قــــــــس ونــــــــبي |
|
هــوية
القـس ورقة
عرف عن النصارى من بني إسرائيل الضاربين في مكة والحجاز
انقسامهم فيما بينهم إلى شيع وفرق وأحزاب ثلاث كلمات مستعملة في القرآن
للإشارة إلى كثرة انقسامات بني إسرائيل أنظر مثلا 30 \ 32 4\ 150 و 152 3
\ 103 و 105 42 \ 13 9 \ 122 2 \ 75 و 100 و 101 و 146 3 \ 78 وغيرها
......
وأشار القرآن العربي بوضوح إلى هذه الخلافات وقال اختلف
الأحزاب من بينهم 19 \ 47 43 \ 65 أي النصارى بحسب تفسير الجلالان
للآية المذكورة وقال أيضا ومن الأحزاب من ينكر بعضه 13 \ 36 ويصف
أحوال كل منهم بأن كل حزب بما لديهم فرحون 23 \ 53 30 \ 32 ولا يعجب
أتباع النبي من كثرة الأحزاب هذه لأنهم حذروا منها مسبقا وأعلموا بوجودها
ولما رأى المؤمنون من أتباع محمد الأحزاب عند النصارى قالوا هذا ما وعدنا
الله ورسوله 33 \ 22
ويخشى النبي في
ما يخشى أن يكون انتمى إلى حزب منها أو يكون ساهم في توسيع رقعة الخلاف
بينهما فيقول إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل 20 \ 94 كما يرفض أن
يفرق بين الأحزاب بل يريد لها السلم ويبغي توحيدها : ولا نفرق بين أحد منهم
ونحن له مسلمون 2 \ 136 3 \ 84 ويقول عن أتباعه أنهم هم
والغريب في الأمر إن المسلمين هم بحسب تحديد القرآن لا يفرقون
بين رسل الله وأنبيائه أنظر لفظة مسلمين في القرآن 2 \ 133 و 136 3 \ 84
وتضاف إلى شهادة القرآن العربي هذه شهادة التاريخ الكنسي وهي تشير لأسماء هذه الأحزاب وإلى تعاليمها وما يؤكد لنا الوفاق بين الشهادتين وحدة التعاليم التي تأخذ بها الأحزاب في كلا المصدرين ونقتصر على ذكر بعضها كالأبيونية والقيرنثية والكسائية لشهرتها ومعرفة تعاليمها : الأبيونيــــــــة
وهي فئة من اليهود المتنصرين التحقوا
بالمسيح ورأوا فيه نبيا عظيما من الأنبياء لا يعترفون بلاهوته ولا ببنوته
لله بل يقولون أنه رجل كسائر الرجال جاءه الوحي بعد معموديته على يد يوحنا
المعمدان أو بالحري أن المسيح المبدأ الأزلي دخل يسوع يوم عماده وفارقه يوم
استشهاده تقوم رسالته على التعليم والتبشير دون الفداء والخلاص
ويقبل الابيونيون انجيل متى وحده ويسمونه الانجيل
حسب العبرانيين وهو نفسه انجيل متى الآرامي ولكنه ناقص ومحرف ومزيف كما يشهد
ابيفانوس أما فروضهم فترتكز علىالإغتسال الدائم بالماء للوضوء والتطهير وعلى
تحريم الذبائح ويشددون على أعمال البر و الاهتمام باليتامى و العناية
بالفقراء و المساكين و ابناء السبيل و يوصون بإعالة المحتاجين و اطعام
الجياع
و إقراء الضيوف و الغرباء ... و أسمهم يدل
على ذلك وهو من قول الميسح : طوبى للفقراء و بالعبرانية طوبى للابيونيون
ذكرهم أريناوس ضد البدع و أوريجانوس في كتابه ضد سلسوس و أبيفانوس في
كتابه الشامل في الهرطقات
دخل في شيعتهم معظم رهبان قمران بعد خراب
هيكل أورشليم فهاجروا إلى الحجاز وانتمى إليهم بعض قبائل العرب
القيرنثيـــــــــة
نسبة إلى مؤسسها قيرنث تتميز بقولها أن ملكوت المسيح السماوي
