مشي يسوع على الماء
قرأ الشيخ أحمد البعمراني:
“وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ
وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ. وَبَعْدَمَا
صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِداً لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا
صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ
قَدْ صَارَتْ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ
الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ
مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَهُ
التَّلاَمِيذُ مَاشِياً عَلَى ا لْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ إِنَّهُ
خَيَالٌ وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ
تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ يَا سَيِّدُ،
إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ
فَقَالَ تَعَالَ فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ
لِيَأْتِيَ
إِلَى يَسُوعَ. وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ
ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ يَا رَبُّ نَجِّنِي فَفِي الْحَالِ
مَدَّ يَسُوعُ
يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا
شَكَكْتَ؟ وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ. وَالَّذِينَ فِي
السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ
ابْنُ اللّهِ! فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ،
فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذ لِكَ الْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ
الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى،
وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ
الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ..”
(متى 14 :22-36 أنظر أيضاً مرقس 6: 45–56
ويوحنا 6: 15–21).
قال القس فادي عبد المسيح:
ألزم يسوع المسيح تلاميذه -بعد معجزة إشباع الخمسة آلاف- أن يدخلوا
السَّفينة، حتى لا يقودهم الجمع إلى تجربة سياسية. أمّا هوفصعد إلى الجبل
بمفرده كي يشكر أباه السماوي الذي أعانه على إشباع الجياع حسب الجسد، والنفس،
والروح. رأى من أعلى الجبل، أن تلاميذه يواجهون مشكلة وسط الأمواج المتلاطمة،
والرياح القوية، إذ جدفوا بكل قواهم لكن مكثوا في مكانهم ثابتين، فلحق بهم
التعب والإرهاق وأحسوا بدنو أجلهم. فتحنن عليهم كما تحنن على الجياع فأشبعهم،
وأسرع نحوهم، واستطاع بقوته الروحية أن يمشي فوق الماء كأنّه جليد.
قال الشيخ عبد الله السفياني:
عندما رأى التلاميذ يسوع في لباسه الأبيض مقبلا عليهم في الليلة الظلماء
وماشياً على الماء، صرخوا صرخة مدوية حركت الأموات من قبورهم من شدة الفزع
والخوف الذي ألمّ بهم، وظنوا أنه أحد الأرواح الميتة التي تجول في تلك
المنطقة، عندها أيقنوا حتمية الهلاك إذ لم يدركوا بعد قوة المسيح وقدرته،
فَسُمِّرَت أقدامهم في مكانها وأحسوا بلهيب جهنم يدنو منهم، رغم العواصف
الهوجاء. اتجهت أبصارهم نحوالشخص الغريب المقبل إليهم وسط هذا الظلام الدامس.
استمر ناجي فياض:
أمرهم يسوع قائلا: “أنا هو،لا تخافوا ألم تعرفوني وأنا معكم كل هذه المدة”،
عندئذ انتصب بطرس قائد الرسل واقفاً وقال: “إن كنت أنت يسوع فَمُرني أن آتي
إليك على أمواج البحر”. فصياد السمك جرب ربه بهذه الكلمات، إذ أراد أن ينال
برهاناً يؤمن بواسطته. أمّا يسوع فقال له تعال إلي. لبَّى بطرس النداء ووضع
رجله اليمنى على الماء، ولما رأى أن الماء لم يبلعه ردَّدَ في داخله “كيف
يحدث هذا، إنّه مستحيل” فتشجع أكثر ووضع رجله الثانية وانتصب واقفاً على
الماء، وأخذ في المشي متجهاً نحويسوع. وبسرعة لَمَحَ موجة عالية مقبلة إليه،
فاضطرب وضعف إيمانه، فنزل إلى
أسفل الماء،
ولم يستطع أن يقول أي شيء سوى: “يارب نجني”. مدَّ يسوع يده إليه وأنقذه من
غرق محتوم وأوقفه بجانبه وسأله: “لماذا شككت؟ إن كل الأشياء ممكنة لكل من
يؤمن بي”، عندئذ أخذ يسوع بيد بطرس وتوجّها معاً نحوالسفينة، فتوقّفت
الرِّياح عن الهبوب وسكنت الأمواج.
قال التاجر البشير الدمشقي:
كان التلاميذ الآخرين في السفينة، شهود عيان على نجاة بطرس من الغرق المحتوم،
وأدركوا أن يسوع هوالرب، الذي له السلطان على الكل، فسجدوا له واعترفوا بصوت
واحد: “أنت بالحقيقة ابن الله الحي”.
|