|
صغـر السـن
يهمس إبليس في آذان بعض الشباب قائلاً: "أنت ما زلت صغير السن فلماذا
تتوب الآن.؟ يمكنك أن تنتظر سن الشيخوخة أو قرب الممات ثم تتوب … لماذا
لا تترك لنفسك الفرصة لتتمتع بالحياة وملذاتها … ولماذا تحرم نفسك وتكبت
غرائزك وأنت صغير!!".
وبكل أسف قد سقط العديد من الشباب ضحايا هذه الخدعة الشيطانية وهلكوا …
وخطورة هذا التفكير تتخفى في بعض المغالطات يمكن كشفها ووضوحها فيما
يلي:-
المغالطة الأولي: هي الظن بان الموت لا يحدث إلا لكبار السن ولذلك يؤجل
البعض توبتهم إلى سن الشيخوخة … والواقع أن الموت لا يقتصر على سن معينة
فكم من أناس فارقوا الحياة في ربيع عمرهم وفي عنفوان شبابهم إما بالسكة
القلبية، أو سرطان الدم، أو في حوادث طريق …
قصة طالب جامعي
كان في السنة الثالثة بكلية الطب جامعة القاهرة وعاد يوماً قبل ميعاده
ولاحظت أمه أنه على غير طبيعته يبدو شاحب اللون مكمد الوجه … سألته: ماذا
بك يا بني؟
- بخير يا أماه فقط أشعر بدوخة وهزال.
طلبت الأم طبيب العائلة، وبعد الكشف طلب إجراء عدة تحاليل طبية … وجاءت
النتيجة … الأخطبوط السرطاني … وأشار الطبيب بسرعة إجراء عملية لتفريغ
الأوعية الدموية من الدماء الملوثة لتوضع محلها دماء نقية … ونقل ولكن
وحسرتاه … لقد كان رسول الموت أسرع من الأطباء … وهكذا انتهت قصة شاب في
ربيع حياته …
والأمثلة كثيرة من حولنا لانتقال شباب غض، فالموت لا يقتصر على كبار
السن.
المغالطة الثانية: تصوير الحياة مع الله إنها حرمان وكبت وتزمت وحزن:
وهذا عكس الواقع، فما أمتع الحياة مع المسيح وما أسعدها … إذ يعيش القلب
خالياً من الصراعات النفسية التي تصحب الخطية دائماً إذ يقول الكتاب
"الأشرار كالبحر المطرب لأنه لا يستطيع أن يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطيناً،
ليس سلام قال إلهي للأشرار". (أش2:57،21).
أما عن متعة الحياة مع المسيح فيقول داود النبي والملك: "يارب بقوتك يفرح
الملك وبخلاصك كيف لإ يبتهج جداَ." (مز1:21).
ولهذا قال: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب. طوبى للرجل المتوكل عليه."
(مز8:34).
المغالطة الثالثة: الظن بأنك إذ رفضت التوبة الآن يمكنك أن تحصل عليها في
أي وقت.
والحقيقة المرة أن كثيرين ممن رفضوا التوبة، جاءت عليهم أوقات تعذر فيها
قبولهم لصوت الله. إذ يكون القلب تحجر تماماً أو انعدمت ثقتهم في إمكانية
قبول الرب لتوبتهم. وإما لفوات زمان التوبة كما حدث مع عيسو إذ أنه "لما
أراد أن يرث البركة رفض إذ لم يجد للتوبة مكانا مع أنه طلبها بدموع."
(عب17:12).
المغالطة الرابعة: أن هذا التفكير هو عملية استخفاف بالله: والتوبة التي
من هذا القبيل، توبة مزيفة، ليست نابعة من قلب أحب المسيح، وحياة
القداسة، وإنما هي توبة خوف من العقاب، فهي ليست توبة حقيقية سليمة.
ولكن أذكر يا أخي الشاب كم من شباب نظير سنك قد كرسوا حياتهم للرب وقد
تمتعوا بالسعادة مع العلي … ولم تعطلهم حياة الشباب ولا ميعه الصبا من
الحياة الجدية المقدسة مع الرب، فكانوا كالكواكب إلى أبد الدهر … وصاروا
شباب الأجيال قدوة حسنة يحتذي بها.
أمثلة لذلك:
+ يوسف الطاهر الذي رفض بقوة أن يتدنس مع امرأة سيده.
+ ودانيال القوى الذي أبى أن يعبد سوى الرب وجاهر بإيمانه.
+ والثلاثة فتية الذين لم يهابوا أمر الملك بل تمسكوا بإيمانهم.
+ ومريم العذراء مثال الطهر والنقاء.
+ وتيموثاوس الشاب المتجند لخدمة الرب.
+ هنري الإنجليزي وأخته في شتاء 1971 زرت أسرة مؤمنة في قلب مدينة لندن،
وكان الابن الأكبر يدعى هنري وهو طالب في الجامعة، وقد كان ملحداً لا
يؤمن بوجود الله والحياة الأبدية… وسافر مع طلبة الجامعة في رحلة خارج
إنجلترا وفي المعسكر اكتشف أنه الملحد الوحيد، فكان يقضى أوقاته في
المدينة غارقاً في ملاهيها ويعود بعد منتصف الليل إلى المعسكر في أعلى
الجبل …
فصرخ قائلاً: يارب يا من يعبدك الذين في المعسكر أنقذني … وكانت المعجزة
وركع مسلماً حياته لله … وعندما عاد إلى بيته في لندن إذا به شخص آخر
وانطلق هنري إلى مواخير الشباب الفاسد، وقد لبس زيهم وحلق شعره نظيرهم
وعاش بينهم … وبعد أسبوع واحد عاد ومعه خمسة شبان وقد أنقذهم من الضياع …
وهو الآن يعمل بقوة وأخته الطالبة الجامعية إذ رأت هذا التغيير، عاشت هي
الأخرى للمسيح وبعد أن انتهت من دراستها الجامعية كرست حياتها لخدمة
الرب.
ألا فلنتمثل بسيرة هؤلاء الأبطال القديسين.؟
|
|