اللقاء السادس: موت عيسى ابن مريم

بدأ الشيخ أحمد البعمراني الحديث قائلاً:

بدأنا في اللقاء الأخير نتأمل في بعض الآيات الواردة في القرآن، والتي أجملت حياة عيسى في جملة واحدة:

«وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» (سورة مريم 19 : 33).

اعتقد أنّ هذه الآية هي بمثابة الآية الوحيدة في القرآن التي تتحدث عن موت عيسى بعبارة صريحة.

أجاب الشيخ عبد السميع الوهراني:

هذا قول صحيح، لكنّ موت عيسى لم يقع أثناء حياته الدنيوية، حيث رفعه الله إليه حيًّا يرزق، وسوف يرسله في آخر الأيام، ليقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويتزوج، ويملأ الأرض عدلاً بعدما مُلئت جوراً، ويرشد الناس إلى الطريق المستقيم، وعندما ينهي مهمته سيموت وسيدفن في المدينة المنوّرة بجانب قبر محمد. وبعد موته تقوم الساعة، ويبدأ الله بالدينونة والعقاب. لذلك سمي عيسى بعلم الساعة كما نقرأ:

«وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ»سو) رة الزخرف 43: 61).

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

معذرة، إنّ تفسيرك غير صحيح، لأنّنا نقرأ في إحدى سور القرآن ومن خلال سياق كلام عيسى:

«وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» سورة مريم 19

عيسى لم يقل «سوف أموت» أي في المستقبل البعيد، بل قصد المستقبل القريب، أثناء حياته الدنيوية. فكلّ تفسير آخر لا يصح لغوياً، ويكون بمثابة تأويل للآية وخروج عن سياق النص. كما أن الوحي القرآني أثبت مراحل المسيح التي تبدأ بالولادة فالموت ثم البعث الثاني (المجيء الثاني)، ولم يقل الولادة فالبعث ثم الموت!!

قال الشيخ محمد الفيلالي:

هناك في القرآن آية شبيهة لشهادة عيسى لكنها من وحي جبريل عن يحيى:

«والَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» ) سورة مريم 19: 15).

ولد يحيى بمعجزة، فقد كان والده شيخاً طاعناً في السن، وكانت أمه عاقراً. عندما صار شاباً حكم عليه الملك هيرودس بقطع رأسه، لأنه وبخه بعدما اتخذ من امرأة أخيه زوجة له. فالوحي الذي ورد بخصوص يحيى واضح كل الوضوح، لأن هذه النبوة تشمل حياته الأرضية، من المهد إلى اللحد، ولا يتكلم عن موته في المستقبل.كذلك أفهم بأن شهادة عيسى في نفس المكانة والمرتبة لشهادة يحيى وليس كما يريد أن يقول بعض المفسرين. بناء عليه يكون عيسى قد مات حقا، حيث توقف قلبه عن النبض كما قال.

أضاف الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

أتوقف دائماً عند قول عيسى «السلام عليَّ يوم أموت» لماذا كان ينبغي على المسيح أن يموت، وقد عاش حياة طاهرة بلا خطيئة، وسلام الله خيم عليه. إذا كان من الواجب أن يرفعه الله إليه حيا، لأن روح الله متجسد فيه وغير مستحق للموت

أضاف الشيخ عبد الله السفياني:

يقول بعض النصارى إنّ المسيح عيسى رفع خطايا البشر بسبب رحمته وشفقته عليهم، فتألم في موته من أجلهم، وتلقى قصاصا نيابة عنهم إذ صالحهم مع القدوس، وجعل سلاماً بينهم وبين الله. فالعبارة التي جاءت على لسان المسيح عيسى بمثابة سر لا نعرفه حق المعرفة بعد، وربما مات عيسى حقاً عوضاً عن الجميع، لأنه أحب الخطاة إلى المنتهى

استمر الشيخ أحمد البعمراني:

نقرأ في المصحف الشريف آيتين تدلان على موت ابن مريم خلال حياته الدنيوية، فقد وردت الآية الأولى في سورة «آل عمران»:

«إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ» ) سورة آل عمران 3: 55)