قــــــــس ونــــــــبي

مقــــــــــــدمــــــة
هوية القس ورقة

نسب القس ورقة

نصرانية القس ورقة

إبيونية القس ورقة

علم القس ورقة

مهمة القس ورقة

القس ورقة رئيس النصارى

موت القس ورقة

القس والنبي في معترك الحياة

القس يزوج النبي

القس يدرب النبي

القس يعلم النبي

القس يعلن النبي خليفته

القس النبي والنبي القس

انجيل القس ورقة وقرآنه

إنجيل القس ورقة

القرآن العربي

إستمرارية الوحي والتنزيل

محمد يعلم ما تعلم

خاتمة

النصرانية والإسلام دين على دين

النصرانية في بيت محمد

الإسلام قبل الإسلام

النصرانية والحنيفية والإسلام 

الديـــــــن القــــــــيم

حق القس على النبي

مقدمة

في المسبح عيسى و أمه مريم

في الفروض والعبادات وشعائر الدين

في الحسنات والصدقات

في الجنة و النار و أحوال الميعاد

في أمثــــــــــال الانجيل القرآنية والخاتمة

نجاح وفشل

مقدمة

نجاح القس والنبي

فشل القرآن

محمديون أم قرآنيون

إسألوا أهل الذكر

الصفحة الرئيسية

حق القس على النبي  

في الحسنات والصدقات 

 

أن تعاليم القرآن العربي في موضوع الحسنات والصدقات هي تعاليم أبيونية وأولى السور نزولا بحسب زمانها هي التي تدعو إلى الأهتمام بالمساكبن واطعام الجياع ومساعدة الأيتام والأرامل وإقراء الضيف وسد عوز المحتاجين  واستضافة الغرباء وابناء السيبل والعناية بأصحاب الفاقة وقرض الصدقة والحسنة وعمل الصالحات ...

 ومن لم يأخذ بهذه التعاليم فهو من عداد أصحاب الهلاك في نار خالدة ومن يحبس أحشاءه عن اغاثة المحتاجين فلن يدخل الجنة فالذين لا يعملون صالحا لا يدخلون الجنة  حتى يلج الجمل في سم الخياط  7 : 40

تماما كما يعلم الانجيل العبراني في قوله لأن دخول الجمل في سم الخياط أيسر من أن يدخل الغني ملكوت السماوات

هذه التعاليم في الحسنات والصدقات تؤلف لب العقيدة الأبيونية ومنها كان أسم الأبيونيين نفسه  نقلا عن قول المسيح  في متى   طوبى للأبيونيين أي طوبى للفقراء متى 5 : 3  وقال أبيفان عنهم كانوا يفتخرون بفقرهم ويتراءون أمام الناس فيه ويتباهون ببيع أملاكهم وخيراتهم وتوزيعها على المساكين وعلى بعضهم بعضا

وقال كتاب الكرازة المنسوب للقديس بطرس وهو كتاب منحول و غير معترف به في المسيحية الصحيحة  كان الأبيونيون يمدتحون الفقر ويذمون الملكية  ويشددون على اقتلاع شهوات الغنى من النفس أكثر منه من اليد

واستنار الأبيونيين في تعاليمهم هذه باليهود والمسيحيين على السواء وبالتوراة والانجيل معا وتعلم توراة اليهود أن تكسر للجائع خبزك وتدخل البائسين المطرودين بيتك وإذا رأيت العريان أن تكسوه .. حينئذ يسير برك أمامك  .. وتدعو فيستجيب لك الرب  اشعياء 58 : 7 - 11   ايوب 22 : 6 - 8

والحكمة أمرت أبسط يدك للفقير يشوع 7 : 36  ويعلم التلمود أن العالم يبنى على ثلاثة أشياء  التوراة وعبادة الله وأعمال البر  أنظر غلاطية 5 : 6 1 تسا 1 : 3

والمسيحيون أناطوا الخلاص ب الايمان العامل بالمحبة وباطعام الجائع وإرواء ظمأ العطشان واستضافة الغرباء وإلباس العريان وزيارة السجين واعادة المريض أنظر متى 25 : 37 - 46

