الفرز بين الأقباط والمسلمين في
مصر
يغذي مصر مناخ اجتماعي وسياسي ولوائح وقوانين تفرز بين الأقباط المسلمين فرزا
في شتى مجالات الحياة الآتية :
1- فرز في الأوراق الرسمية من ساعة الميلاد شهادته في بطاقات تحقيق الشخصية
واستمارات مراحل التعليم وطلبات التوظيف بل وفي أوراق الشهر العقاري هكذا
درجت الدولة على التركيز على تحديد الديانة دون أن تجني من وراء ذلك أي فائدة
أو جدوى إلا التقسيم والفرز الطائفي لعناصر الأمة .
2- اختصار فترة التجنيد في القوات المسلحة ستة أشهر عن حفظ القرآن الكريم ولا
تخفض هذه المدة عن حفظ الكتاب المقدس "الإنجيل" .
3- فرز في قوانين بناء دور العبادة حيث أخضعت الحكومة بناء دور عباد الأقباط
لشروط خاصة لا تخضع لها دور عبادة المسلمين .
4- فرز في تولي الوظائف العامة فبعد أن كانت سياسة الدولة أيام الملكية تجرى
على الاحتكام لمعايير الكفاءة والصلاحية والانضباط وحل عنصر الدين ليحل محل
هذه المعايير ويعمل عمله المدمر في النفوس المريضة حتى أصبح نصيب الأقباط من
التعيين في وظائف الدولة وخاصة الترقي إلى الوظائف العليا والوظائف القيادية
متدينا بطريقة تستلفت النظر وتتناقص بشدة مع ما يمكنهم أن يقدموه عن عمل حار
مخلص وخبرة إذا ما تقلدوا تلك الوظائف وأكد ذلك صدور القانون رقم 5 لسنة 1991
والذي جعل الترقية في الوظائف بالاختيار وعلى أساسه تم استبعاد الأقباط .
5- عدم قبول جامعة الأزهر للطلاب المسيحيين وقصر التعليم بها على المسلمين .
6- الفرز في التعيين في مناصب الوزراء فبعد أن كانت التشكيلات الوزارية في
مصر تحرص على أن تتضمن تعيين وزراء أقباط في وزارات هامة كالتموين والمواصلات
والشئون الاجتماعية والري والمالية والإسكان والخارجية وتقلد ثلاثة من
الأقباط لهذه الوزارات فقد تولى كمال رمزي استيلو وزارة التموين في عهد جمال
عبد الناصر وكانت أهم وزارة نظرا للحصار الاقتصادي في ذلك الوقت وتولى
إبراهيم فرج وزارة الشئون الاجتماعية والخارجية وتولى عزيز سعد وزارة الري
والأشغال وكان ذلك في وقت عدد الوزراء لا يتجاوز عشرا ولكن ما يجري هو تعيين
وزيرا واحدا في حكومات يربوا عدد وزرائها على ثلاثين .
7- التضييق على المسيحيين في الالتحاق بكليات الشرطة العسكرية وفي الاختيار
للإعارات وزيرا والبعثات المخصصة للخارج وأقسام الدراسات العليا بالجامعات .
8- فرز في التعيين في مناصب المحافظ حتى يكاد الأمر يبدو أن هناك خطر على
تعيين قبطي في منصب المحافظ باستثناء حالة واحدة حين تم تعيين الفريق فؤاد
غالي قائد الجيش الثاني في حرب أكتوبر محافظا لمحافظة جنوب سيناء لفترة قصيرة
بقصد إقصائه عن الخدمة في الجيش .
9- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في حالة أي نزاع ينشأ بين زوجين مسيحيين
بسبب اعتناق أي من الطرفين للإسلام بعد الزواج وضم الأولاد إلى من أسلم من
الزوجين .
10- فرز في الترشيح والتعيين في عضوية مجلس الشعب والشورى حتى بات وجود
الأقباط ومشاركتهم في الحياة البرلمانية هامشيا لا تتمشى مع موقعهم كان آخر
البرلمانية الأقباط هو المرحوم ويصا باشا واصف وكان يشغل رئيس البرلمان
المصري في عصر الملكية
11- 20% من برامج الإذاعة والتليفزيون برامج دينية إسلامية أو أعمال درامية
مغلقة تبث الدعوة الإسلامية وإذاعة القرآن الكريم ولا يوجد بث إذاعي أو
تليفزيوني للمشاعر المسيحية .
الانتماء إلى الوطن هو الأصل
طالب عدد كبير من الكتاب والمفكرين بإلغاء خانة الديانة في بطاقة الرقم
القومي وكتب المفكر الكبير الأستاذ الدكتور ميلاد حنا في مجلة روز اليوسف
الصادرة في 10 مارس 1997 العدد 3578 وقال أياما يكون الأمر فإنني كنت قد كتبت
من عدة أشهر وقيل أن يتحول واقع حلم الرقم القومي إلى دافع يطلب إلغاء خانة
الديانة في بطاقة الرقم القومي فقد عرفنا حالة استخراج جواز السفر لكل مواطن
لم يوضع في بياناته نوع الديانة وهو أمر يدعم فكرة المواطنة ولا يعطي ميزة
لشخص على آخر بسبب الدين وفي معظم دول أوربا وأمريكا ألغوا خانة الوطنية أو
حتى اللقب العلمي حتى لا يكون هناك تحيز بسبب الوظيفة التي توضح ضمنيا الوضع
الاجتماعي إمعانا في المساواة بين البشر على قدرا الإمكان أن إحدى خصائص مصر
الثقافية والحضارية عبر تاريخها الطويل هو قبول فكرة التعددية الدينية والتي
تعني ضمنيا وصراحة عدم التفرقة بين مواطن وآخر بسبب الانتماء الديني لأن
الانتماء إلى الوطن هو الأصل والأعم والأقوى وخصوصا أنه قد يلاحظ وجود توجهات
متعصبة هناك وهناك من خلال أحداث وأمراض تظهر بوضوح بين الحين والآخر تفرق
بين الناس على أساس الدين أنني أدرك أن خانة الدين قد تكون مطلوبة في ظروف
معينة مثلما عند عقود الزواج وما في حكمها لأننا في مصر كثير من الممارسات
مرتبطة بالديانة ولكننا نتمنى مع الزمن أن نرتقي ، ويصبح الانتماء الديني إلى
الدين - أي دين- بسبب ميزة يحصل عليها مواطن دون جهد أو بسبب له ضيقا ولذلك
فإن إلغاء خانة الدين سيكون له مدلول ثقافي ومجتمعي وسيرحب به كل مواطن متحضر
يتطلع لأن تدخل مصر القرن القادم بمفاهيم جديدة تتفق مع معطيات العصر في
المساواة وعدم التفرقة بين البشر مما سيؤدي إلى نشر مفاهيم ثقافية "قبول
الآخر" .
الصفحة الرئيسية |
|
الصفحة الرئيسية |