراش الملك سليمان .. فالملائكة هنا يشيرون إلى
موكبٍ آتٍ من البرية .. موكب العروس المستندة على حبيبها، وهى آتية فى
حماية حرس الملك الذين أرسـلهم لـها ليحضرها إليه ، إنهـم ستون جباراً
قابضون سيوف ومتعلمون الحرب من هول الليل ..
ولنا بنعمة الله فى هذا المشهد ثلاث كلمات ، هى :
1) إكرام وإجــلال .
2) أخـطار وأهوال .
3) جبابــرة أبطال .
أولاً : إكرام وإجلال
ما أبعد الفرق بين سرير الجهاد الروحى الذى نتكلم عنه هنا ، وبين سرير
الكسل والتراخى الذى راينا العروس ملقاة عليه فى مطلع هذا الإصحاح الثالث
فى كسل وتراخى فلم تجد حبيبها .. لكنه سرير المجد والبهاء .. سرير
الاكرام والإجلال ..
إلا أن سر هذا البهاء والمجد لا يكمن فى العروس بذاتها ، بل يكمن فى
العريس الذى يكللها بالمجد والكرامة ..
لقد أرسل ابراهيم قديماً إليعازر الدمشقى إلى أرض أبائه لياخذ زوجة لإبنه
اسحق .. ولم يرسله فارغاً بل أرسله محملاً بخزامة ذهب وزنها نصف شاقل
وسوارين على يديها وزنهما عشرة شواقل ذهب (تك 24 : 22) يا لروعة هذا
الإعزاز والإكرام
ولعل من أشر ما يُلقى عدو الخير فى قلب الإنسان ، هو أن يضـع فى ذهنه
صوراً مشوشة عن الله .. فيراه الجبار المتكبر .. فيقنعه بأن الرب خلقه
ليصير عبداً ذليلاً يقاسى الأمرّين فى أرض الشقاء ثم يُلقى به فى جهنم
وبئس المصير ..
كلا يا عزيزى كلا .. فهو الله الرءوف طويل الروح وكثير الرحمة .. الله
محب البشر ..
ويمكننا هنا أن نلقى ضوءاً على بعض من إكرام الرب لعروسه فيما يلى :
1) عز وبنوية :
فلقد خلقنا ليتلذذ بنا إذ قال : " فرحة في مسكونة أرضه ولذاتي مع بني آدم
" (أم 8 : 31) ، هذا هو هدف خلقة الله للبشر، وإذ دخل الموت إلى العالم
بحسد إبليس .. عاد الرب من جديد ليأخذ تختاً جسدياً من العذراء مريم
والدة الإله فرأينا مجده وعرفنا بذاته وصالحنا مع الآب بدم نفسه وأعطى
سلطان البنوية لمن يقبله ، كما قال الكتاب : " وأما كل الذين قبلوه
فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون بإسمه " (يو 1 : 12)
يا لروعة هذا المجد والإكرام أن نصير أولاد لملك الملوك ورب الأرباب ..
2) محبة قوية :
فيقول لإرميا النبى : " تراءى لي الرب من بعيد [ أى وأنا لا زلت فى برية
العالم والخطية ] ومحبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة " (إر 31
: 3) نعم ، ما اقوى محبة الرب التى تحول العبيد إلى أحباء وتُلبسهم الحلة
الأولى وتعيد لهم ما فقدوه من مجد وبهاء بسبب الخطية والبُعد .. فيقول
لهم : " لا أعود أسميكم عبيداً ... لكني قد سميتكم أحباء " (يو 15 : 15)
3) عروس بهية :
لا لا ليس فقط غفران للخطية ، وليس فقط قبول للتوبة ، وليس فقط بنوية بعد
عبودية ، وليس فقط محبة قوية ترفع من المزبلة وتُجلس على الكراسى .. بل
أيضاً تصير النفس التى تقبله فى حياتها .. تصير عروساً مجيدة بهية فى نظر
عريسها .. مثلما أخذ اسحق رفقة من بيتها ومن أرض أبيها وأدخلها إلى خباء
أمه لتصير له عروساً عذراء عفيفة بلا دنس ولا عيب ، كما قال هوشع النبى:
" وأخطبك لنفسي إلى الأبد وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والاحسان والمراحم "
(هو 2 : 19)
4) أمجاد سماوية :
لا لن ينتهى الأمر بالموت ، فالعلاقة مع الله الأبدى لها السمة الأبدية
.. هنا فى عيشة هنية وهناك فى بيت الآب .. " بل كما هو مكتوب ما لم تر
عين ولم تسمع أُذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه "
(1كو 2 : 9)
أخى الحبيب .. أين أنت من هذا الإكرام والجلال .. ؟ هل لا زلت عبداً
لإبليس القتّال الذى لا يأتى إلا ليسرق ويذبح ويُهلك ؟ أم أنك فتحت
حـياتك لهـذا العريس الذى جاء ليكون لك حياة وليكون لك أفضل .. ؟ ها هى
الفرصة الآن لتبدأ من جديد فهل تغتنمها ؟
ثانياً : أخطار وأهوال
فهذه العروس البهية تسير فى برية هذا العالم فى أخطار وأهوال .. نعم
فأولاد الله : " عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعاً " (مز 84 : 6) ،
فالكنيسة على مر العصور والأجيال قد عبرت بحر الآلامات وسارت فى طريق
محفوف بالمخاطر .. من الهرطقات والبِدَع وأهوال ليل الإستشهاد وليل
الإنقسام إلى طوائف متفرقة .. لذا قال الكتاب عن أولاد الكنيسة أنهم : "
كلهم قابضون سيوفاً ومتعلمون الحرب كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل ..
