|
الخوف من الفشل
عندما يفكر الإنسان تفكيراً جدياً في التوبة، يبذل الشيطان كل جهده
ليعطله، فيهمس في أذنه قائلاً: "سوف تفشل وتسقط ولن تستطيع أن تحفظ نفسك
طويلا، بل سوف ترجع إلى الخطية ثانية ويكون عقابك أشـر".
وقد يؤكد لك الأمر بأن يذكرك بعدة محاولات سابقة باءت بالفشل وانتهت
بالسقوط.
وأمام هذه الأفكار الشيطانية ينخدع الإنسان ويرفض التوبة لذلك أريد أن
أوضح لك بعض الأمور الهامة بخصوص هذا الموضوع:-
(أ) البداية والكمال:
لا تظن يا عزيزي أن بداية التوبة هي قمة الكمال المسيحي … فبالتوبة أنت
دخلت في الطريق، ولست مطالباً أن تكون معصوماً من الخطية … ولابد أن تعرف
أن البداية شئ والكمال شئ آخر، أنت قد بدأت فعلا ولكنك تسعى لكي تكون
كاملاً …
(ب) التعرض للسقوط:
عندما تدخل طريق التوبة حديثاً، فاعلم أنك معرض للسقوط في الخطايا
القديمة وربما يحاربك الشيطان بأمور لم تسقط فيها من قبل.
وقد يسقط الإنسان التائب في بعض الخطايا، عن ضعف أو عن ضغط عنيف للشيطان،
وليس معنى هذا أنه فقد حياة التوبة … ولكنها عثرات في الطريق … يقوم منها
ليواصل مسيرته المقدسة "الصديق يسقط سبع مرات ويقوم" (أم16:24).
(ج) حرب الصمود:
أن الحرب بين التائب وبين الشيطان هي حرب صمود … فمن يصير إلى المنتهى
فهذا يخلص.
إن كل قصد الشيطان هو أن يصل بك إلى اليأس بتوالي الفشل والسقوط … لكي
ترجع عن الطريق … لأن هذا كل ما يصبو إليه … فثابر واثبت واصمد أمامه ولا
تسلم نفسك لليأس.
(د) شعار المجاهدين:
ليكن شعارك دائما ما قاله النبي القديم "لا تشمتي بي يا عدوتي … فإن سقطت
أقوم." (مى8:7). والعدوة هنا الحية القديمة أي الشيطان.
فليكن هذا شعارك في جهادك ضد الشيطان … إن سقطت قم فتخلص…
(هـ) شفيع معين:
في كل حروبك هذه تطلع إلى يسوع المسيح الذي يشفع في ضعفاتك ويعينك في
صراعاتك … يقول معلمنا يوحنا الحبيب لأولاده المؤمنين "يا أولادي أكتب
إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع… وهو كفارة لخطايانا.
ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً." (1يو1:2).
هذا المحامى عنا، الذي يكفر خطايانا، هو نفسه يعين ضعفاتنا "لأنه فيما هو
قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين." (عب18:2).
لا تنظر إلى يسوع على أنه يتربص لك … فإذا أخطأت يهلكك … بل أنظر إليه
أنه معين، اسمع ما يقوله أشعياء النبي "السيد الرب يعينني لذلك لا أخجل".
(أش7:50).
ومعلمنا بولس الرسول يقول "الروح أيضاً يعين ضعفاتنا" (رو26:8).
(و) كم مرة أسقط والرب يغفر لي:
سؤال يتردد كثيرا على ألسنة التائبين … إذ أنهم يخشون أن الرب يرفضهم
لأنهم يسقطون كثيراً جداً في اليوم الواحد … ويظنون أن الرب لا يمكن أن
يغفر لهم كل هذه المرات المتكررة.
ولكن أريد أن أذكرك بسؤال سأله بطرس الرسول للرب يسوع قائلاً "كم مرة
يخطئ إليَّ أخي وأنا أغفر له هل إلى سبع مرات."
قال له يسوع "لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات."
(مت21:18،22).
فالرب يطالب الإنسان أن يغفر لأخيه 7 ×70 أي 490 مرة … فكم بالحري يغفر
الرب الإله للإنسان المخطئ …
يقول معلمنا بولس الرسول "حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً."
(رو20:5).
(ز) عدم الاستباحة:
ليس معنى هذا أن يستبيح الإنسان الخطية … فيخطئ لأن الرب يغفر! حاشاَ فقد
قال الرسول "أنبقي في الخطية لكي تكثر النعمة. حاشاَ نحن الذين متنا عن
الخطية كيف نعيش فيها." (رو1:6،2).
وقد حذرنا أيضاً قائلاً "فإنكم إنما دعيتم للحرية. أيها الأخوة. غير أنه
لا تصيروا الحرية فرصة للجسد." (غل13:5).
ومعلمنا بولس الرسول يحذر من نفس الأمر قائلا "كأحرار وليس كالذين الحرية
عندهم سترة للشر." (1بط16:2).
فلا نتعمد الخطية في استباحة، ولكن إن سقطنا في الميدان عن ضعف أو لعدم
الخبرة بخطط العدو … فإن يد الرب تمتد لتضمد الجراحات وتعين الساقطين،
وتجدد الرجاء.
|
|