عصمة الإنجيل
سأل الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
كيف أعلم أنّ هذه الأناجيل الأربعة غير محرّفة ومضلّة، ولا تزال تحوي بين
دفتيها النص الأصلي كما أنزل من قبل؟؟
أجاب بولس حنا:
لدينا النصوص الأصلية للإنجيل، فهناك أكثر من 1500 جزء ومقطع، كذلك عندنا
أسفار كاملة منتشرة بين كل متاحف العالم، يعود تاريخها إلى ما بين 200 و300
سنة قبل مجيء محمد. فالإنجيل الذي كان متواجداً في عهد محمد، لا يزال مطابقاً
لما هومتداول بين أيدينا الآن.
ظهر على وجه الشيخ عبد العليم الشرقاوي بعض ملامح الاستغراب، فقال:
إن الإنجيل الذي تتكلم عنه، ليس مكتوبا في الأصل باللغة العربية أوباللغة
العبرية، فكيف يمكنني أن أعرف بأنّ المترجم أوالناسخ كان أمينا أثناء ترجمته،
ولم يتلاعب بالكلمات والألفاظ؟؟
أجاب بولس حنا:
كانت في فترة محمد ترجمات متعددة وبعدّة لغات، مثل اليونانية، السريانية،
الأرمنية، القبطية، اللاتينية، الحبشية وغيرها من اللغات، فإن عرفت وأتقنت
هذه اللغات، تستطيع أن تضع هذه الترجمة بجانب اللغة الأصلية، التي كتب بها
الإنجيل، وتقارن بنفسك بين الترجمتين. وأنا واثق بأنّك، لوقمت بهذه العملية،
ستتعجب كثيراً من إخلاص الترجمة وأمانة المترجم. وتجد أن ترجمات الإنجيل
تبرهن مدى دقّة وتواتر النص
بين المؤمنين من جيل إلى جيل، مما أدى إلى سلامة المضمون من أي تحريف أو زيغ
للمعنى.
أضاف الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
كل كتاب، بعد ترجمته، يفقد حيويته التي كان يتميّز بها من قبل، كما يفقد
جماله اللغوي ورونقه. فالقرآن
مثلا
كتب باللغة العربية، لغة السماء والفردوس.
أجاب بولس حنا:
الإنجيل لم ولن يفقد أية قوة بعد ترجمته إلى لغة أخرى، لأنّ مضمونه شخص وليس
فلسفة أوأحرفاً. إن يسوع ابن مريم هوهو، وقد التقى به ملايين من طلاب الحق
عبر الإنجيل المترجم
إلى لغات متعددة. فالإنجيل الآن مترجم إلى حوالي 2800 لغة من لغات العالم، إذ
يسمعون رسالته من خلال لغتهم الأم،
وكل من يؤمن بالمسيح يستطيع أن يتعرّف عليه من خلال كلماته المدونة في
الإنجيل.
أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
هل تبيع سلسلة التفاسير الخاصة بالإنجيل، لأنه من الصعب علي وعلى سائر
أصدقائي، أن نستوعب معاني ومبادئ هذا الكتاب الثمين؟؟
قال بولس حنا:
نملك سلاسل متعددة تفسر الأناجيل، غير أنّ قيمتها جد مرتفعة. أقترح عليك -إذا
كنت توافق–
أن أرسل لك قسيساً، وهو يقطن بجواركم، ليزوركم بين الحين والآخر، حتى يكون
بجانبكم، ويقرأ معكم الإنجيل، ويجيب على أي سؤال أواستيضاح
قد يتبادر إلى
ذهنكم.
عمّ الصمت المكتبة لبرهة من الوقت، وبعد تفكير عبّر الشيخ عبد العليم
الشرقاوي عن أسفه قائلا:
ربما لن يوافق المشتركون في لقائنا على بعض الكلمات الواردة في الإنجيل،
فهناك آراء صعبة القبول، مما قد يسبب بعض المشاكل بيننا، وفي نفس الوقت نريد
أن نعرف الكثير عن الإنجيل، وما جاء فيه من أخبار، تغاضى وسكت القرآن عن
ذكرها وسردها.
