رحلتي الى الكعبة |
|
نظرا لافتقار العرب إلى حرف الكتابة ؛ فكان ديوانهم في حفظ تاريخهم الشعر ؛ الذي لعب دورا رئسيا في ذلك ؛ نظرا لسهولة حفظه؛ لكنه أيضا كان غير دقيق ؛ حيث أن الإنسان يستطيع أن يضيف ويحذف منه ما شاء كما أن تقيدهم بالوزن والقافية قلل كثيرا من مقدرتهم على الوصف الدقيق والبسيط للأحداث والوقائع ؛ كما أن القصص بالتواتر لعب دورا مهما في ذلك أيضا؛ وككل قصص الأفواه يزاد فيها ويحذف منها حسب الهوى وحسب الظروف والملابسات ؛ وأستمر ذلك حتى بعد الإسلام ؛ فتجد قصصا في القران في سوريتين مختلفتين يزداد ألفاظ في إحداها عن الأخرى أو تنقص ؛ وينسحب ذلك على الأحاديث أيضا فترى البون الشاسع بين أحاديث السنة والشيعة وكأنك أمام ديانتين مختلفتين ؛ فما ينسبه السنة للنبي يحكيه الشيعة عن عليّ وعبقريات عمر وخالد وغيرهما من الصحابة ؛ تجد لدى الشيعة ما يثبت العكس تماما بل تجد ما يثبت أنهم ليسوا صحابة بل عصابة!! فما بالك في القصص الواردة عن تاريخهم قبل الإسلام؛ نعم إنها أكوام مبعثرة من القصص والتواريخ التي يتوه في مسالكها الباحثين ؛ فالبعض مبتور والبعض مطموس ومشوه والبعض غير موجود أصلا فما بالك لو كتب تاريخ الإسلام مثلا أناس من أحباب وأصحاب أبي جهل أو أحد من يهود يثرب أو أحد من نصارى نجران أو قبيلة من القبائل التي كانت تتصارع مع بني هاشم على الزعامة في ربوع الجزيرة العربية فنحن نقرأ تاريخ من زاوية واحدة ومن وجهة نظر واحدة فكثير من الأسئلة يقف أمامها الباحث متحيرا متسائلا كيف سكت عنها كتاب التاريخ أو لماذا غضوا الطرف عنها وأهملوها رغم أهميتها.... ندخل الآن إلى الكعبة القرشية من بوابة التاريخ العربي في الجاهلية من خلال قصصهم وأشعارهم لنقف على قدسية الكعبة في العقل والوجداني الجاهلي.... ولما كان تاريخ الكعبة طويل ومتناثر وأحيانا كثيرة متناقض فسأقتصر على بعض الوقائع التي من مفخرة العرب قبل الإسلام وهي مليئة بدلالاتها .... والتي سنقف من خلالها على الحالة الدينية التي كانت عليها قريش قبيل ظهور محمد بديانته الجديدة التي كفرت كل الديانات السابقة له.... |