قــــــــس ونــــــــبي |
|
النصرانية والإسلام دين على دين
لم تبق النصرانية وقفا على الرهبان السائحين المبشرين بها
كتابه آثار مكة وقام عليها قس يدير شئونها وهو القس ورقة وكتاب
فلم يكن جده ووالده وأعمامه وأقرباؤه ومعارفه بعيدين عن النصرانية
والحنفاء المتحنثون بدون أثر أو فاعلية على النبي وتعاليمه ولننظر في عبد المطلب الأبيوني
وغيرهم هؤلاء جميعهم ذكرتهم كتب السير دالة على هدايتهم وايمانهم وتوحيدهم وقيل عن عبد المطلب أنه كان على ملة ابراهيم أى لم يعبد الأصنام الحلبية 1 : 48 المكية 1 : 37 وفي اليعقوبي 2 : 10 رفض عبادة الأصنام ووحد الله ووفى بالنذر وسنن سننا نزل القرآن بأكثرها وجاءت السنة من رسول الله بها ودين ابراهيم هو الدين الحنيف القائل بالتوحيد والقائم على رفض الشرك والموصوف في القرآن بالدين القيم 9 : 36 12 : 40 وجاءت أدلة كثيرة تشهد على توحيد عبد المطلب وحنيفيته المكية 1 : 72 أى كان يتأله طبقات ابن سعد 1 : 85 ةتلك كانت صفة النصارى في بلاد العرب وليس أدل على ذلك من استخلاص العبر من سيرته وأوصافه وتعاليمه ووصاياه لبنيه وقيل عنه أنه كان من حلماء قريش وحكماءها وكان محرما الخمر على نفسه وهو أول من تحنث في غار حراء وكان إذا دخل شهر رمضان صعد وأطعم المساكين وكان صعوده للتخلي عن الناس يتفكر في جلال الله وعظمته تعالي وكان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رؤوس الجبال وقيل عنه مطعم الطير ويقال له الفياض ورواية آخرى تقول من مناقب عبد المطلب وفيها ما يدل على توحيده منها أمره لبنيه بمكارم الأخلاق وتحنثه واطعامه للمساكين ورفع مائدته للطير والوحوش وقطعه يد السارق ووفاؤه بالنذر وتحريمه الخمر ومنعه الزنا ونكاح المحارم وقتل المؤودة وألا يطوف البيت عريان ومن ذلك أيضا قوله والله ان وراء هذا الدار دارا يجزى فيها المحسن عن احسانه والمسئ عن اساءته المكية 1 : 73 اليعقوبي 2 : 10 هذه المناقب والصفات تشير دون شك لهداية عبد المطلب وايمانه بالتوحيد وتحنثه وسخاؤه على المساكين وتحريمه الخمر واعتقاده بالقيامة والحساب تشير إلى معرفة بالله وتنفي أى شبهة تقول بوثنيته وتميا إلى الاقرار بهدايته إما إلى اليهودية أو النصرانية المعروفين آنذاك في مكة والحجاز ومع تشديد كتب السير على اهتمامه بالمساكين واطعامه للوحوش والطير يوجهنا قطعا للشيعة الأبيونية وهي شيعة نصرانية وتقوم عقيدتها على المبالغة في الاهتمام بالمساكين واطعام الجياع والعناية بالفقراء ويؤكد انتماؤه هذا منادمته الأحبار والرهبان على السواء وكثيرا ما تذكر الكتب رحلاته إليهم واجتماعه بهم والتحدث معهم أنظر السيرة المكية 1 : 73 والحلبية 1 : 122 ويحدثنا عباس قائلا عن عبد المطلب قدمنا اليمن في رحلة الشتاء ونزلنا على حبر من اليهود يقرأ الزبور الحلبية 1 : 48 ويذكر ابن الجوزي كان محمدا اصيب برمد في عينيه وهو في السابعة من عمره وأخذه جده عبد المطلب ناحية عكاظ إلى راهب يعالج الأعين الحلبية 1 : 125 وخرج عبد المطلب من بيته حتى أتي عيصا وهو راهب من الشام وقد أتاه الله علما كثيرا وكان يلزم صومعته ابن هشام 1 : 43 الأزرقي 1 : 144 طبقات ابن سعد 1 : 83 الطبري 2 : 247 وغير ذلك من أخبار تشير إلى الجو