قــــــــس ونــــــــبي |
|
هــوية
القـس ورقة
المعروف عن وفاة القس ورقة قليل جدا وكما
نجهل زمن ولادته ومدة حياته كذلك نجهل أسباب وفاته واليوم الذي توفى فيه
ألا أنه قيل فيه أنه مات عن عمر يفوق
المائة سنة ولا يستبعد طول عمره طالما أنه كان صديق عبد المطلب جد النبي
ونديمه
وقد قيل عن عبد المطلب أنه مات وله من
العمر مائة سنة ونيف ويذكر أيضا أن ورقة توفى بعد ما بدأ محمد رسالته بثلاث
أو أربع سنوات أي عندما كان لمحمد من العمر أربعة وأربعين سنة
ويوافق ذلك ما نراه
عند ابن الجوزي في كتاب الامتاع : أن ورقة مات السنة الرابعة من المبعث
السيرة الحلبية 1 : 274
وفي سيرة ابن اسحق
وفي كتاب الخميس .... المرجع نفسه ويجمع المسلمون على موته بعد النبوة وقبل
الرسالة أى بعد الدعوة وقبل البعثة
ويرجح طول حياة القس ما كان عليه في آخر
أيامه من صمم وعمى وهو ما يشير إلى ثقل عبء السنين عليه وفي الواقع إذا
عرفنا أن القس كان نديما لعبد المطلب يتحنث و إياه في غار حراء بينما كان
محمد في رعاية جده لا يتجاوز الثماني سنين وأن القس توفى عندما كان محمد في
الأربعة والأربعين تبين لنا أن المنية أدركت القس بعد أن رزح تحت عبء السنين
أما أثر موت القس على الوحي فظاهر في كلام
البخاري قال : ولم ينشب ورقة أن توفى وفتر الوحي صحيح البخاري 1 : 38
وهذا يدل على ما كان عليه القس بالنسبة
إلى النبي لقد كان له العضد الأمين والمرشد الحكيم والوسيط الطاهر بينه وبين
الله وهو ما يشير إلى كونه صالحا له دور فعال في الدعوة الجديدة التي كان
النبي قيما عليها بعد وفاة القس سيد العرب وقائدهم ورئيس دينهم
ويختلف أهل السير
والأخبار في موت القس ورقة إن كان على الإسلام أم على النصرانية وفي رواية
عن أبن العباس أنه مات على نصرانيته
وفى كتاب الامتاع لابن
الجوزى ان القس ورقه كان آخر من مات فى الفترة ودفن بالحجون فلم يكن مسلما
والفترة هي المدة التي تفصل بين عيسى ومحمد حيث لم يكن نبوة
والحجون هو مدفن الحنفاء من آل قريش حيث قبر
عبد المطلب جد النبي ووالديه
إلا أن مفهوم أهل السير
والأخبار للنصرانية كدين يختلف عن الإسلام فيه نظر ومفهومهم لرسالة القس
كونها تختلف عن رسالة النبي فيه أيضا نظر
وفي كل حال أن ما قاله
النبي عن مصير القس بعد موته يفوق كل تصور ويتحدى مفاهيم أهل السير
والأخبار للنصرانية والإسلام
يقول النبي : لقد رأيت القس يعني ورقة في
الجنة وعليه ثياب الحرير وفي رواية أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس
وفي رواية أيضا : قد رأيته فرأيت عليه ثيابا بيضا و أحسبه لو كان من أهل
النار لم تكن عليه ثياب بيض وفي رواية أخرى : لا تسبوا ورقة فإني رأيت له
جنة أو جنتين لأنه آمن بي وصدقني ترى هذه الأحاديث للنبي في السيرة الحلبية
1 : 274
فأقوال النبي هذه عن مصير ورقة إن لم تؤيد إسلامه فأنها تؤيد إيمانه وهدايته وبالتالي نجاته بل ونجاته في أعلى درجات الجنة والذين أرادوه ميتا على النصرانية يقصدون هلاكه أكثر مما يقصدون نجاته لأنه في ظنهم أدرك الدعوة المحمدية دون أن يؤمن بها عرفها ولكنه لم يعتنقها
خاتمة
القليل المعروف عن القس
ورقة بن نوفل في كتب السير والأخبار يدل على الكثير من نسبه الشريف ومقامه
الجليل ومهمته النشيطة في مكة
وهذا القليل ما كنا
نعتمد عليه لو لم يؤيد القرآن صحته بنوع أننا لا نفهم من تعاليم القرآن شيئا
إن غابت عنا تعاليم الانجيل العبراني الذى كان القس يعمل على نقله من لغته
العبرانية إلي اللغة العربية
كما أننا نعجز عن فهم الكثير من قصص
الأنبياء الاقد مين ومن تعاليم التوراة و الانجيل الواردة فى القران إن لم
نردها الى أصلها و المصدر الذى عنه أخذت
وقصه يحي ابن زكريا وبشارة الملاك
بمولده و مولد عيسى ومعجزاته و أنجيله و حوارييه و رسالته و كل تعليمه
و أمثاله و كيفية موته ...... وغيرها
جميعها لانفهم منها شيئا أن لم نرجع بها الى تعليم ورقه وانجيله العبرانى
ويصعب علينا فى كل
حال ان نفهم استمرارية الوحى على الانبياء وأخذ بعضهم عن بعض تعليمهم و
قصصهم وشرائعهم ان لم يكن هناك من يضمن هذه الاستمراريه وهذه التعاليم
ويكون بالتالي الواسطة بين الوحي السابق والوحي اللاحق أى بين التوراة
والانجيل من جهة والقرآن العربي من جهة ثانية
ولسنا نجد في مكة في أيام
النبي محمد غير القس ورقة يلازم محمدا طوال أربعة وأربعين سنة وقد يكون في
مكة والحجاز وبلاد الشام غير القس ورقة يعلم الناس ويبشرهم بالانجيل ويدربهم
على الشرع النصراني
إلا أن نسب القس ورقة
وعلو مقامه ورئاسته على كنيسة مكة وقرابته من النبي ومن خديجة وتحمسه في
دينه وإيمانه وممارساته الروحية كلها تثبت لنا العلاقة المتينة بينه وبين
النبي
|