ويولي يعقوب الرسول عمل الصالحات أهمية قصوى لدرجة أن الايمان بدون الأعمال ميت  يعقوب 2 : 14 - 26  ويشدد أباء الكنيسة على مختلف ألوانهم على ممارسة أعمال البر وقال باخوميوس ليس من رجاء للانسان في هذا العالم إن لم يصنع الخير قبل أن يترك جسده  حياة باخوميوس  17 : 381

ويعلم أفرام السرياني طوبى للذين يسهرون في الصدقات  وقال أننا نرسل قبل ذهابنا إلى القضاء أعمالنا الصالحة لتستقبلنا عند وصولنا إلى السماء  وأيضا بالدموع والصدقات نستطيع محو الشكاوى المكتوبة علينا

وقال أكليمندوس الأسكندري  ما أحسنها تجارة ! وما أجمله سوق إلهي ! أننا نبتاع الأبدية بأشياء زائلة من هذا العالم  وعادة ما كانت تستعمل الكنيسة السريانية تعبير تجارة مع الله  للدلالة على الربح الذي يناله المتصدقون بأموالهم

وفي القرآن من هذا دعوة إلى تجارة مع الله لا تكسد ولا تبور وتنجيهم من عذابات النار  قال يا أيها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ؟ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله  بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم  إن كنتم تعلمون  القرآن 61 : 10   9 : 24   35 : 29   ...

وبين القرآن العربي  وانجيل العبرانيين  أكثر من  وفاق حول هذا الموضوع بل هو نقل صريح وتفصيل واضح  ولئن فاتتنا نصوص الانجيل العبراني فأن اعتمادنا الاناجيل الآزائية  الثلاثة الرسمية لا يقلل من معرفتنا بالتعاليم الأبيونية في الحسنات والصدقات شيئا

 لأن أنجيلي متى ولوقا  الموصوفين بالعناية بالفقراء  كالانجيل العبراني نفسه  يعتمدان على انجيل متى الآرامي  وهو الأصل لكل الاناجيل بعده  ولهذا تجدر المقابلة  بينهما وبين القرآن العربي  وتصح إلى حد بعيد

القرآن

الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم  ..  يا أيها الذين  آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله  رثاء الناس  2 : 362    4 : 38  

أن الله لا يضيع أجر المحسنيين 9 : 120   11 : 115    12 : 56  ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها  6 : 160 أقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر  57 : 18  2 : 245   64 : 17   73 : 20

المصادر الانجيلية

متى صنعت صدقة  فلا تبوق بها قدامك كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الشوارع لكي يمجدهم الناس  متى ص 6   إياكم أن تفعلوا بركم  بمرأى من الناس لكي ينظروا إليكم  فلا يكون لكم أجر عند أبيكم   متى 6 : 1  أنتم تزكون أنفسكم عند الناس لوقا 16 : 15

من يسقي  ... كأس ماء بارد فأجره لن يضيع  متى 10 : 42  ويقول بطرس للمسيح قد تركنا كل شئ ... فماذا يكون جزاءنا ؟ قال يسوع مائة ضعف متى 19 : 29

أن أصحاب الجنة في متى هم الذين ناداهم المسيح قائلا تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم  لأني جعت فأطعمتموني  عطشت فسقيتموني وكنت غريبا آويتموني وعريانا فكسيتموني ومريضا فعدتموني  وسجينا زرتموني  متى 25 : 34 - 40

وفي القرآن هم الذين يحررون أسيرا ويطعمون جائعا  ويحبون مسكينا ويتقربون من يتيم  فك رقبة واطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذو مقربة أو مسكينا ذا متربة  90 : 12

وأصحاب الهلاك هم في متى  الذين لم يطعموا جائعا ولم يؤوا غريبا ... إلخ وهؤلاء يسمعون صوت الديان يقول لهم خذوه وألقوه في الظلمة الخارجية متى 25 : 41