الذي كان يحيط عبد المطلب ويقودنا بالتالي إلى معرفته النصرانية وليس ببعيد تنصره أيضا هداية والديه لم يعرف عن والدي محمد شئ يذكر ولم يكن لهما دور فعال في حياته أو تنشئته ولم يتركا له سوى 5 نوق ومربية اسمها بركة الحبشية وكنيتها أم أيمن نصرانية الدين تدبرت أمر الطفل ودربته على الحياة والهداية كان النبي يحبها ويجلها كثيرا ومشهور قوله عنها : أنت أمي بعد أمي الحلبية 1 : 117 وزاد القول من السرور أن يتزوج إمرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن المرجع نفسه 1 : 57 وترجح المصادر الإسلامية أن والدي محمد كانا على الهداية والصراط المستقيم أثبت الرازي : أنهما كانا على الحنيفية ين ابراهيم عليه السلام كما زيد ابن عمرو بن نفيل وأترابه واستند على قول القرآن : إنما المشركون رجس وعليه يجب أن لا يكون من أجداده مشركا وقد ارتضى كلامه هذا أئمة محققون أمثال العلامة السنوسي والتلمستاني وقالا لم يتقدم لوالديه شرك وكانا مسلمين لأنه انتقل من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ولا يكون ذلك إلا مع الايمان بالله تعالي .. وما نقله المؤرخون قلة حياء وأدب وهذا الايمان لازم في جميع الأباء وأيد ذلك السيوطي بأدلة كثيرة وألف في الموضوع رسائل المكية 1 : 70 - 72 وشهد محمد فيما بعد على هداية أجداده ووالديه : لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات واستدل بعض كتب السير على أن أباء النبي كانوا مؤمنين وليس فيهم كافر لأن الكفر لا يوصف أنه طاهر الحلبية 1 : 48 يستنتج من هذه الأقوال حنيفية والدي محمد واتباع دين ابراهيم وطهرهما وإسلامهما وقبل الإسلام وقد تركا له مربية حبشية نصرانية وأنهما كانا على الهداية والايمان أو قل على النصرانية وذلك سيان أبو طالب على ملة أبيه توفي عبد المطلب وكان لمحمد ثماني سنوات وكفله عمه أبو طالب وأكمل تربيته ودرجه على تقاليد العيلة الهاشمية وتراثها الديني : نهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بفضل واحترام وظل فوق اربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته ويصادق ويخاصم من أجله محمد الغزالي فقه السيرة 67 وعرف من مناقب أبي طالب ومآثره في متون الكتب الكثير مما يؤكد لنا أنه عاش في الهداية والايمان كما عرف عن أبيه اهتمامه البالغ بالفقراء والمساكين وإقراء الضيف وهو الفقير كثير العيال قليل المال وتدل وصيته الآخيرة لبنيه على أبيونيته ومدى اهتمامه بالفقراء قال وهو على فراش الموت : أجيبوا الداعي أعطوا السائل لأن فيهما شرف الحياة والممات المكية 1 : 91 وربما تعرف عليه الناس من خلال صفته هذه أخبرنا خالد بن خداش : توجه للشام ونزل منزله وأتاه فيه راهب وقال إن فيكم رجلا صالحا فقال إن فينا من يقري الضيف ويفك الأسير ويفعل المعروف طبقات ابن سعد 1 : 120 وتذكر كتب الأخبار آخر كلمة تفوه بها أبو طالب وهو يحتضر أنا على ملة عبد المطلب ثم مات ابن سعد 1 : 122 ويشير بعضها الآخر أن كان كأبيه عبد المطلب الحلبية 1 : 125 والمكية 1 : 91 أى كان على هدايته ورفضه الأصنام وتعبده واهتمامه بالفقراء والتحنث والصيام طوال شهر رمضان المرجع نفسه ويعني هذا أنه كان على الحنيفية والتوحيد دين ابراهيم وسائر