إشباع الخمسة آلاف
قرأ الأستاذ رياض العلمي:
“بَعْدَ هذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ
بَحْرُ
طَبَرِيَّةَ. وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ
الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى. فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَلٍ
وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ. وَكَانَ الْفِصْحُ عِيدُ الْيَهُودِ
قَرِيباً. فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعاً كَثِيراً
مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزاً
لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟ وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ
عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: لاَ
يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
شَيْئاً يَسِيراً. قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،
وَهُوَ
أَنْدَرَاوُسُ أَخُوسِمْعَانَ بُطْرُسَ: هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ
أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟
فَقَالَ يَسُوعُ: اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ. وَكَانَ فِي الْمَكَانِ
عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ.
وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ،
وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ
بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: اجْمَعُوا
الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ . فَجَمَعُوا وَ مَلأُوا
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ
الشَّعِيرِ الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ
الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ
النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ! وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ
أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً،
انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ”
(يوحنا 6: 1-15).
قارن أيضاً: (متى14: 13–21
ومر 6: 30–44
ولو9: 10–17).
قال القس فادي عبد المسيح:
أقبلت الجموع من كل المناطق إليه كي ترى أعماله وتسمع تعاليمه التي تنخس
القلوب وتعزيها. وعندما حاول يسوع في يوم ما أن يبحث عن الراحة تبعه الجمهور
إلى الخلاء، فاستغل الفرصة ووعظهم إلى المساء، فأصغوا إليه بانتباه واندهاش
شديدين، لأنهم لاحظوا أن يسوع يمنحهم خبز الحياة بغزارة وفيض.
سأل الشيخ عبد الله السفياني:
كان الذنب على الجمع إذ لم يحضروا معهم الزاد والشراب.
قال ناجي فياض:
لقد أحبهم يسوع، لأن كل من يتوب ويؤمن بالإنجيل يخلص، فالواعظ لم يرد ان يطلق
الجماهير بدون غذاء، إذ اهتم بضيوفه على أحسن وجه. لكن لم يكن في البرية أكثر
من خمسة أرغفة من خبز الشعير، فأخبره أتباعه بأن ذلك لا ولن يكفي الحشد
الهائل من الناس، ولن يسد رمق خمسة آلاف رجل مع نسائهم وأولادهم، فأخذوا
يفكرون في طريقة أفضل، وأنه لا بد من أموال طائلة لشراء ما يلزم. وحتى لو
توفّر المال لا توجد محلات في البرية. لقد كان التلاميذ جد مضطربين ومحتارين.
قال الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
أمّا يسوع المسيح فقد توصل إلى حل ناجح، إذ أخذ ما وجد فكسر الخبز وشكر
فازداد وتكاثر وتدفق من بين يديه كالنبع. فالشكر على القليل هو سر إشباع
الخمسة آلاف. وآمن الابن بأن لأبيه الملء، لم ينزل مائدة ممتلئة بأطعمة
الفردوس من السماء، بل اكتفى ابن مريم بالقليل الموجود وأضاف عليه بركة أبيه.
اندهش الشيخ محمد الفيلالي مما سمع فقال:
عندما شبع الجميع أمر يسوع التلاميذ أن يجمعوا البقايا أو الفتات فجمعوا 12
سلة، أكثر مما كان موجوداً من قبل. دهش الصبي الذي أتى بالسمكتين وبالخمس
أرغفة من الخبز وانفتحت عيناه تعبيراً على الاستغراب والحيرة، متسائلا: كيف
حدث هذا؟ كيف زاد القليل وكثر في يد يسوع حتى أشبع الجمع؟ هل هذا الخبز
هوالذي كان معي من قبل؟؟
قال الشيخ أحمد البعمراني:
لاحظت الجماهير أنهم شهود لحدث عظيم، إذ لم يخلق يسوع الخبز من الحجارة حتى
يلفت انتباه الناس ويجذبهم إليه، كما وسوس له الشيطان بعد معموديته، بل على
العكس من ذلك، عندما تراكضت إليه الجماهير واستمعوا لكلامه وقبلوا شفاءه، زاد
الموجود وأصبح بركة للآخرين.
قال القس فادي عبد المسيح:
ابتدأ الجمع يتهامسون فيما بينهم فقال أحدهم أن يسوع هوالنبي الموعود (تثنية
18 :15) وينبغي أن نصغي إليه. وآخرون ارتأوا أن يتوجوه ملكاً عليهم، فهو يقدم
لهم كل ما يحتاجونه مجانا. لما علم يسوع ما يجول بعقولهم،
انسحب من
بينهم لأنه لم تعجبه أفكارهم، ولم يرغب في أن يصبح ملكاً على البطون، بل قدم
نفسه كرَّب روحي ومخلِّص لشعبه بالمحبة والحنان. هرب
يسوع من
التجربة السياسية، وأراد أن يفصل الدين عن الدولة، لكي يجدد أخلاق الجميع
ويُكَوِّنَ مملكةً روحيةً.
|