وفي القرآن هم الذين لا يحضون على اطعام المسكين يسمعون الله يقول لهم خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه إن كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له ههنا حميم ولا طعام إلا من غسلين  69 : 30 - 36

ونرى الخلاص إذن في القرآن العربي كما في متى منوط بعمل الصالحات وفعل البر  فمن عمل صالحا لا خوف عليه على حسب قول القرآن وله جزاء الضعف  يكفر عنه سيئاته ويغفر الله له ويؤتى أجره مرتين ويكون من المفلحين  5 : 69  34 : 37

أن الله يوفي المحسنيين أجورهم ويجزيهم من فضله ويدخلهم رحمته ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويرزقون بغير حساب ... 3 : 57   10 : 9   30 : 45   65 : 11 والذين عملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب لأن البر من أمن .. وأتى المال على حبه ذووي القربى واليتامى والمساكين 13 : 29   2 : 177

علم القرآن العربي  أن الله مع المحسنيين  وقريب من المحسنيين ويحب المحسنيين 16 : 128   29 : 69   7 : 56   2 : 195   3 : 134   5 : 13 وجاء محمد لأمر إلهي يقول بشر الذين عملوا الصالحات  2: 25   18 : 2

لأن لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنيين في حين أن صانعي السيئات والظالمين وأصحاب النار والهلاك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما أنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا  4 : 10

تعاليم القرآن العربي هذه هي إياها تعاليم انجيلي متى ولوقا الرسميين بعد انجيل متى الآرامي  وانجيل العبرانيين وعليها يعتمد الأبيونيون ومنها أخذوا تعاليمهم في وجوب الحسنات والصدقات للايمان الحق والخلاص  وهي تختصر بما يلي

تصدقوا بما لديكم يكن كل شئ لكم طاهرا لوقا 11 : 40  وتفسير اورجين لانجيل العبرانيين  إذا أردت أن تكون كاملا اذهب بع ما تملكه وتصدق بثمنه على الفقراء فيكون لك كنز في السماء  متى 19 : 21

بيعوا أملاككم وتصدقوا بثمنها  لوقا 12 : 33  إذا أقمت مأدبة فأدعالفقراء والكسحان والعميان ... فطوبى لك إذ ذاك لأنهم ليس بوسعهم أن يكافئوك فتكافأ في قيامة الأبرار لوقا 14 : 13  لا تكنزوا لكم كنوزا  في الأرض متى 6 : 19  من كان لديه ثوبان ليقسمهما بينه وبين من لا ثوب له ومن كان لديه طعام ليفعل ذلك لوقا 3 : 11

لقد بشر المسيح زكا الذي أعلن  أتصدق على الفقراء بنصف أموالي  .. قال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت لوقا 19 : 8  وأقام بطرس تلميذة من الموت اسمها طابيثا لأنها كانت غنية بالأعمال الصالحة والصدقات التي تعطيها أع 9 : 36

وكلم ملاك الله كرينليوس لأنه كان يتصدق على الشعب صدقات كثيرة .. يقول له الملاك صعدت صدقاتك إلى الله أع 10 : 2  من أجل هذا أرسل المسيح  لوقا 4 : 18 والفقراء يبشرون  متى 11 : 5  لوقا 7 : 23  وطوبى للفقراء لأن لهم ملكوت السماوات  متى 5 : 3  لوقا 6 : 20

هذه التعاليم الأبيونية هي أدلة قاطعة في انتماء محمد لجماعة النصارى الأبيونيين إلى جانب ما تحصل لدينا  حتى الآن من أدلة صريحة خلال عرضنا لسيرة محمد وتعلمه على يد القس ورقة الأبيوني وفي انجيل العبرانيين الذي كان محمد يحضر نقله إلى العربية طوال فترة 44 سنة  وقد رأينا سيرة عبد المطلب وندمائه واهتمام أبي طالب بالفقراء رغم فقره  وأثر ذلك  على محمد

أضف إلى ذلك ما تحقق فعلا في حياة محمد وهو أن جميع تابعيه ومستجيبي رسالته هم من فقراء مكة وأذلتها  ومن طبقة الأرذلين  المستضعفين القرآن 26 : 111 ومن الأذلة والصعاليك 3 : 123   5 : 54    27 : 34