ابتسم بولس حنا وقال:
تألّم المسيح ورسله كثيراً أثناء حياتهم من جراء المعارضة التي صادفوها في
محيطهم، والاضطهادات المتعددة التي واجهت دعوتهم، وهذا طبيعي إذ لولاه لما
انتشر الإنجيل، الذي هوالفرقان المفرق بين الحق والباطل، بين النور والظلمة.
إنّ القس الساكن بالقرب من مدينتكم من أعزّ أصدقائي. سأتّصل به وأقترح عليه
المجيء والمساعدة، كي يلتقي بكم بعد أن يحدد معكم موعداً مسبقاً.
عمّت الابتسامة وجه الشيخ عبد العليم الشرقاوي، كأنه رزق بمولود، فقال:
أشكرك كثيراً، ولكن أي إنجيل من الأناجيل الأربعة تنصحني بشرائه؟ لأنني أريد
أن اقتني عشر نسخ لحلقة الدرس المقامة في بيتي.
أجاب بولس حنا:
نقدم نسخاً صغيرة الحجم خاصة بالقراءة اليومية، إذ يمكنك وضعها في الجيب، كما
عندنا مجموعة أناجيل تسمى بالعهد الجديد، تحتوي بالإضافة إلى الأناجيل
الأربعة على رسائل رسل يسوع المسيح. فأقترح عليك أن تشتري الكتاب الفاخر الذي
يحوي المجموعة كلها (العهد الجديد)، وسأعطيك بعض النسخ التي تحتوي على أناجيل
منفردة ومستقلة بذاتها، لكي توزعها على أصدقائك مجاناً.
أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي:
كلا، إني لن اقبل أي كتاب مجاناً، بل أريد أن أدفع قيمة الأناجيل بثمنها
الأصلي دون زيادة اونقصان. سوف أشتري خمس كتب من العهد الجديد ذات الطبعة
الرفيعة، وعشر نسخ من الأناجيل الأربعة بالطبعة العادية .
تعجب بولس حنا، صاحب المكتبة، من هذا الطلب المحترم، كما أنه لم يسأل الشيخ
عبد العليم الشرقاوي، إذا كان يريد أي شيء آخر. فجمع كل ما طلبه منه الشيخ
وسلّمه إياه، دون إخباره بوجود نسخ مجانية، واكتفى بالقول أنّ القسيس الذي
يقطن بالقرب من مدينته سوف يتصل بهم عما قريب.
بعدما دفع الشيخ عبد العليم الشرقاوي إلى بولس حنا المستحق عليه، أخذ الكتب
وعاد إلى مدينته مبتسماً، وظافراً بكنـز لا يفنى.
بعد مرور بضع أيام، رنّ هاتف بيت الشيخ عبد العليم الشرقاوي، وكان المتكلم
“فادي عبد المسيح” قسيس إحدى الكنائس القريبة من مقر سكناه. أكّد هذا الأخير
للخطيب استعداده أن يقوم بزيارة لمجموعته مع صديق آخر في اليوم الذي يعقد فيه
اللقاء، وذلك كي يوضح لهم بعض ما عسر عليهم فهمه من الإنجيل. اتفقوا على
أمسية معينة تكون في بيت الشيخ عبد العليم الشرقاوي. فشرح له الشيخ عبد
العليم الشرقاوي الطريقة
المتبعة أثناء حلقة الدرس، والمواضيع التي تكلموا عنها من قبل. في الختام
أخبره الشيخ عبد العليم الشرقاوي بأن موضوع الحلقة الدراسية المقبلة سيكون
عن: “أم عيسى من خلال الإنجيل”، تعقبه مواضيع أخرى سبق أن درسوها من الوجهة
الإسلامية، لكن هذه المرة من منظار مسيحي انجيلي.
|