رَحمَة الله

اللقاء الأول: مريم أم عيسى ابن مريم

افتتح الشيخ عبد العليم الشرقاوي الحوار قائلاً:

تتميز أم عيسى المسيح، مريم بنت عمران، بمكانة عالية بل تعتبر أفضل نساء هذه الدنيا والآخرة:

«وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»            (آل عمران 3: 42).

قال الشيخ محمد الفيلالي:

يظهر أنّه تعالى لم يقتصر اهتمامه على الأنبياء الرجال فحسب بل اختار النساء أيضاً.

أجابه الشيخ أحمد البعمراني:

بالطبع، وكما قيل من قبل، فمريم تعتبر المرأة الوحيدة المختارة والمفضّلة بين النساء، سواء في هذه الدنيا أو في الآخرة، لأنها الوحيدة التي لم ينخسها الشيطان أثناء ولادتها لعيسى المسيح، كما ورد في الحديث النبوي.

 

أضاف الشيخ عبد الله السفياني:

لقد دقّقت البحث في كل سور القرآن، فلم أجد أي اسم لامرأة أخرى ورد فيه سوى اسم مريم بنت عمران.

قال الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

إنّ الله سبحانه وتعالى تقبّل هاته الإبنة واصطفاها منذ ولادتها، ووضعها تحت حمايته هي وذريتها ليحفظهم من نخس الشيطان ووسوسته وتجاربه، كما نقرأ:

«وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم»    (آل عمران 3: 36).

سأل الشيخ محمد الفيلالي:

هل تعني هذه الآية أنّ مريم كانت طاهرة وعاشت بدون خطيئة، لأنّ أمها وضعتها منذ ولادتها تحت العناية الإلهية لتعتني بها وتحفظها من الشرير وأعوانه؟؟

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

كلا، لأنّ ربها طهّرها واصطفاها على نساء العالمين، كما نقرأ:

«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»    (آل عمران 3: 42).

قال الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

تقبّل الله البنت لتنمو تحت حمايته ولطفه وهذا يعتبر امتيازاً عظيماً لم تنله بنت قبلها ولا بعدها، إذ ورد في القرآن:

«فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا»    (آل عمران 3: 37).

أجاب الشيخ متولي صابر:

قرأت في سورة آل عمران أنّ مريم كانت تداوم في المسجد وتقضي الساعات الطوال وهي تصلّي في المحراب صُبحاً وظهراً ومساءً،بلا انقطاع، فيرسل إليها الرزاق روحاً منه يرزقها يومياً كل ما تحتاجه بغير حساب:

«فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ»  (آل عمران 3: 37).

تنهّد الشيخ محمد الفيلالي:

ليت إحدى نسائي تُصلّي مثل مريم باستمرار، حتى يرسل الرزاق روحه إلى باب بيتنا ويرزقنا كل احتياجاتنا، لتخفف عني الأتعاب والمشقات.

 

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

عندما تقرأ في سورة آل عمران تجد فيها كلمة جدّ غريبة ومثيرة:

«إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ»   (آل عمران 3: 45).

هل هذا الوحي يعني أنّ الله هو المبَشِّر الأول لأنّه أوحى هذا الخبر لجميع الناس من خلال مريم العذراء؟؟

قام الشيخ عبد السميع الوهراني من مكانه معترضاً:

هل تدَّعي بأنّ امرأة تلقّت وحياً مباشراً من الله، وهل تعتبر مريم نبيَّة؟؟

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

طبعاً، إنّ لله كل الحق أن يمنح لامرأة وحياً بعدما يكون طهّرها واصطفاها، كما لا يقتصر الدخول إلى الجنة على الرجال فقط بل أيضاً على الزوجات الطاهرات المتضرّعات إلى الله.

اقرأ أيضاً (البقرة 2: 25 وال عمران 3: 15).

أضاف الشيخ محمد الفيلالي:

اختار العلماء اسم مريم كعنوان لإحدى السور القرآنية «سورة مريم، وهي مكية،وترتيبها 19، وعدد آياتها 98» حتى أصبح اسمها متداولاً بين المؤمنين، إذ يعرفونها ويقرأون عنها، وليس هناك اسم امرأة أخرى مُكّرماً مثل اسمها سواء في هذه الدنيا أو في الآخرة.

