رحلتي الى الكعبة |
|
لن انسى تلك المشاعر الغامرة التي ملئت قلبي ونفسي وانا استعد للسفر إلى أطهر بقاع الأرض ، أعددت ملابس الإحرام البيضاء الجديدة أخذت اقرأ واقرأ عن مناسك العمرة وزيارة البيت الحرام وقبر الرسول الكريم، رأسي ممتلئ بما يجب أن أفعله أثناء الطواف وعندما اصل إلى الحجر الاسود يمين الله على الارض، كيف اصافحه واقبله وانال منه اكبر بركة ممكنة ، ماذا ساقول اثناء الطواف حول الكعبة وايضا يجب ان لا يفوتني ان اصلي ركعتين في مقام ابراهيم. هذه التعليمات وغيرها اخذت اكررها مع نفسي كي لا انسى شيئا منها . وصلت مطار جدة واستقليت سيارة الرحلات الى مكة ، رغم طول الرحلة ومشقتها ورغم وصولي الى مكة في الواحدة من صباح اليوم التالي إلا أنني لم استطع ان اقاوم شوقي واستريح قليلا، وضعت حقيبتي في الفندق وابدلت ملابسي باخرى جديدة لم ارتديها من قبل . كان الفندق قريبا جدا من الحرم، اكاد ان اطير شوقا لاكون اقرب ما يمكن من الله الذي احبه بكل كياني، واشعر انه بعيدا عني كل البعد . وصلت .. ودخلت من باب السلام كما اوصوني ان افعل ، ووجدتني وجها لوجه مع الكعبة. إنها أصغر حجما مما تخيلت ، يمكنك احتوئها من النظرة الاولى انها عبارة عن حجر مكعب بحجم غرفة مكسوة بغطاء فاخر من القطيفة السوداء ، مكتوبا عليه بعضا من الايات القرانية الخاصة بالحج والبيت الحرام، منسوجا بخيوط ذهبية اللون. بدأت اطوف حول الكعبة واتفحص كل ركن فيها، وجدتني فجأة امام الحجر الاسود ، اقتربت منه لاقبله واضع خدي الايمن عليه كما كان يفعل رسول الله . انتابني احساسا بالقلق والشك حاولت ان ادفن تللك المشاعر في داخلي وواصلت الطواف، وبعد ان انتهيت من الطواف سبع مرات توجهت الى حجر ابراهيم وصليت ركعتين لي ، وركعتين لكل فرد من اسرتي، اخذت أحدق في كل ركن من اركان الكعبة؛ إن مشاعر القلق والشك تكاد ان تقتلني ورحت اسأل نفسي ما هذا الذي افعله؟؟؟ ان كل شيء حولي حجر ، مرة اخرى حاولت ان انسى ووقفت ادعوا الله ان يلمسني وان يخلصني من هذا الهاجس الشيطاني الذي سيطر على فكري، صرخت الى الله من اعماق قلبي وقلت يارب اذا كان هذا بحق بيتك ، واذا كنت ساكنا هنا ، وهذا الحجر الاسود يمينك ساعدني ان اتخلص من هذا الفكر الشيطاني وان اجد اجابة شافية لتلك التساؤلات التي افقدتني سلامي . ولكن للاسف لم اجد ما كنت ارجوه ، بل على العكس تمام وجد سؤالا بداخلي ملحا أين العقل والمنطق فيما افعل ؟؟ اكملت رحلتي في اشرف واطهر بقاع المسكونة وفي اليوم الأخير جلست في الحرم اتأمل بعين فاحصة، حاولت ان اتجرد من كل ما زرعوه في قلبي وعقلي عن الحج والعمرة والتخلص من الخطايا ، وجدت الحقيقة امامي واضحة وضوح شمس مكة المحرقة. لقد اتيت من بلدي الى هنا وانفقت ما انفقت من جهد ومال لاسجد لحجر والتمس الهي في كومة من الأحجار التي لا حياة فيها..... هل هذا يعقل؟. رحت احدق في وجوه الناس حولي لعلني اجد شيئا مختلف، ولكنني للأسف شاهدت ما حطم البقية المتبقية في داخلي لهذا المكان من قدسية، رأيت بأم عيني في الزحام اثناء الطواف بالكعبة الرجال يلتصدقون بكامل اجسادهم في النساء، والنساء لا يبدين اي إمتعاض عما يحدث، ثم فاجأتني سيدة سعودية، نعم عرفت انها سعودية من العباءة السوداء التي تغطيها من رأسها حتى قدميها، فجئت بها تفتح ذراعيها لتكشف عن ردائها الاحمر الذي بالكاد يستر جسدها ، وبالطبع لم تلفت انتباهي فقط بل وإنتباه الكثيرين من الرجال والنساء الذين كانوا حولها، وبعد فترة وجيزة خرجت من الحرم برفقة أحدهم. لم استطع ان اتمالك نفسي، وجدتني اجهش بالبكاء حزنا والما على الاكذوبة التي عشت فيها اكثر من اربعين سنة من عمري، اين البركة والقداسة ؟ لم أشاهد سوى حجر واناس مشاعرهم اشد صلابة من الحجر ، عدت بعد ان تحطم امامي اخر امل في استعادة ثقتي في الاسلام، تحطم املي باصتدامه بالحجر...حجر الكعبة...الحجر الاسود. وكانت الطامة الكبرى في رحلت العودة، عندما سالت المشرف على الرحلة عن امكانية استخدام طائرة من مكة الى جدة لتوفير الجهد والوقت ووجدته ينظر الى وكأني قلت ما لا يغفر وعلامات الغضب تعلوا وجهه وقال لي: كيف تسالين مثل هذا السؤال؟ الى هذا الحد تجهلين دينك القيم، الا تعرفين ما يوجد اعلى الكعبة في السماء؟ الم يخبرك احد من علماء الدين انه اذا حلقت طائرة فوق الكعبة ستحترق وتتحطم في الحال، ان انوار الكعبة وانوار العرش الذي هو فوق الكعبة تماما سيحرق ما يمر بينهما. الأرض تدور وتتحرك بسرعة مذهلة؛ هل يدور العرش مع الكعبة؟ هل كل ما في الأرض يدور إلا الكعبة ثابتة .... عقلي أوشك أن يتوقف واحنيت راسي خجلا مما سمعت وانا لا اصدق كيف يفكر انسان عاقل بهذه الطريقة؟ هل ما سمعته حقيقة ام خيال؟ لا ... انه ليس بخيال انه واقع وواقع مر واليم. زرت الكعبة بيت الله الحرام. ... وكانت هذه الرحلة بحق هي نهاية مرحلة وبداية أخرى لقد تفجرت بعدها في داخلي أسئلة حيرى ومشاعر متفجرة كان من الصعب عليّ وعليهم تجاوزها. كان من الصعب على أن أقنع نفسي بأن الحج هو الركن الأهم في الإسلام وكان من الصعب عليهم أن يقنعونني بما كانوا يقولونه لي سابقا دارت الأسئلة في رأسي ودرت معها حيث دارت أتلمس المخرج تارة بالتناسي وتارة بالتمرد على الإجابات السطحية التي أسمعها أحيانا والغير منطقية في أكثر الأحيان لكنني في النهاية كنت مصممة أن أعرف الحقيقة مهما كلفني الثمن. عمر طويل قضيته في الإسلام ؛ أستمع لإعلام كاذب وأقرأ لكتاب وصحفيين باعوا ضمائرهم ؛ لا هم لهم إلا مراكزهم الاجتماعية وكم تثقل جيوبهم حتى لو كانت من دول النفط الأقل حضارة وتاريخ ؛ وآخر شئ يفكروا فيه شعوبهم التي ااتمنتهم على عقولها ؛ بل ربما الكثيرين منهم لا يعرف أن هذه الشعوب لها أي حق عليهم. رجعت إلى بلدي وبدأت فجوة بيني وبين الإسلام تظهر قليلا ؛ لكنني صممت أن أقرأ وأدرس ؛ ربما هناك قصور عندي في فهم الإسلام ؛ أو في فهم تلك الشعيرة الطاهرة ؛ يجب علي أن أسأل ولكن يجب أن أقرأ وادرس ؛ ربما لم يقولوا لي كل الحقيقة ؛ لأن ما أحسسته كان مختلف تماما عن تلك المشاعر الزائفة التي كنت أراها على شاشات التلفاز ؛ والتي كنت أسمعها في تلك الحلقات التي كانت تأخذ ولا زالت مساحة واسعة وفسيحة من الإعلام المصري والجرائد الرسمية ؛ رحت أبحث بنفسي في كومة من كتب التراث وأسألهم وسأل نفسي ؛ وكلما مضى الوقت أخذت ابتعد عن الإسلام خطوة بعد أخرى وكلما وابتعدت خطوة إتضحت أمامي معالم الطريق وبدأت الحقيقة تلوح لي أوضح عن الكعبة بيت الله الحرام ؛ ووجدت الحقيقة ومن حق الجميع أن يعرفها. قرأت ودرست وعرفت ؛ لكن ترى هل قالوا لنا كل شئ؟ تري هل ما قرأته يدخل العقل؟ صدقوني لقد وصلت إلى قناعة تامة ؛ إن ما قرأته هو إلى الخرافات أقرب !! |