|
طريق واسع
بصوته الهادئ العميق، وبنبرة حزينة آسفة حذر المخلص أتباعه من خطر الطريق
الواسع قائلاً: "واسع الباب ورحب الطريق المؤدى إلى الهلاك". (مت13:7).
فإن أول ما يلفت نظر الإنسان وهو في مفترق الطرق، منظر هذا الطريق الواسع
... ما أرحبه ... وما اسهل السير فيه ... وما أكثر السالكين فيه ...
أنه طريق الغالبية العظمى من بنى البشر ... حتى ليخيل للبسطاء أنه الطريق
السليم بشهادة الإجماع !!!
ولكي تلم بأبعاد هذا الطريق أضع أمامك الحقائق الآتية التي تميزه، ففيه:
1- سعادة وهمية.
2- كآبـة قلبيـة.
3- تعاسـة أبدية.
أولاً: سعادة وهمية
يتوهم الإنسان أن الطريق الواسع هو طريق الحرية والانطلاق ... طريق
السعادة والإشباع ... طريق بلا قيود ... ولا حدود ... وحقيقة أن هذه
الأمور كلها تتوفر في الطريق الواسع ...
¨ ففيه الحرية التي تمتد بلا قيود حتى تصل إلى الهمجية ...
¨ وفيه الانطلاق الذي بلا حدود حتى يصبح إباحية ...
¨ وفيه صور من الإشباع الذي يبلغ حد العبودية مثل:
* الولائم الماجنة ... والخمور المرقرقة ...
* العلاقات المنحرفة ... والرقصات المشابه ...
* موائد القمار ... والنكات القبيحة ...
* الثياب الخليعه ... والتبرج الفاضح ...
* الجنس والشهوة ... والزنا والنجاسة ...
* المكسب غير المشروع ... والأنانية المقيته ...
ولكي يخدر السالكون في هذا الطريق ضمائرهم، أطلقوا على الخطية مصطلحات
عصرية وأضفوا عليها ثوب المدنية ... واتهموا من لا يشاركونهم هذا الطريق
بالتخلف والشذوذ ...
ثانياً: كآبـة قلبيـة
افحص الطريق جيداً قبل أن تسلك فيه، لا يغريك اتساعه ... يلزمك أن إلى
الوجه الآخر الذي يختفي وراء هذه اللذات الوقتية، والشهوات الجسدية ...
الضريبة التي يفرضها هذا الطريق على السالكين فيه، ضريبة باهظة. إنها عدم
السلام والاضطراب والقلق .. ..
1- عدم السـلام:
يقول الوحي الإلهي:
· الأشرار كالبحر المضطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ وتقذف مياهه حمأة
وطيناً لا بسلام قال إلهي للأشرار. (أش20:57،21).
· وقال الرب في أشعياء "يتكلون على الباطل، ويتكلمون بالكذب قد حبلوا
بتعب وولدوا إثماً ... أعمالهم أعمال إثم أرجلهم إلى الشر تجرى...أفكارهم
أفكار إثم...طريق السلام لم يعرفوه...جعلوا لأنفسهم سبلاً معوجة، كل من
يسير فيها لا يعرف سلاماً. (أش4:59-8).
وفي سفر أرميا يقول: "إني نزعت سلامي من هذا الشعب يقول الرب". (أر5:16).
من هذا يتضح أن طريق الشر على اتساعه ليس فيه سلام.
2- الاضطراب:
يقول الرب في سفر التثنية أنه يعاقب السالكين في هذا الطريق بالاضطراب
فيقول "يرسل الرب عليك اللعن والاضطراب (تث27:28).
3- القـلق:
عن هذا يسجل الكتاب قائلاً "وأسلمهم الرب للقلق والدهش" … (2أي8:29).
ويقول أيضاً في التثنية "وتكون قلقاً من جميع ممالك الأرض" (تث25:28).
ليتك تكون صريحاً مع نفسـك، وتواجه الأمور بتعقل.
· عندما تنتهي ولائمك الصاخبة، وينفض الناس من حولك، هل تجد السلام في
قلبك ...؟
· وعندما تفيق من سقطتك ألا تشعر بمرارة نفسك ...؟
· ألا تشعر بالا كتئاب، والقلق واضطراب الأعصاب … وسوء الحالة النفسية ؟
فتتعاطى جرعات من المسكنات متوهماً أنك واجد فيها راحتك !! لن تحصل على
السلام إن لم تغير طريقك.
ثالثاً: تعاسة أبدية
هل فكرت يا عزيزي في المصير الأبدي الذي يؤدى إليه هذا الطريق الواسع ...
؟
اسمع ما يقول السيد "واسع الباب ورحب الطريق المؤدى إلى الهلاك" ما أرهب
تلك النهاية التعيسة … نار لا تطفأ ودود لا يموت … بحيرة متقدة بنار
وكبريت … وبرغم وجود النار، فهناك ظلام دامس ورعب أبدي ... وسر الظلام هو
دخان عذاب الأشرار المتصاعد إلى أبد الآبدين لذا ما أمر التأوهات
والتنهدات التي بلا رجاء ...
كم من أشقياء وتعساء هناك يتمنون أن تتاح لهم فرصة الحياة ثانية ولو لبضع
دقائق يقدمون فيها توبة بالدموع ليرحموا من ذلك العذاب القاسي وأهواله
!!!
آه أيتها النفس البائسة ... كم أخشى عليك أن تطمس الخطية عينيك وتقودك
إلى تلك النهاية التعسة ...
كم أخشى عليك من أن تسبى موسيقى العالم الساحرة قلبك فتلقين حدفك ...
تماماً كما كانت تفعل نغمات ناي الساحر الألماني في القصة الخرافية إذ
كانت تجمع الأطفال وتسبيهم، فيسعون خلف الساحر، ولا يدورن بأنفسهم إلا
وقد أغرقتهم لجج المحيط العاتية.
|
|