رَحمَة الله

الأعمال الحسنة والإنابة

سأل الشيخ محمد الفيلالي:

اعلم أن الحسنات تذهب السيئات. هذا ما يخبرنا عنه القرآن، وكما حفظت من قبل:

«إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»    هود 11: 114).

 

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

من أين تعلم أن أعمالك الصالحة قد تكفيك، وهل هي فعلاً صالحة وفق الشروط التي يريدها الله؟ ربما سنقف أمام ديان العالمين حفاة عراة، وكلنا مذنبون هالكون لا محالة. اصحوا من سباتكم يا إخوة، ولا تنظروا إلى أنفسكم بأعين بشرية، بل بمنظار روحي.

أضاف الشيخ متولي صابر:

ليت الملايين من رؤوس الخراف، والجمال، والماعز، التي تذبح في عيد الأضحى، تجدينا نفعاً وتأتينا بكفارة، وتبرّرنا لتجنّبنا الحساب وعذاب السعير.

 

قاطع الشيخ عبد السميع الوهراني الكلام قائلاً:

لا وجود للنيابة في الدينونة، فكل واحد مسؤول عن نفسه، وكل نفس تقف أمام ربها. ألا تقرأون القرآن، إذ ذكر فيه خمس مرات قوله:

«وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»

 سورة الانعام 6: 164 والاسراء 17 : 15 وفاطر 35 : 18 والزمر 39 : 7 والنجم 53 : 38).

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

حمداً لله على أنّنا قرأنا مرتين في القرآن الكريم، أنّ الله منح وأوجد النيابة لحمل الخطايا والدينونة. فالآية الأولى مكتوبة في سورة «المائدة» وجاء ذكرها عندما هدّد قابيل ابن آدم أخاه هابيل بالقتل، أجابه هابيل أنّه يخاف الله رب العالمين، وأنّه لن يجازيه أو يعامله بالمثل. لكنه طلب من الله أن يضع خطيته وخطية القاتل على الظالم حتى يكون حسابه عسيراً ومضاعفاً في جهنم. هذه الآيات تبرهن إمكانية النيابة في الدينونة:

«لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ»)   المائدة 5: 28-29).

 

سأل الشيخ عبد الله السفياني:

قلت بأن هناك آيتين في القرآن، لكنك ذكرت آية واحدة، فأين الآية الثانية التي تتطرق إلى النيابة والكفارة من أجلنا؟

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

عندما حاول إبراهيم المسلم الأول أن يقدّم ابنه ذبيحة لله بعدما امتحنه الله في هذا الأمر، في اللحظة التي كان ينوي فيها إبراهيم وضع السكين على رقبة ابنه، أوقفه القدير عن إتمام هذا العمل، وأكّد له الملاك وبشكل بارز قوله:

«وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ»                                              الصافات 37 :107).

قد فدى الله بهذه الذبيحة أبناء العرب، وحسب هذا الوحي قد فدى الله ابن إبراهيم بذبيحة واحدة عظيمة.

سأل الشيخ محمد الفيلالي:

ما معنى قوله: «فديناه»؟؟

أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

الفدية هي قدر من المال يقدّم لتحرير عبد من عبوديته، أو لدفع ديون مستحقّة في ذمة أصدقاء أو أقرباء.

سأل الشيخ عبد الله السفياني:

وما معنى كلمة: «وفديناه بذبح عظيم»؟؟

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

منح الله لإبراهيم كبشاً ليذبحه عوضاً عن ابنه، غير أنّ الكبش ليس معادلاً لقيمة الإنسان، حتى يفديه وينجيه من دينونة الله. كما أن كل الخرفان والجمال المذبوحة في عيد الأضحى هي غير كافية لتوازي قيمة أب المسلمين. كما نجد اختلافات متعددة بين المفسرين عن شخصية الذبيح العظيم واختلاف الآراء حولها.

قال الشيخ عبد السميع الوهراني:

أخبرنا رسولنا محمد أنّ الذبيح هو إسماعيل، فقد ورد في الحديث الشريف قول النبي «أنا ابن الذبيحين»، أي إسماعيل وأبوه عبد الله.