الحمس من قريش إلا أن بعض الأخبار تريد أن يبقى أبو طالب خارجا عن الهداية والايمان وذلك قصد الوقوف بوجه مقدسي علي وشيعته فأبقوه على الجاهلية والضلال وهذا الموقف يتعمده أهل السنة بحق الشيعة أتباع على ابن أبي طالب ومنعوا بالتالي أن يكون أبو طالب على ملة أبيه وتقول الشيعة بموت أبا طالب بعد هدايته وإسلامه وترفض أن يكون مشركا قبل إسلامه أو أن يكون متعبدا للأصنام المناخ النصراني العام والمناخ الديني العام الذي عاش فيه محمدا لم يكن مناخا مشركا أو منكرا لله كما يحلو للبعض تصوره ومكة لم تكن مشركة أو متعبدة للأصنام أو جاهلة لله أو منكرة وحدانيته والشرك الذي حاربه القرآن العربي ليس شركا بالمعنى الحقيقي وهو إشراك غير الله مع الله في الألوهية بل هو شرك تعبد أى إشراك غير الله مع الله في العبادة والشفاعة والطقوس هل كان هذا الغير ملاكا 37 : 149 - 155 16 : 57 3 : 80 16 : 57 وغيرها أو كان جنا 6 : 100 34 : 41 أو صنما 10 : 18 7 : 197 43 : 61 53 : 19 وغيرها أو كان نبيا 3 : 80 أو قوة من قوى الطبيعة 27 : 24 41 : 37 والعرب في مكة لم يعبدوا أحدا ممن هو دون الله إلا توسلا وللتقرب به إلى الله الواحد : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى 39 : 3 ولم يأخذ القرآن على سكان مكة جهلهم بالله بل أخذ عليهم تفكيرهم المادي وتصويرهم له بالصور والأصنام ويقر هذا بايمانهم ومعرفتهم لله وإن كانوا به مشركين قال : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون 12 : 106 فسره الجلالين والبيضاوي ما يوحدوني إلا جعلوا معي شريكا من خلقي ويقسم العرب بالله أنهم ليسوا مشركين والله ربنا ما كنا مشركين 6 : 23 ويعترف محمد بايمان المكيين بالله الواحد الخالق المدبر المحيي ورب السماء والأرض يقول : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله 39 : 38 31 : 25 43 : 9 ولئن سألتهم من سخر الشمس والقمر ليقولن الله 29 : 61 ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله 29 : 63 وسألهم محمد من يدبر الكون ومن يحيي الأرض ومن بيده كل شئ ومن يفعل الخير والشر ؟ سيقولون الله 23 : 85 قل من يخرج الحي من الميت ويخرج الحي من الميت ومن يدبر الأمر فسيقولون الله 10 : 31 وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها أباءنا والله أمرنا بها 7 : 28 ووثنية العرب أمست شكلية حسين هيكل حياة محمد ص 89 فلا الشرك إذن ولا جهل بالله ولا إنكار لوجوده ولا الوثنية في معناها الحقيقي كان موجودا في مكة ولئن طاب لكتاب السير إثبات ذلك وذلك من قبيل إظهار النور على الظلمة وإظهار العلم بعد جهل فمكة لم تكن مشركة ولا وثنية ولا جاهلة لله ومكة كانت مؤمنة بالله الواحد الخالق ولكن كانت تتقرب إليه بالصور وشفاعة الملائكة والقديسين وبواسطة الرموز والتماثيل والصور وقل بواسطة الأيقونات وبيئة محمد الخاصة لم تكن على غير ما كانت عليه مكة بل كانت على الايمان والهدى وربما منادمة محمد للرهبان ومعرفته بهم والتجاؤه إليهم في ملماته وصعوباته وأمراضه خير شاهد على إلمام محمد بالنصرانية أو قل على تنصره كما عرفنا وإجلال القرآن العربي لهم برهان على محبة محمد وتقديره أيضا عودة الى الصفحة الرئيسية |