رَحمَة الله |
قال الشيخ أحمد البعمراني: تذكرت قصة التلاميذ عندما التمسوا من عيسى أن يتوسط لهم عند الله حتى ينزل عليهم مائدة من السماء، وبعد تفكير طويل، وأخذ ورد، لبى مشيئتهم، واستجاب الله له. يظهر من هذا أن لعيسى سلطان الشفاعة الفعلية والكلمة المستجابة عند الله. فإن كانت حياته هكذا على الأرض لابد أنه لا يزال يتمتع بكل الصفات من شفاء وغفران وبركة، ويتوسط لأتباعه عند رب العزة الممتلئ بالمحبة والنعمة، حتى يحظوا بهذا الإمتياز وينالوا هذه البركات، ويحل الروح القدس على أنصاره. قال الشيخ عبد العليم الشرقاوي: يردّد النصارى جملة مثيرة يدّعون بأنّ عيسى ذكرها في إنجيله: «من يسأل يُعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح له» ليتنا نطلب من عيسى العون والنجاة، النعمة والنور، لأنّ كل من يتب ويؤمن بقدرة عيسى العظيمة يختبر عمله الحي. تدخل الشيخ عبد السميع الوهراني محذرا الجميع: أحذركم من التجديف على الله، وأطلب منكم أن لا تلتمسوا العون من أرواح ميتة، لا ولن تجدي نفعاً. الله كفيلنا، ويخبرنا دائماً أثناء النّداء إلى الصلاة «حي على الصلاة حي على الفلاح» فكل من يدعوه أو يطلبه يهديه ويدخله إلى جنات الخلد خالداً فيها أبداً. قال الشيخ صابر متولي: كلام جميل، لكنني غير مقتنع به، وأشك في أن أعمالي الصالحة تغنيني، من المؤكد أنها لن تفي بالمطلوب أثناء وزنها في يوم الدينونة، كما أنه من المحتمل أن لا تكون صالحة حسب قصد الله الرحمان الرحيم. لذلك لا أخفي عليكم بأنني أرغب في أن يتوسّط لي عيسى عند الله، ويكفّر عنّي، فالآية: «وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ» (الصافات 37: 107). تجول في ذهني منذ مدّة ولا أكف عن التفكير فيها.
تدخل الشيخ أحمد البعمراني مذكرا إياهم: هل تمعنتم وتدبَّرتم ولو مرة واحدة في الحوار الذي دار بين الله وعيسى في السماء بعدما رفعه سبحانه وتعالى إليه، فعيسى لم يبق بعيداً عن القدير بل وقف معه في نفس المستوى حيث كلّمه ربه بكل لطف، بالرغم من حساسية الحوار الدائر بينهما وأهميته، قال تعالى: «وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ...» (المائدة 5 : 116). تدخل الشيخ عبد السميع الوهراني: أسمعتم تجديف النصارى على الله، فالثالوث عندهم مركّب من الآب والأم والابن. ما أفظع أن تقول عن الله أنّه اتّخذ صاحبة وأنجب منها ولداً، وكل من يتفوّه بهذه الفرية اللَّعينة سيكون مصيره العذاب الأليم. أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي: معك كل الحق. إنّ عيسى لم ينطق بمثل هذا البهتان، ولا علّم أتباعه هذا الباطل. إنه ضلال، فالكنائس المسيحية كلها ترفض هذا التجديف رفضاً باتاً، كما أنّه لا يوجد ثالوث مكوّن من هذه العناصر، ربما يكون هذا من البدع المسيحية التي تظهر بين الحين والآخر، ودعت إلى هذه الأفكار غير الكتابية. فمن عهد محمد إلى الآن، وكل المسيحيين من مختلف المذاهب ورؤساء هذه الكنائس يرفضون هذا النوع من الثالوث، ولقد صدق محمد عندما هاجم هذا النوع من الثالوث المكون من «الأب والأم والابن» لأنّه بالحقيقة لا وجود له في الدنيا والآخرة. أضاف الشيخ أحمد البعمراني: إن أردتم أن نتكلم عن الثالوث كي ندرك معنى الله وكلمته وروحه، ونتيقّن بأنّهم وحدة فعلية متداخلة تعمل لتنفيذ بيّنات عيسى، أو نتكلم عن وحدة الجوهر التي تجمع بين الرحمة والرحمان الرحيم، فالتكلم عن الثالوث المبني على العلاقة الجنسية بهتان وعار. |
الجزء الأول: البحث بين طلاب الحق في النصوص القرآنية اللقاء الأول: مريم أم عيسى ابن مريم اللقاء الثاني: عيسى ابن مريم روح الله وكلمته اللقاء الثالث: علّم الله عيسى الكتب السماوية اللقاء الرابع: بيّنات عيسى المسيح وآياته اللقاء الخامس: أخلاق عيسى ابن مريم وصفاته اللقاء السادس: موت عيسى ابن مريم اللقاء السابع: بَعْث عيسى من بين الأموات ورفعه إلى الله |