أضاف الشيخ أحمد البعمراني:

جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية «وفديناه بذبح عظيم» أنّ الذبيح هنا كان إسحاق، أما الطبري وابن كثير فقالوا بأنّ الذبيح هو إسماعيل. بالإضافة إلى هذا نجد أحاديث نبوية كثيرة مرة تخبرنا بأنّ الذبيح هو إسحاق ومرة بأنّ الذبيح هو إسماعيل. روى الإمام أحمد في مسنده، بباب «مسند بني هاشم» الحديث رقم: 2658 = حدثنا يونس أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثم أتى الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثم أتى الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، فلما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق قال لأبيه يا أبت أوثقني لأن لا أضطرب فينتضح عليك من دمي إذا ذبحتني فشدّه فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه نودي من خلفه (أن إبراهيم قد صدقت الرؤيا). وهناك أحاديث أخرى تخبرنا بأنّ الذبيح هو إسماعيل.

أجاب الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

معذرة، لن نختلف في اسم الذبيح، مع العلم بأنّ الأحاديث صادرة عن الرسول محمد، لكن الأمر المهم أنّ الكبش ناب عن الشخص المقدمّ للذبح. ولقد سمعت من مصادر موثوقة أنّ يحيى ابن زكريا رأى عيسى ابن مريم مقبلا نحوه، فألهمه روح الله كلاماً روحياً: «هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم». لو صدق الخبر فهل عيسى هو الذبح العظيم الثاني الذي فدى إسماعيل وذريته؟

قال الشيخ متولي صابر:

لم يقصد الله في خطابه هذا الكبش المذبوح الذي أنزله على إبراهيم حتى يذبحه نيابة عن ابنه، لأن العليم تعالى تكلّم بصيغة الماضي أي أنه «قد فدى» إسماعيل أو إسحاق بذبح عظيم قبل أن يقوم إبراهيم بذبح الكبش.

قام الشيخ عبد السميع الوهراني من مكانه لاعناً الجمع:

لماذا لا تصبحون من أتباع عيسى؟؟ ماذا تنتظرون؟ لقد حرّفتم الكلام، وقلبتم كل التفاسير والأحاديث، وزغتم عن أركان الدين الصحيح، فمأواكم جهنم وبئس المصير.

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

أيها الأخ الحبيب، إننا نقرأ القرآن بانتباه ونتدبّر في آياته، فنحن لا نردد الآيات مثل الببغاء الذي لا يستوعب ما يقول، بل نسعى إلى إيجاد الأجوبة الشافية عن الأسئلة المطروحة في هذا اللقاء، ونسأل عن معنى كل كلمة على حدة مع إبراز الآيات المتضاربة وأقوال المفسرين عن هذه الآيات. فلا تحسبن نفسك بأنك المسلم الوحيد بيننا. كلنا مسلمون أمناء نؤمن بالله الخالق الحاكم والديان، ونؤمن بملائكته، وبكتبه، وبرسله، وباليوم الآخر، وبالقضاء خيره وشره. لكن كلما تعمّقت في سيرة عيسى حسب القرآن، أدركت بشكل جلي وواضح أنه بالفعل هو آية الله لكل الناس ورحمته المتجسدة للجميع. فلا تتعنّت وتعرض عن .إدراك الحق، وأن المصلوب هو الذبح العظيم لأجل فداء إسماعيل وأبنائه، وأنه آية الله العظمى

الصفحة الرئيسية

الافتتاحية: رؤيــا

الجزء الأول: البحث بين طلاب الحق في النصوص القرآنية

اللقاء الأول: مريم أم عيسى ابن مريم

اللقاء الثاني: عيسى ابن مريم روح الله وكلمته

اللقاء الثالث: علّم الله عيسى الكتب السماوية

اللقاء الرابع: بيّنات عيسى المسيح وآياته

التكلّم في المهد

خلق الطير

إبراء الأكمه والأبرص

إحياء الموتى

بصيرة نافذة ثاقبة

المائدة السماوية

مجدّد الأذهان

أم المعجزات

اللقاء الخامس: أخلاق عيسى ابن مريم وصفاته

بارُّ بأمه

وديع ومتواضع القلب

مشفق على المساكين

رحمة من الله

لا يتاجر بكلمة الله

غلامٌ زكيٌّ

أحيا الجميع

عزوبية عيسى

رجل السلام

اللقاء السادس: موت عيسى ابن مريم

وفاة عيسى ومكر الله

صلب عيسى

شُبِّه لهم

الفصح في التوراة

غضب الله على الجميع

الأعمال الحسنة والإنابة

اللقاء السابع: بَعْث عيسى من بين الأموات ورفعه إلى الله

رفع عيسى

وجيه في الدنيا والآخرة

تحقيق كفارة عيسى

شفاعة عيسى

عيسى بين البنوّة و الولادة - مجيء عيسى لثاني

الصفحة الرئيسية