هو على المثال الأرضي و أن دور المسيح يقوم على تحرير شعبه من الحكم
الروماني و الأجنبي وان مهمته هي سياسية واجتماعية وتقول
بأن الجنة السماوية هي متاع الجسد وشهوته يذكر أوسابيوس قيرنث في قوله :
بما أنه هو نفسه يحب جسده وكان شهوانيا فهو يحلم أن هذا الملكوت يقوم على
الأشياء التي يشتهيها أى الطعام
والشراب ولذة الجسد
الكســـــــــــائية
نسبة إلى الكسائي تذهب في الغنوص إلى أبعد حد وتسمي أنصارها
أهل العلم وتعلم في المسيح أنه بشر كسائر البشر و أن المسيح فارق يسوع قبل
استشهاده وأن الروح القدس تارة هو أم المسيح فهو بالتالي مؤنث وطورا هو
الملاك جبرائيل فهو مذكر
ويدعي الكسائي بأن ملاكا دفع إليه بالكتاب من السماء كان
محفوظا في لوح مقدس نزله عليه جبرائيل وعلمه أسرار الحكمة والغيب
*************************************هذه هي شهادات التاريخ الكنسي
على بعض الشيع النصرانية
وهي على ما يظهر تتفق مع شهادات القرآن العربي أقله في
الأمور الأساسية مثل إنكار لاهوت المسيح وإعتباره نبيا عظيما والشبه الواقع
على صلبه ومثل إقامة أحكام التوراة والانجيل والأهتمام بالمساكين ووصف الجنة
السماوية ... وغيرها
ويكفي منها شهادة
وجودها في مكة وتعرف القرآن العربي عليها إلا أن الجانب الأبيوني كان واضحا
أكثر من سواه في حياة القس ورقة وممارساته الروحية وتحنثه في حراه
إن ما ظهر من أبيونية القس ورقة في حياته وممارساته الروحية
وتعاليمه يدل على انتمائه الأكيد إليها فعدا عن تعاليمه التى ترى لها أثرا
واضحا في القرآن عند كلامنا على ذلك في الفصل الآخير نتوقف الآن على ما عرف
عنه في تحنثه في غار حراء مع عبد المطلب وعثمان بن الحويرث وعبيد الله بن
جحش و أبي أمية بن المغيرة وغيرهم السيرة الحلبية 1 - 260 والتحنث هو
التحنف والتبرر والتعبد الليالي الطوال وإقامة أعمال البر والاحسان سيرة ابن
هشام 1 - 218 و 222
وذلك يقوم على الصيام
شهرا كاملا في السنة وعلى إطعام الجياع والرأفة بالمساكين وعلى التخلي عن
الناس والانقطاع إلى الله والتفكر فيه الأصفهاني في الأغاني 3 \ 113
ويقوم أيضا على اعتزال عبادة الأوثان والامتناع عن أكل
الذبائح المقربة إليهم وقراءة الكتب المقدسة والتأمل في قصصها طبقات ابن سعد
1 \ 85
والأخذ بالختان والحج إلى البيت والغسل من
الجنابة وتحريم الخمرة وما اهل لغير الله لسان العرب 10 - 402 الكشاف 1
- 178 الطبرسي 1 - 467 تفسير الرازي 13 - 57 و 14 - 10 و 17 - 171
تفسير الطبري 3 - 104 تاج العروس 6 - 77 لفظة حنف القرطبي 4 -
109 القاموس 3 - 130 ابن خلدون 2 - 707 وغيرهم
بهذه الصفات وصف القس
ورقة ومن ذكرته كتب السير والأخبار مثل أبي بكر الصديق ورباب البراء و أسعد
بن كريب الحميري وقس ابن ساعدة الآيادي وأبي قبيس ابن صرمة وغيرهم المسعودي
في مروج الذهب 1 - 77
ولم تكن هذه العبادات بعيدة عن النبي فهو أيضا كالقس ورقة ومعه تحنث في غار حراء ومارس هذه الفرائض
|