في حين أن طبقة المترفين  الأثرياء  34 : 34  المسمين بالملأ الأعلى 2 : 246  7 : 90    11 : 27   وب الأعزة  اضطهدوه  وشنوا عليه حربا  بل اتهموه وسخروا منه واحتقروا كلامه وأعرضوا عن تعاليمه بحجة أن الذين دخلوا في دعوته هم أذلة معدومون وفقراء وضعفاء

قالوا له أنؤمن بك وقد أتبعك الأرذلون ؟ 26 : 111  وما نراك أتبعك إلا الذين هم أراذلنا  11 : 27  وأعترف محمد يوما أن الذين استجابوا دعوته هم كذلك وقالها لأصحابه في بدر  لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة 3 : 123

أن النصر والخلاص والمغانم التي وعد بها النبي أصحابه سيفوزون بها   نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين  28 : 5   وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها 7 : 137

ثم وعدهم بمغانم كثيرة يحصلون عليها من غزواته التي فاقت السبعين عدا  قال عند الله مغانم كثيرة 4 : 94  ومغانم كثيرة يأخذونها 48 : 19  وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها 48 : 20 ووعدهم بالقضاء التام على أصحاب الثروة والمال لكي لا يبقى دولة بين الأغنياء 59 : 7

ونفذ محمد ما وعد به وخرج بالمهاجرين إلى يثرب وهي التي تسيطر على طرق التجارة مع الشام  من جهة الشمال وهو يعطي فرصة لتوجيه ضربة قاتلة لمكة التي تعتمد على التجارة  وقوافلها ... وموقع يثرب أيضا يتيح الفرصة لتسديد ضربات وشن غارات في اتجاهات متعددة وبالتالي إلى السيطرة على القبائل المجاورة لها  انظر محمد نظرة عصرية جديدة  لحسنين كروم  ص 171

من يثرب انطلق محمد على ما تقول كتب السير  إلى ودان يريد عيرا لقريش  طبقات ابن سعد 2 : 6  ابن هشام 2 : 170  الحلبية 2 : 347  وإلى بواط  يعترض عيرا لقريش  ابن هشام 2 : 176 الطبري 2 : 407

وفي غزوة بدر جمع الرسول أصحابه ودعا لهم  اللهم أهم حفاة فأحملهم وأنهم عراة فأكسهم وأنهم جياع فأشبعهم  وما منهم رجل إلا رجع بجمل أو جملين وأكتسوا وشبعوا بما أصابوا  طبقات 2 : 11 الواقدي 1 : 15  وغيره

وقبل الزحف على مؤته دعا النبي لأصحابه دفع الله عنكم وردكم غانمين  تاريخ اليعقوبي  الحلبية 3 : 68 - 71

وفيما الحرب في حنين تستعر جاء رجل لرسول الله يقول فإذا لنا بهوازن عن بكرة أبيهم بقطعانهم ونعمهم وشبابهم قد إجتمعوا إلى حنين  فتبسم محمد  وقال تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله

واجتمع امر السير إلى هوازن وخرج أهل مكة الذين كانوا مع الرسول ركبانا ومشاة حتى النساء يمشين على غير وهن يرجون الغنائم وأمر رسول الله بالسبي والغنائم أن تجمع وكانت الحصيلة 6000 رأس والأبل 24000 والغنم 40000 والفضة 4000 أوقية  ومن تبوك ظفر المسلمون  بالغنائم والسبايا

تلك هي تعاليم الرسول في الحسنات والصدقات وهذه هي غزواته وسيرته في بادئ الأمر علم فعل الخير والاحسان ووعد فاعليه بالجنة  وبعدها ظفر بما وعد ولم يزل في طور التعليم والجهاد

وأخيرا نفذ ما كان يهدد به الأغنياء وذلك في سبيل القضاء على طبقة الملأ الأعلى والأعزة الميسورين ولإعلاء شأن الأذلة المحرومين المستضعفين