" (نش 3 : 8)
ولقد لخّص الرسول بولس هذه المخاطر والأهوال فقال : " في (1) الأتعاب
أكثر (2) في الضربات أوفر (3) في السجون أكثر (4) في الميتات مراراً
كثيرة (5) من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة (6) ثلاث مرات
ضُـربت بالعصـي (7) مرة رجمت (8) ثلاث مرات انكسرت بي السفينة ليلاً
ونهاراً قضيت في العمق .. (9) بأسفار مراراً كثيرة (10) بأخطار سيول (11)
بأخطار لصوص (12) بأخطار من جنسي (13) بأخطار من الأمـم (14) بأخطـار في
المديـنة (15) بأخطـار في البريـة (16) بأخطار في البحر (17) بأخطار من
أخوة كذبة (18) في تعب وكد (19) في أسهار مراراً كثـيرة (20) فـي جوع
وعطش (21) في أصوام مراراً كثيرة (22) في بـرد وعري .. " (2كو 11 : 23 ـ
27)
إنها الأهوال التى يمر بها المؤمن فى طريقه سائحاً من أرض الخطية والعالم
ماراً ببرية هذه المخاطر وصعوباتها ليصل بنعمة الله إلى مدينة الأحياء
إلى الأبد فى أورشليم السمائية .. لكنه فى كل هذا لا يجزع أو يفزع بل
يكون واحداً من الذين قال عنهم الكتاب أنهم :
ثالثاً : جــبابرة أبطــال
يقول الكتاب : " حوله ستون جباراً من جبابرة إسرائيل .. كلهم قابضون
سيوفاً ومتعلمون الحرب كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل .. " (نش 3 : 7
، 8)
1) بالرب يحتمون :
فالواقع أن سر القوة الجبارة التى فى هؤلاء الجبابرة التى جعلت من الجبان
شجاعاً ، ومن الضعيف بطلاً .. سر هذه القوة تكمن فى احتمائهم بالرب ..
لذا قال داود النبى : " بك يا رب احتميت فلا أخزى إلى الدهر " (مز 71 :
1) فهم لا يتكلون على قوة جسدية ، أو على حجة لُغوية ، أو علاقات
اجتماعية .. أو أى شئ مثل هذا .. بل يستندون ويتكلون على الرب وحده ..
لذا نقول فى أوشية السلام : [ لأننا لا نعرف آخر سواك .. اسمك القدوس هو
الذى نقوله ، فتحيا نفوسنا بروحك القدوس ، ولا يقوى علينا نحن عبيدك موت
الخطية ولا على كل شعبك .. ]
2) بالمكتوب يحاربون :
هم جبابرة لأنهم قابضون سيوفاً .. كل واحد سيفه على فخذه .. والسيف هو
كلمة الله التى قال عنها الرسول بولس فى معـرض حديثه عن اسلحة الروح التى
بها نحارب إبليس، إذ قال : " وسيف الروح الذي هو كلمة الله " (أف 6 : 17)
.. وهو نفس السلاح الذى استخدمه الرب فى حربه على الجبل ضد إبليس إذ قال
له فى كل مرة : " مكتوب .. مكتوب .. مكتوب .. " (مت 4) فإذ تسكن كلمة
المسيح بغنى فى القلب تكون بمثابة سيف بتار يستخدمه المؤمن فى حربه ضد
العدو ، فتكون النصرة أكيدة ..