قال الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

عندما نقرأ في سورتي الأنبياء والمؤمنين نجد أنّ الله جعل من والدة عيسى آية «آية الله» وهذا اللَّقب أعلى شرفاً وقدراً من بعض الأنبياء. لقد أراد الرب أن يصنع آية فريدة أمام الناس:

«وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ»     (الأنبياء 21 :91).

«وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ»   (المؤمنون 23 :50).

سأل الشيخ عبد السميع الوهراني:

هل تقصد بهذا القول أنّ مريم ليست فقط أفضل النساء بل هي قمّة الأنبياء؟؟

أجاب الشيخ أحمد البعمراني:

طبعاً لا، إنما الله تحنَّنَ على هذه المتضرّعة، فاسمها يحمل معاني مختلفة، من بينها: «الـمُـرَّة» فبشَّرها بكلمته، وكما تقرأ في سورة الأنبياء إنها خاتمة سلسلة الأنبياء من إبراهيم إلى موسى وداود ويونس وزكريا، ومن الغريب فعلاً أن يختار الله عذراء ويجعلها آية للناس حسب قوله:

«وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ»     (الأنبياء 21 :91).

أضاف الشيخ عبد العليم الشرقاوي:

إنّ هدف اختيارها من الله لا يرجع إليها ولا إلى أسرتها بل إلى ابنها عيسى، إذ نجد أنّ اسم مريم قد ذكر 34 مرّة في القرآن، منها 23 مرة مقروناً بابنها « عيسى ابن مريم»، أما اسمها بمفرده فقد ذكر 11 مرة فقط. فالله دعاها وحماها وأكرمها لتلد عيسى لمجده تعالى.

ردّ الشيخ عبد السميع الوهراني:

لو كانت تُصلّي وتركع مع الرَّاكعين لما منحها تعالى مقاماً أسمى من المؤمنات الأخريات، لكنها أظهرت نفسها مسلمة خاضعة لله:

«يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ»   (آل عمران3: 43).

لخص الشيخ أحمد البعمراني أقوال المجتمعين قائلاً:

يدفعنا التَّعمق الذي قُمنا به في كل آيات القرآن المختصة بمريم والدة عيسى المسيح إلى القول بأنّها قدوة لنساء العالمين ومَثلهن الأعلى، فالله رفعها إلى أعلى رُتبة وجعلها آية للعالمين. فلا نتعجّب أو نستغرب إن أصبح ابنها من بعدها ذا مرتبة سامية وصار آية الله للعالمين.

 

الصفحة الرئيسية

الافتتاحية: رؤيــا

الجزء الأول: البحث بين طلاب الحق في النصوص القرآنية

اللقاء الأول: مريم أم عيسى ابن مريم

اللقاء الثاني: عيسى ابن مريم روح الله وكلمته

اللقاء الثالث: علّم الله عيسى الكتب السماوية

اللقاء الرابع: بيّنات عيسى المسيح وآياته

التكلّم في المهد

خلق الطير

إبراء الأكمه والأبرص

إحياء الموتى

بصيرة نافذة ثاقبة

المائدة السماوية

مجدّد الأذهان

أم المعجزات

اللقاء الخامس: أخلاق عيسى ابن مريم وصفاته

بارُّ بأمه

وديع ومتواضع القلب

مشفق على المساكين

رحمة من الله

لا يتاجر بكلمة الله

غلامٌ زكيٌّ

أحيا الجميع

عزوبية عيسى

رجل السلام

اللقاء السادس: موت عيسى ابن مريم

وفاة عيسى ومكر الله

صلب عيسى

شُبِّه لهم

الفصح في التوراة

غضب الله على الجميع

الأعمال الحسنة والإنابة

اللقاء السابع: بَعْث عيسى من بين الأموات ورفعه إلى الله

رفع عيسى

وجيه في الدنيا والآخرة

تحقيق كفارة عيسى

شفاعة عيسى

عيسى بين البنوّة و الولادة - مجيء عيسى لثاني

الصفحة الرئيسية