وهكذا تغيرت  تعاليم الأبيونيين والقس ورقة والكتاب العبراني من دعو طوبى للفقراء  كما في متى ودعوة طوبى للذين عملوا الصالحات  في القرآن

إلى دعوة عند الله مغانم كثيرة  4 : 94  ولهذا السبب قال بعض الباحثين في نشأة الإسلام والقرآن أن محمدا دعا إلى إصلاح مجتمع فاسد متصدع ودعم دعوته بتعاليم انجيلية في الفقر وعمل البر والاحسان  وأوجز بندلي جوزي نظريات بعض المستشرقين في قوله

أن القول بأن الإسلام فكرة دينية محضة وأن ظهوره وتغلبه على وثنية العرب وانتشاره السريع بين أكثر أمم الشرق وفتوحات الخلفاء الراشدين وبني أمية ترجع إلى الحماسة الدينية أو التعصب الديني  يعد اليوم قولا جزافا بعيدا عما أثبتته الأبحاث التاريخية والأقتصادية  مثل فيلهوزن والأمير كايتاني ولامنس ونولدكه وبارتولد عضو أكاديمية بطرسبرج وغيرهم

فقد أصبح اليوم من المقرر أن الإسلام كغيره من الأديان الكبيرة ليس فقط فكرة دينية بل مسألة اقتصادية واجتماعية أيضا أو بالآحرى هو مسألة اقتصادية واجتماعية أكثر منه فكرة دينية

 وقال أيضا لم يكن الإسلام حركة دينية إذا لم يوجد فيه دينيا إلا الظاهر أما جوهره كان سياسيا واقتصاديا  من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام بندلي جوزي  ص 17

أنها ملاحظة تلفت النظر  وتستحق التوقف عندها ولكن أهم منها أن نعرف تلك المصادر التى  استقى منها الإسلام تعاليمه الاجتماعية واصلاحه بين طبقات مجتمع مكة  ومن جهتنا رأينا أن الحركة الأبيونية الواسعة هي التي كانت الأساس والمعتمد في الالهيات  كما في الاجتماعيات والماورائيات وسواها  في القرآن العربي

وتجدر بنا الاشارة أن أول تعاليم القرآن المكي جاءت كلها في الحض على عمل البر والاحسان ونزلت في حق الأغنياء والطعن في ثراءهم غير المشروع

سورة العلق هي الأولى في تاريخ النزول نزلت في أبي جهل صاحب المال الكثير  موضوعها أن الرسول أوعد أبا جهل وندد به ووصف حاله  بأن طغى عليه ماله آية 6 وكثر غناه آية 7 ونسى لكثرة ماله وأرزاقه أن إلى الله المرتجع آية 8  سورة العلق

وسورة المدثر وهي الثانية نزلت في الوليد ابن المغيرة صاحب المال الممدود آية 12 والطامع منه بالمزيد آية 15 وقد عاند الرسول في رسالته بسبب جشعه وطمعه آية 23 فتوعده النبي بالعذاب آية 17 كما توعد أمثاله من الأغنياء  بنار خالدة  بسبب بخاهم وقلة ايمانهم

وهم يجيبون أنفسهم بأنفسهم قائلين لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المساكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين  المدثر  آية 39

وكذلك الأمر في السور التالية والتي تصور حال الأغنياء في هذه الدنيا  وفي الآخرة كما تصور عذاب الهالكين بسبب طمعهم وثروتهم وخلاص الناجين بسبب إحسانهم وكثرة  الصدقات

ويجب ألا ننسى صورة محمد في طفولته في يتمه وفقره وعسر حاله وعبر القرآن عن هذا العسر مرارا 93 : 7 - 8  ويذكره أيام تعاسته  تكرارا 94 : 1 - 6

وعاش محمد هاجس الفقر واليتم كل حياته .. حتى أصبحت الجنة عند تساوي خيرات الطبيعة برمتها وجهنم عنده تساوي الحرمان من تلك الخيرات

عودة الى الصفحة الرئيسية