قارئى العزيز ، ما هو دور كلمة الله فى حياتك وفى حربك ضد شهواتك وضد
العادات القديمة .. هل تحفظ الآيات لتحفظك ؟
3) حتى الدم صامدون :
فهؤلاء الجبابرة لا تثنيهم الصعاب ولا تخيفهم الأهوال ، بل هم كيوسف الذى
قال عنه الكتاب : " مررته ورمته واضطهدته أرباب السهام ، ولكن ثبتت
بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه من يدي عزيز يعقوب .. " (تك 49 : 23 ، 24)
فلم ترهبه الصعاب أو تخيفه الضيقات بل ثبت ... والواقع أن تاريخ كنيستنا
القبطية الأرثوذكسية على مر الأجيال حافل بأبطال الإيمان الذين : "
أطفأوا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا أشداء في الحرب
هزموا جيوش غرباء .. " (عب 11 : 34) .. لذا يقول الرسول بولس : " لم
تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية " (عب 12 : 4)
ونقول فى ترنيمة " كنيستى القبطية كنيسة الإله " :
أباؤنا الكرام .. كبــار مع صغار لم يثنــهم آلام وشــدة وعار
بل قالوا بإنتصار للخلف لا رجوع لا نجزع من نــارٍ إلهنا يسوع
بقوة اليقين قد غلـــبوا الآلام ودامـوا ثابتـين فى ملك السلام
بالدم والعناء قد اشتروا الإيـمان واحتفظـوا لنا باسم الفادىالرحمن
إن التخت هو القلب والجبابرة هى الحواس المقدسة التى بها يحارب المؤمن
أعداءه ... كما أن التخت هو الكنيسة والجبابرة هم أولادها الخدام الذين
يحاربون ويجاهدون مستندين على حبيبهم وعلى كلمته ومتمثلين بإيمان أبائهم
القديسين فيتمتعون بالنصرة والغلبة وهم يسيرون خلف عريسهم فى موكب نصرته
كل حين ...
ويرى القديس اغريغوريوس أسقف نيصص أن الرقم 60 هو 5 × 12 فالخمسة حواس
تتقدس وتحارب بعمل نعمة المسيح الكامل ، فالرقم 12 هو رقم الكمال لأنه 3
× 4 فالثالوث القدوس يملك على أربعة أركان المسكونة .. فبالتالى تقف
الحواس المقدسة فى كمال عمل المسيح لتحارب ضد الشرير وتنتصر بقوته ...
نعم هو الرب الذى يعلم يدىَّ القتال وأصابعى الحرب .. (مز 144 : 1)
أخى الحبيب ، هل تريد أن تكون أحد هؤلاء الجبابرة الأبطال الذين يذكرون
اكرامه وجلاله بكل تقدير وشكر .. فيعبرون هول الليل غير خائفين لأنهم
قابضون على سيوفهم وكلمة الله حمايتهم من حرب العدو ؟؟ هيا لنبدأ معاً
فهو يريدك بطلاً ...
حبيب قلبى الرب يسوع .. اشكرك لأجل اكرامك وبهائك الذى تطبعه علىَّ برغم
هول الليل وبرغم صعاب الحياة وهجمات العدو الشرسة ..
أشكرك لأجل سيف الروح الذى هو كلمتك الحية التى بها تحمى حياتى فانتصر بك
ويعظم انتصارى ..
بشفاعة كل أبطال بيعتك الذين جاهدوا وانتصروا .. آمين
** ترنيمة :
1) هيا يا شعب المسـيـح هيا للجنب الجريــح
نطهر ونســـتريـح من كل أتـــعابنـا
قرار : يعــظم انتصارنـا بالــــذى أحبـنا
يسـوع الفادى الأميـن من صُلِب لأجـــلنا
2) نسعى عــنه سـفراء لا نبــــالى بعناء
ناظـــرين للســماء حـيث يـأتى عوننا
3) مهما كان فـى الطريـق من شدائد وضــيق
فالــــربُ لنا رفيـق وجـــهه يريحـنا
4) إن فى جوعٍ واضطـهاد فى المسيح يحلو الجهاد
يعطى صبراً يعطـى زاد عنـــده رفعــتنا
5) مهما كان مــن اغراء لا رجــوع للوراء
مملوئــــين بالرجاء ســنرى عريسـنا
دراسة تطبيقية :
تخـت سليـمان
** أولاً : اذكر بعضاً من جوانب اكرام الرب للمؤمن حسبما جاء فى اولاً ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
** ثانياً : ما هو المعنى الروحى لقول الكتاب :" هول الليل " ؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
** ثالثاً : ما هى أوجه الشبه بين السيف ، وبين كلمة الله ؟
1) -----------------------------------------
2) -----------------------------------------
3) -----------------------------------------
4) -----------------------------------------
** رابعاً : ما هى الخطوة العملية التى تريد أن تتخذها حتى تكون واحداً
من هؤلاء الجبابرة الأبطال ؟
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
** التدريب الروحى للأسبوع :
1) حفظ آية :
مز 144 : 1
" مبارك الرب صخرتي ..
الذي يعلم يديَّ القتال وأصابعي الحرب .. "
مز 144 : 1
2) المواظبة على الخلوة اليومية .
3) الذهاب للكنيسة ، وممارسة الاعتراف والتناول .
___________ التتميم الروحى الأسبوعى __________
الكنيسة
|
محاسبة
النفس
|
ممارسة
التدريب
|
الصوم
|
مراجعة
آيات
|
صلاة
ارتجالية
|
الأجبية
|
الكتاب
المقدس
|
التاريخ
|
م
|
خ
|
ج
|
ت
|
ع
|
ق
|
|
|
|
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
م
|
ص
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
1
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
2
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
3
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
4
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
5
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
6
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
7
|
ق = حضور القداس ، ع = اعتراف ، ت = تناول ،
ج = حضور اجتماعات ، خ = خدمة
|